تتوالى النكسات والنكبات على نظام الملالي الجاثم على صدر الشعب الإيراني، فبعد الضربات الموجعة التي تعرضت لها ميليشياته «الحوثية» العميلة في اليمن، والتدمير الذي تعرضت له قواعده في سوريا، جاءت نتائج الانتخابات البرلمانية في العراق كصفعة قوية في وجه النظام الذي ظن أن الورقة العراقية باتت في جيبه، فقد فازت كتلة «سائرون» بزعامة مقتدى الصدر بالعدد الأكبر من مقاعد البرلمان وأعلن «الصدر» أنه سيسعى لتشكيل حكومة وحدة وطنية بعيدة عن المحاصصة الطائفية والأيديولوجيات المذهبية، وهذا آخر ما تريده «طهران» التي لم تخف يوماً عدائها للصدر واعتباره متمرداً على مرجعياتها بسبب نزعته الاستقلالية وإصراره على سيادة القرار الوطني العراقي. وقلق النظام الإيراني الشديد من تبعات الانتخابات في العراق جعل «الملالي» يرسلون على وجه السرعة الجنرال قاسم سليماني إلى بغداد ليحاول إقامة تحالف مضاد للصدر يجمع قوى التشدد الطائفي الموالي لإيران، لكن الشعب العراقي بكل مكوناته الشيعية والسنية والكردية لم يعد يقبل تدخلات إيران في شؤونه أو أن يكون العراق تابعاً ذليلاً لإيران تمسخ هويته وتنهب ثرواته من خلال العملاء الفاسدين وتستغله في خدمة مصالحها على حساب مصالح شعبه الوطنية. خروج العراق من عباءة ملالي طهران بات قريباً وهو سيجرد النظام الإيراني من أهم مكاسبه في المنطقة، لكن هذه الخسارة الكبيرة تتضاءل أمام القنبلة التي فجرها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو وهو يعلن إستراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه إيران، فقد وضعت واشنطن ١٢ شرطاً على إيران الوفاء بها وإلا فإنها ستتعرض لعقوبات لم يسبق لها مثيل وإذا أعادت إيران إحياء برنامج تخصيب اليورانيوم فإن العقوبات السياسية والاقتصادية قد تتطور إلى حسم عسكري. والشروط الأمريكية صيغت بعناية وهي في مجملها ستجرد النظام الإيراني من الوسائل والأدوات التي يستخدمها في نشر الإرهاب وتسليح الميليشيات العميلة في دول المنطقة وابتزاز هذه الدول والتدخل في شؤونها بما في ذلك برامج الصواريخ الباليستية. وبهذه القائمة من الشروط الصارمة تكون الولايات المتحدة قد حشرت النظام الإيراني في زاوية ضيقة ستؤدي في كل الأحوال إلى سقوط النظام وهو هدف لم يعد خافياً حتى على قادة النظام الإيراني أنفسهم. النظام الإيراني لا يملك أي خيارات لمواجهة هذا التهديد فالرهان على الأوروبيين رهان خاسر منذ البداية، وبريطانيا وألمانيا وفرنسان لن تدعم نظام الملالي في مواجهة الولايات المتحدة، والروس والصينيون سيكتفون بالتحذير من التصعيد، والجيش الإيراني لا قبل له بمواجهة القوة العسكرية الأمريكية الضاربة. والنظام بشكله الحالي يلفظ أنفاسه والشعب الإيراني يتطلع إلى التخلص منه وشرارة الانتفاضة الشعبية ما زالت مشتعلة والأشهر القليلة القادمة حبلى بالمفاجآت.
مشاركة :