تضاربت التقديرات حول مدى إلزامية قرار البرلمان العراقي في شأن إلغاء انتخابات الخارج وإجراء عملية العد والفرز اليدوي لـ10 في المئة من صناديق الاقتراع، فيما كشف زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي وصل إلى الكويت أمس، عدم اكتمال تحالفات تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، محذراً في الوقت ذاته من التدخلين الإيراني والأميركي في تشكيل الحكومة. وكان البرلمان العراقي نجح في عقد جلسة أول من أمس بحضور 168 نائباً، وقرر إلغاء نتائج الانتخابات في الخارج، وإلزام مفوضية الانتخابات إجراء العد والفرز اليدويين بنسبة 10 في المئة من صناديق الاقتراع، وإعادة العد والفرز اليدوي للمحطات التي تم استبدال ذاكرة تخزين المعلومات (اس دي رام) فيها في كركوك والمحطات التي أُلغيت نتائجها بالمناطق المتنازع عليها، والتأكد من عملية مطابقة البيانات الإلكترونية مع بيانات الصناديق. واشترط، في حال كانت نسبة عدم تطابق النتائج تفوق 25 في المئة، إجراء العد والفرز اليدوي لكل صناديق الاقتراع في كل المحافظات. وشمل القرار إحالة من يثبت تورطه بالإخلال بعدالة ونزاهة العملية الانتخابية، على القضاء تمهيداً لمحاسبته. وكان مجلس الوزراء العراقي قرر في وقت سابق تشكيل لجنة أمنية ورقابية من مؤسسات الدولة للتحقق من حدوث عمليات تزوير، وقالت المصادر إن تلك اللجنة بصدد تقديم توصيات مشابهة لتلك التي قررها البرلمان العراقي. ومع أن هذا التطور في مسار الانتخابات، يطعن بعمق بصدقية العملية الانتخابية، فإن قانونيين يرون أن تطبيقه يُعد أمراً عسيراً، إذ لا يمتلك مجلس الوزراء ولا البرلمان العراقي سلطة إلغاء نتائج الانتخابات، لأن هذه مهمة حصرية لمفوضية الانتخابات، وللجنة القضائية التمييزية التي شكلها مجلس القضاء الأعلى للبت في الطعون المقدمة حول النتائج. ويبدو أن مفوضية الانتخابات تخوض صراعاً مصيرياً حول نسب الاعتراض على النتائج والطعونات المقدمة في شأن حدوث تزوير ممنهج لصالح جهات مختلفة. وتؤكد مصادر من داخل المفوضية ان حالاً من الارتباك تسود اوساطها، بين التمسك بالنتائج المعلنة والاصرار عليها، ما يعني احتمال تصويت مجلس النواب على حلها قبل نهاية مدته، ما يقود إلى تشكيل لجنة جديدة تنفذ قرارات المجلس، وبين الاستجابة لقرار البرلمان، ما قد يكشف خروقاً كبيرة تطعن العملية الانتخابية برمتها، وتهدد مصير أعضاء المفوضية أنفسهم. ووسط هذا الارتباك، أكد خبراء قانونيون أن قرار البرلمان الخاص بإلغاء انتخابات الخارج، التي شملت حوالى 179 ألف ناخب من بين نحو 10 ملايين شاركوا في الاقتراع الذي أجري في 12 الجاري، يحتاج الى قانون جديد من البرلمان العراقي، وهو أمر صعب. لكن هؤلاء أقروا بسلطة البرلمان الرقابية، وفق الدستور، في إجبار المفوضية على إجراء عملية العد والفرز اليدوية بديلاً عن الإلكتروني. وتُربك التطورات الحالية مفاوضات تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، رغم استمرار الحوارات واللقاءات حولها. وتُجمع الاطراف السياسية على عدم التوصل حتى الآن إلا إلى تفاهمات أولية بين تيارين، يجمع الأول الصدر ورئيس الحكومة حيدر العبادي وزعيم تيار «الحكمة» عمار الحكيم، فيما يجمع الثاني بين زعيم ائتلاف «دولة القانون» نوري المالكي ورئيس كتلة «الفتح» هادي العامري. ولكن تلك التفاهمات لا يمكن أن ترقى إلى إعلان تحالف الكتلة الأكبر الذي قد ترجأ المشاورات الجادة في شأنه إلى ما قبل ساعات من انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، والتي لن تُعقد قبل تصديق المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية، وهي قضية ما زال الجدل حول إمكان تحققها قريباً، قائماً في ضوء الطعون المقدمة والمطالبات بالعد والفرز اليدويين. في هذا الصدد، عبر الصدر، زعيم كتلة «سائرون» الفائزة في الانتخابات، للمرة الأولى عن نوع من الإحباط من سير مفاوضات تشكيل الكتلة الأكبر. وقال في إجابة على سؤال لأحد انصاره حول مسار المفاوضات قبل توجهه إلى دولة الكويت في زيارة رسمية: «لا تنتظروا مني الكثير، خصوصاً أن ما قدم ليس بكثير». وفي إجابة أخرى، اعتبر أن الحديث عن ذهاب كتلة «سائرون» إلى المعارضة ما زال مبكراً. وفي إجابة ثالثة، دعا «إيران إلى عدم التدخل في الشأن العراقي الداخلي»، معتبراً أنها دولة جارة تخاف على مصالحها، فيما الولايات المتحدة «دولة محتلة لا يُسمح لها بالتدخل إطلاقاً». وتأتي زيارة الصدر الكويت بعد أيام من زيارة الحكيم إليها.
مشاركة :