«الوطني» سبيل إشراك المواطنين في صنع القرار

  • 6/2/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

العين: راشد النعيمي كان مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حريصاً على تلمس احتياجات المواطنين ومشاركتهم جميع تفاصيل حياتهم اليومية كرب أسرة كبيرة يهتم لكل التفاصيل الصغيرة، ويسعى لأن يكون أبناؤه المواطنون في أفضل حال تتوفر لهم جميع الخدمات، وأن تصل آراؤهم وملاحظاتهم له في زياراته الميدانية ومجالسه العامة ولقاءاته التي لا تنقطع بهم.من أجل ذلك حرص المؤسس منذ بداية انطلاق الدولة على أن تحتل مكانتها المرموقة بين الأمم، من خلال بناء جميع مؤسساتها، تعزيزاً لمسيرة الاتحاد وترسيخاً لشعور الوحدة والانتماء لوطن واحد معطاء يتفانى أبناؤه في خدمته لتبقى مكانته الراسخة بين الشعوب، وتحقيقاً لهذا الحلم آمن المغفور له الشيخ زايد أن بناء الدولة لا يتحقق إلا بمشاركة المواطنين في صنع القرار، فتم إعلان الدستور المؤقت للدولة الذي نص في مادته «45» على أن المجلس الوطني الاتحادي هو السلطة الاتحادية الرابعة من حيث الترتيب في سلم السلطات الاتحادية الخمس المنصوص عليها في الدستور وهي: «المجلس الأعلى للاتحاد ورئيس الاتحاد ونائبه ومجلس وزراء الاتحاد والمجلس الوطني الاتحادي والقضاء الاتحادي».منذ اللحظات الأولى التي تسلّم فيها المغفور له الشيخ زايد مقاليد الحكم أدرك قيمة المشورة وتبادل الرأي فيما يخص قضايا الوطن والمواطنين، فالشورى من أهم ما ترسخ في عقله وقلبه، وهو نهج ارتضاه في الحكم وأسلوب طبقه في إدارة البلاد ووضع نصب عينيه قضية تلمس احتياجات المواطنين، وكانت إحدى أهم الركائز الأساسية التي اهتم بها وكان يتابع باهتمام أعمال المجلس الوطني الاتحادي، والذي كان يرى فيه وجه الأمة ويسمع من خلاله نبضها، ويتعرف إلى فكر ورأي أبناء وطنه، ويقف على وجهات نظرهم والآراء التي تدور في فكرهم وعلى لسانهم.وواكب المجلس مسيرة البناء والتقدم والتطور في دولة الإمارات منذ تأسيسه في 12 فبراير 1972م مع انطلاق دولة الاتحاد، وساهم بتوجيه الشيخ زايد وإخوانه المؤسسين الأوائل، رحمهم الله، في تأسيس علاقة متميزة بين السلطات الاتحادية والمحلية استهدفت إطلاق طاقات الشباب، وتحقيق التنمية الشاملة لجميع فئات المجتمع عبر سن تشريعات وقوانين عززت فاعلية عمل مختلف الأجهزة التنفيذية، وشجعت الاستثمار في مجالات التنمية البشرية وتطوير آليات المشاركة السياسية والعمل التطوعي، مما مكّن المجلس من أن يكون إحدى الدعائم الأساسية للتجربة الاتحادية الإماراتية في المشاركة والتنمية. دستور شامل وحرص الشيخ زايد على تضمين الدستور عدداً من المواد المتعلقة بالمجلس الوطني، والتي تعبر تعبيراً دقيقاً عن نهج الشورى في دولة الإمارات وفي فكره، فقد كان يطالب دائماً بإتاحة الفرصة أمام كل عضو من أعضاء المجلس ليقول رأيه بصراحة تامة، ويعبر عن مطالب واحتياجات المواطنين بأمانة مطلقة، وكان يوجه أعضاء المجلس بالتفاني في خدمة الدولة والتعاون مع جميع مؤسسات الدولة ومع الوزراء لتعزيز دور وسيادة الدولة.وحدد في الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الأول للمجلس الوطني مهام المجلس ودوره بقوله: «في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة التي يجتمع فيها مجلسكم الموقر، فإن جماهير الشعب على هذه الأرض الطيبة المؤمنة بربها ووطنها وترابها تتطلع إليكم، واثقة من أنكم بعون الله ستشاركون في تحقيق آمالها في العزة والمنعة والتقدم والرفاهية».وشكل هذا الخطاب في يوم مشهود من تاريخ الإمارات محطة بارزة في مسيرة عمل المجلس، وفي طبيعة الدور والمهام والنشاط الذي سيقوم به لتحقيق المشاركة الأساسية في عملية البناء، وفي بناء مستقبل مشرق وزاهر من خلال تحقيق آمال شعب الإمارات نحو بناء مجتمع الكرامة والرفاهية.متابعة مستمرة وفي جلسة تاريخية يوم 29 إبريل عام 1975 شهدت مشاركته في مناقشات المجلس حول دور وواجبات الأعضاء في التعامل مع قضايا المواطنين قال: «يطيب لي أن أكون بينكم وأتكلم معكم بكل صراحة وأناشدكم الصراحة الكاملة كما يصارح الواحد منا نفسه في خلوته، فيجب على كل فرد منا في دولة الإمارات أن يكون صريحاً بدون تردد مع إخوانه من الرئيس إلى أعضاء المجلس الوطني إلى أفراد الشعب، الإخلاص لا يمكن أن يتحقق بدون صراحة فكيف أن يقول إنسان أنا مخلص ومن جهة أخرى يكون مجاملاً، هذا غير ممكن، والصراحة مطلوبة بين الأهل والإخوان والأبناء لأن الصراحة هي الإخلاص وصراحة كل واحد منكم ومن أفراد الشعب هي واجب، وتأتي قبل كل واجب لأننا ككل في هذه الدولة نعتبر ركاب سفينة واحدة إذا نجت السفينة نجونا، أما إذا غرقت فمن يضمن لنا السلامة».وكان يحرص على الاجتماع مع رئيس وأعضاء المجلس بعد كل جلسة يحضرها ويتحدث إليهم ويستمع إلى قضاياهم بروح شفافة يلفها دفء المشاعر وأبوة القائد، بالإضافة إلى استقباله لجان الرد على خطاب الافتتاح في كل دور انعقاد جديد، وكان يستمع لما يبديه الأعضاء من ملاحظات ونقل هموم المواطنين، ويصدر القرارات المناسبة في حينها أو يحيل المواضيع للجهات المختصة لمتابعتها، ومن أبرزها الأمر السامي بإنشاء جامعة الإمارات وصندوق الزواج ليجسد حرص القائد وتفاعله مع هموم واحتياجات المواطنين. التفاني والعطاء ومن مقابلاته المتعددة مع رئيس وأعضاء المجلس، المقابلة التي تمت إثر مناقشة المجلس لموضوع إسكان المواطنين في الفصل التشريعي الحادي عشر، والتي تحدث خلالها في كافة التفاصيل والحيثيات، واستمع منهم وتناقش معهم حول أنجع السبل لحل هذا الموضوع، ثم جاء الأمر السامي للمغفور له بإنشاء برامج الشيخ زايد للإسكان.ولقد حرص في أكثر من مناسبة على حث أعضاء المجلس والمسؤولين في الدولة على التفاني والعطاء، وبذل كل الجهود من أجل نهضة الوطن والارتقاء به، وتحقيق المزيد من الازدهار والرخاء لأبنائه، ودعاهم إلى عدم الاعتماد على الأساليب الروتينية والتقارير المكتبية، وضرورة متابعة سير الأعمال الموكولة إليهم والتواصل مع المواطنين عن قرب وبشكل مباشر والتأكد من جدية إنجاز العمل المطلوب.مسيرة مستمرة ويواصل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، هذا النهج منذ تسلّمه سلطاته الدستورية الاتحادية رئيساً للدولة في الثالث من نوفمبر 2004م خلفاً لوالده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.وشهد المجلس الوطني الاتحادي في عهد سموه نقلة نوعية تفعيلاً لدوره لتمكينه من ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والسياسية، وليكون أكبر قدرة وفاعلية والتصاقاً بقضايا الوطن وهموم المواطنين تترسخ من خلاله قيم المشاركة الحقة ونهج الشورى والديمقراطية ترجمة للبرنامج السياسي، الذي أطلقه سموه عام 2005م.

مشاركة :