مهلت إيران مجموعة «توتال» الفرنسية شهرين للحصول على إعفاء من العقوبات الأميركية، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وفقاً لما أعلن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه في تصريح إلى موقع الوزارة الإخباري «شانا» أمس. وأوضح أن «عدم حصول «توتال» على الإعفاء سيدفع إيران إلى الاستعانة بشركة «سي أن بي سي» الصينية، لتحل مكان الشركة الفرنسية في مشروع «بارس الجنوبي» للغاز، ما يرفع حصة الشركة الصينية من 30 في المئة إلى أكثر من 80 في المئة». وقال زنغنه «لدى توتال 60 يوماً للتفاوض مع الحكومة الأميركية»، معتبراً أن في «إمكان الحكومة الفرنسية أيضاً الضغط على واشنطن». وأشار الوزير الإيراني، إلى أن «من شأن إبرام اتفاق مع أوروبا، حضّ مشترين محتملين آخرين على شراء النفط الإيراني». إذ لفت إلى أن «أوروبا لا تشتري سوى ثلث النفط الإيراني، لكن الاتفاق مع أوروبا مهم لحماية مبيعاتنا والحصول على تأمين للسفن التي تنقل الخام». وأكد أن «ذلك سيكون أيضاً مصدر إلهام لمشترين آخرين». وكانت شركة «لوك أويل» ثاني أكبر منتج روسي للنفط، أفادت أول من أمس، بأنها قررت «عدم المضي في خطط تطوير مشاريع في إيران، بسبب تهديد العقوبات الأميركية». إلى ذلك، انخفضت صادرات إيران من النفط الخام قليلاً هذا الشهر، وفقاً لتقديرات شركة رائدة في رصد الناقلات، في أول مؤشر إلى أن التهديد بفرض عقوبات أميركية على طهران ربما يثني المشترين. وتشير التقديرات الصادرة عن بترو- لوجيستيكس التي مقرها جنيف، أيضاً إلى أن مشتري النفط الإيراني لا يتعجلون خفض الكميات المشتراة من ثالث أكبر منتج في «أوبك». وللعقوبات الأميركية مهلة مدتها 180 يوماً على المشترين خفض مشترياتهم خلالها تدريجاً. وقال الرئيس التنفيذي لبترو- لوجيستيكس، دانيال جيربر في تصريح إلى وكالة «رويترز» «الصادرات انخفضت أكثر من 100 ألف برميل يومياً من المستويات المرتفعة جداً المسجلة في نيسان (أبريل)، لكن لا مؤشر إلى نزوح جماعي في الوقت الحالي». وتشير إيران إلى إنها صدرت 2.6 مليون برميل يومياً في نيسان وهو مستوى قياسي لم يُسجل منذ رفع العقوبات في كانون الثاني (يناير) 2016. ويذهب القدر الأكبر من صادرات الخام الإيرانية البالغ مالا يقل عن 1.8 مليون برميل يومياً إلى آسيا. وتذهب معظم الكمية المتبقية إلى أوروبا، وهي الكميات التي يتوقع المحللون والمتعاملون أن تكون أكثر عرضة لقيود العقوبات الأميركية. وقال جيربر «في الحقيقة، صادرات أيار (مايو) تظل مرتفعة جداً عن متوسط الشهور الـ12 السابقة، مع استمرار شركات التكرير الأوروبية في تحميل الشحنات خلال الشهر». وكان زنغنه قال في 19 الجاري إن صادرات النفط الإيراني لن تتغير إذا أنقذ الاتحاد الأوروبي الاتفاق النووي وهو ما يسعى الأخير إليه. لكن مصادر تجارية تتوقع أن تعوق مشكلات تتعلق بالتمويل تجارة النفط الإيراني مع تنامي قلق البنوك. من جهة أخرى، دشنت أذربيجان أول من أمس، جزءاً من مشروع طموح بكلفة 40 بليون دولار، سينشئ الطريق المباشرة الأولى لنقل الغاز، من أحد أكبر الآبار في العالم إلى أوروبا مع تفادي العبور في روسيا. وقال رئيس أذربيجان إلهام علييف في احتفال بثه التلفزيون الرسمي في محطة سانغاشال النفطية، «بهذا المشروع نحن نرسم خريطة طاقة جديدة في أوروبا». وهذه المحطة هي منشأة معالجة الغاز، وتقع على بعد 55 كيلومتراً جنوب غربي العاصمة باكو. ويرمي ممر الغاز الجنوبي لنقل الغاز لمسافة 3500 كيلومتر من بحر قزوين إلى أوروبا، من خلال ثلاثة خطوط أنابيب متصلة. فيما يسعى الغرب إلى تقليص اعتماده على الطاقة الروسية. ونوّه علييف، الذي حاز على إشادة الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، بـ «التعاون الإقليمي القوي بين أذربيجان وتركيا وجورجيا»، من أجل تنفيذ المشروع الذي يشمل سبع دول و11 شركة. وأوضح أن «هذا المشروع يأخذ في الاعتبار مصالح الجميع، من موردي الغاز ودول الترانزيت إلى المستهلكين». وأضاف في مراسم الاحتفال الذي حضره سفراء ومسؤولون أجانب، «لو لم يتحقق توازن للمصالح، لما كان المشروع موجوداً». وأعلن الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) محمد باركيندو، ضرورة أن «يعزز قطاع النفط العالمي الاستثمارات لضمان التكيف مع نمو الاستهلاك مستقبلاً، وتجنب أي نقص في الإمدادات». ولفت في مؤتمر في باكو، إلى أن «المرحلة الحرجة المقبلة التي تواجهنا في العملية برمتها، هي الحفاظ على إنجاز إعادة توازن السوق والانتعاش التدريجي في الاستثمارات وعودة الثقة في قطاعنا». وذكر أن «أحد أكبر التحديات وأكثرها وضوحاً، هو ضمان وجود مستويات ملائمة من الاستثمارات على نحو يمكن التنبؤ به». ولم يغفل باركيندو أن «وتيرة الاستثمارات تسارعت هذه السنة، لكن لا يوجد زخم كاف في المشاريع التي لها دورة اقتصادية طويلة، وهي أساس الإمدادات المستقبلية وكذلك مستقبل هذا القطاع». وقدّر قيمة الاستثمارات المطلوبة في قطاع النفط حتى عام 2040 «بنحو 10.5 تريليون دولار لتغطية الطلب المستقبلي على النفط»، المتوقع أن «يتجاوز 111 مليون برميل يومياً». وشدد على ضرورة «بذل الجهود لتجنب فجوة محتملة في الإمدادات». وفي الأسواق، سجلت أسعار النفط استقراراً أمس، بعدما انخفضت في شكل ملحوظ في الأيام الأخيرة، بفعل مخاوف من أن تضخ السعودية وروسيا مزيداً من الخام في النصف الثاني من السنة، بعد هبوط مخزون النفط العالمي وارتفاع الأسعار». وأظهرت بيانات لـ «رويترز»، أن علاوة خام برنت في عقود شهر أقرب استحقاق فوق خام دبي انخفضت إلى 3.10 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى لها في خمسة أشهر. وأفادت بأن العلاوة السعرية في تموز (يوليو) المقبل تراجعت 18 سنتاً عن إغلاق السوق الإثنين، لتتدنى تماشياً مع نزول فارق السعر بين عقود برنت الآجلة تسليم تموز وعقود آب (أغسطس). ويشجع تقلص الفارق بين برنت ودبي شركات التكرير الآسيوية، على شراء مزيد من الخام من حوض الأطلسي ويفرض ضغوطاً نزولية على فوارق الأسعار الفورية للخامات المرتبطة بدبي، المنتجة في الشرق الأوسط وروسيا. وعوض خام القياس العالمي مزيج «برنت» خسائره المبكرة ليرتفع سنتاً واحداً إلى 75.40 دولار للبرميل، بعد تداوله منخفضاً عند 74.81 دولار للبرميل. وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي عشرة سنتات إلى 66.83 دولار للبرميل.
مشاركة :