واشنطن وموسكو تسعيان لوضع الترسانة الكيماوية السورية على طاولة المفاوضات

  • 9/10/2013
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

لندن: مينا العريبي موسكو: «الشرق الأوسط» في وقت تبدو الإدارة الأميركية عازمة على بذل جهود واسعة لإقناع الكونغرس على منحها تفويضا للقيام بضربة عسكرية ضد سوريا، أدى تصريح أدلى به وزير الخارجية الأميركي جون كيري في لندن صباح أمس إلى انطلاق تكهنات حول إمكانية وقف الضربة مقابل تسليم نظام الرئيس السوري بشار الأسد ترسانة الأسلحة الكيماوية لتكون تحت مراقبة «المجتمع الدولي» بحسب كيري. وسارعت روسيا أمس إلى دعم هذا المقترح، بل تبنيه, على الرغم من إصرار وزارة الخارجية الأميركية بأن تصريح كيري كان «افتراضيا» وليس عرضا محددا. وبعد أن قالت وزارة الخارجية الأميركية إن كيري كان يتحدث بشكل مجازي عن استحالة أن يسلم الأسد الأسلحة الكيماوية، باتت وزارة الخارجية الأميركية والبيت الأبيض يشيرون إلى إمكانية تخلي النظام السوري عن الأسلحة الكيماوية بأنه «عرض روسي». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هاري إن بلادها ستنظر إلى تصريحات لافروف والمعلم على الرغم من «شكوك بجدية» العرض وقد يكون «وسيلة لإضاعة الوقت»، وأضافت أن كيري تحدث مع لافروف أمس، من دون التوضيح إذا كانا قد نسقا موقفيهما مسبقا. أما نائب مستشار الأمن القومي الأميركي أنتوني بلينكين، فصرح بأن «من الواضح أن هذا العرض يأتي في إطار التحرك الأميركي والضغط الذي يفرضه الرئيس الأميركي». وتمسكت دمشق بطوق النجاة، وأعلنت فورا استعدادها لوضع مخزونها من الأسلحة الكيماوية تحت الرقابة الدولية. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي دعا إلى مؤتمر صحافي إنه نقل الفكرة بالفعل إلى نظيره السوري وليد المعلم أثناء محادثات في موسكو وإن روسيا تتوقع «ردا سريعا.. وأتمنى أن يكون إيجابيا». وبينما كان محور التصريحات الأولى لوزير الخارجية الأميركي في مستهل مؤتمره الصحافي مع وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ عن ضرورة توجيه ضربة عسكرية «تدفع» نظام الأسد للتفاوض، سألت صحافية أميركية كيري عما يمكن أن يقوم به نظام الأسد لتجنب ضربة عسكرية. فأجاب كيري دون تردد: «يمكنه أن ينقل كل جزء من أسلحته الكيماوية إلى المجتمع الدولي خلال أسبوع، ينقلها كلها، من دون تأخر ويسمح برصد كلي لها»، مضيفا: «لكنه لن يفعل ذلك ولا يمكن فعل ذلك بالطبع». وبعد أن انشغل الإعلاميون بمحاولة معرفة إذا كان هذا التصريح عرضا للنظام السوري، أو شبه إنذار بإطار زمني مدته أسبوع قبل إطلاق الضربة التي لم يحدد موعدها بعد، شددت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية جنيفر بساكي على الطابع «الافتراضي» لموقف كيري، مشيرة إلى أنه لا يمكن قراءته أنه مهلة أو عرض للتفاوض موجه إلى «ديكتاتور وحشي» غير أهل للثقة، بحسب تعبيرها. وأضافت المتحدثة: «وزير الخارجية قدم طرحا افتراضيا بشأن استحالة واستبعاد رؤية الأسد يسلم أسلحته الكيميائية التي نفى استخدامها. لو أنه احترم القوانين الدولية السارية منذ مائة عام، ما كان بدأ باستخدام أسلحة كيميائية لقتل أكثر من ألف رجل، (امرأة وطفل)». وتواجه الإدارة الأميركية حرجا بعد تصريحات كيري، إذ سعت أمس للتقليل من أهميتها، على الرغم من تجاوب لافروف الفوري معها. وزاد الإرباك حول مقترح تسليم الأسلحة الكيماوية، جاء تصريح من صفحة عبر موقع «تويتر» الإلكتروني، يدعي أنه تابع للمبعوث العربي - الأممي الأخضر الإبراهيمي يقول فيه إن الحكومة السورية على استعداد لتسليم الأمم المتحدة أسلحتها النووية. ولكن ظهر خلال أقل من ساعة من الزمن أن الصفحة زائفة ولا تعود للإبراهيمي. وبعد أن تناقل الإعلاميون التصريح، أفاد الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة عبر صفحته الموثقة الخاصة على موقع «تويتر» أن «مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية الإبراهيمي ليس لديه صفحة على (تويتر)»، تابعوا الناطق باسم الأمم المتحدة وصفحة الأمم المتحدة للحصول على الأخبار الرسمية. وبعدها بقليل، عطلت شركة «تويتر» الحساب الزائف خشية من تداعيات سياسية لأي تغريدات - أو تصريحات تزيد من الإرباك في الموقف الدولي المتقلب تجاه الأزمة السورية. ومن جهته، عقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في نيويورك مؤتمرا صحافيا طالب فيه الحكومة السورية بـ«الموافقة الفورية» لنقل الأسلحة الكيماوية إلى «مكان آمن» من أجل التخلص منها بإشراف دولي. وتمسك النظام السوري بالمقترح؛ إذ رحب وزير الخارجية السوري وليد المعلم فورا بالمبادرة الروسية بوضع ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية تحت مراقبة دولية والتخلص منها لتجنب ضربات غربية ضد النظام السوري. وقال المعلم في مؤتمر صحافي عاجل وإلى جانبه نائبه فيصل المقداد ومستشارة الأسد بثينة شعبان، في موسكو: «ترحب القيادة السورية بالمبادرة الروسية انطلاقا من حرصها على أرواح مواطنيها وأمن بلدنا، ومن ثقتنا في حرص القيادة الروسية على منع العدوان على بلدنا». وكان وزير الخارجية الأميركي أقر، أمس، بأن توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا يحمل مخاطر، ولكن اعتبر أن عدم التحرك «مجازفة أكبر»، مشيرا إلى أن عدم التحرك للرد على استخدام السلاح الكيماوي في سوريا سيشجع «إيران وحزب الله والنظام السوري» على استخدامه مستقبلا. وفي مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ في العاصمة لندن، صباح أمس، شدد كيري على أن «خطورة عدم التحرك أكبر من خطورة التحرك، على الجميع أن يتوقف ويفكر بذلك». وبينما قال كيري إنه «يقدر» شعور من يعارض ضربة عسكرية على سوريا، فإنه شدد على أنها «لن تكون حربا»، بل سيكون «عملا عسكريا صغيرا». وأضاف: «الولايات المتحدة والرئيس (الأميركي باراك) أوباما وأنا وآخرون متفقون على أن نهاية النزاع في سوريا تتطلب حلا سياسيا، لا يوجد حل عسكري، لا توجد شكوك لدينا حول ذلك، ولكن يجب أن يتحقق الحل لأن الأطراف مستعدة للتفاوض على الحل السياسي». وتابع: «في حال يعتقد طرف أنه يستطيع محو أعداد لا تحصى من مواطنيه من دون محاسبة باستخدام الكيماوي، الذي حُرّم منذ نحو 100 عام، بسبب ما تعلمته أوروبا من الحرب العالمية الأولى.. إذا فعل ذلك من دون محاسبة، فلن يأتي لطاولة التفاوض». وأكد أن «الحل لن يأتي على ساحة القتال، بل على طاولة المفاوضات، ولكن علينا الوصول إلى تلك الطاولة». وشدد على أن بذلك «سنوات في السعي لجلب الأطراف إلى طاولة المفاوضات، وخلق نوع من الحل السياسي لأن تبقى هذه أولويتنا الأولى». واعتبر هيغ أنه لا يمكن «التوصل إلى حل سياسي في سوريا إذا سمح لنظام الأسد بالتخلص من المعارضة المعتدلة، وبحثنا طرقا يمكن أن نتبعها لمواصلة تنسيق دعمنا لهم». وكرر كيري سرد «الأدلة» التي تملكها بلاده حول استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا يوم 21 أغسطس (آب)، قائلا إن «نظام الأسد أعطى الأوامر للاستعداد لهجوم كيماوي»، وحمل الأسد مباشرة مسؤولية الهجوم. وأضاف أن «الأسلحة الكيماوية في سوريا مسيطر عليها بشكل وثيق جدا من قبل نظام الأسد.. إن بشار الأسد وشقيقه ماهر وقائدا عسكريا (لم يحدد هويته) لديهم السيطرة على تحرك واستخدام السلاح الكيماوي». وردا على سؤال حول نفي الرئيس السوري بشار الأسد استخدام السلاح الكيماوي، قال هيغ: «علينا أن نقع في خطأ وضع كثير من المصداقية في تصريحات زعيم (الرئيس الأسد) أشرف على كثير من جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.. والذي نفى كثيرا أحداثا حدثت فعلا، ورفض في السابق الاعتراف بوجود أسلحة كيماوية، والآن تم الاعتراف بها». وأضاف: «يجب أن لا نقع في فخ تصديق كل كلمة تخرج من فم رجل كهذا». وركز وزير الخارجية البريطاني على أنه على الرغم من قرار الحكومة البريطانية عدم المشاركة في أي عمل عسكري في سوريا، بناء على رفض البرلمان البريطاني لذلك، فإن لندن ما زالت تبذل جهودا واسعة لمعالجة الأزمة السورية. وقال هيغ إن هناك أربعة محاور أساسية تعمل عليها لندن، وهي «خلق الظروف لعملية سلام (جنيف 2) يمكن أن تؤدي إلى حكومة انتقالية في سوريا، ومعالجة الوضع الإنساني البائس، ودعم المعارضة السورية المعتدلة وإنقاذ الأرواح على الأرض، ورابعا العمل على التوصل إلى رد دولي لاستخدام السلاح الكيماوي».

مشاركة :