يفضل الكثير من الموسرين شهر رمضان المبارك من أجل إخراج زكاة أموالهم وذلك لفضيلة هذا الشهر الكريم، كما ينشط غيرهم في تقديم الصدقة إلى من يستحقها، وفي السابق وقبل أن يتم تأسيس الجمعيات الخيرية التي تتولى توزيع الزكاة والصدقة إلى مستحقيها كان من يخرج زكاة أمواله يبحث عن المستحقين ويتحرى الدقة في ذلك عن الأسر التي أصابتها الفاقة والحاجة وذلك من خلال الثقاة ممن لهم اطلاع بأحوال الناس كقاضي البلدة أو العمدة أو إمام المسجد الجامع أو من يكون له احتكاك مباشر مع أهل الحي تمكنه من معرفة من يحتاج إلى الزكاة والصدقة، فيقوم بإعطائه مبلغ الزكاة أو الصدقة ليقوم هو بمعرفته بتوزيعها على المستحقين، ودعماً من الحكومة الرشيدة للأسر المحتاجة فقد تم إنشاء الضمان الاجتماعي في العام 1382هـ بالمراسيم الملكية رقم 18 و 19 في 1382 هـ بسن نظام الضمان الاجتماعي في المملكة، وتتولى تنفيذه مصلحة الضمان الاجتماعي ابتداء من العام المالي 1382 / 1383هـ تنظيم مساعدة الفئات الفقيرة والمحتاجة من الأسر والأفراد ورعايتهم المستمرة ضد الحاجة والعوز، وليكفل لهم حداً أدنى من العيش الكريم، ويوفر لهم حياة كريمة ويرفع عنهم ذل المسألة ويحفظ كرامتهم، وفي العام 1395 / 1396 هـ أصبح مسمى مصلحة الضمان الاجتماعي وكالة الوزارة لشؤون الضمان الاجتماعي، وقد باشر الضمان الاجتماعي تقديم خدماته للمستفيدين في بداياته الأولى عبر ثمانية وعشرين مكتباً، أمّا الآن فيتم تقديم هذه الخدمات عبر (94) مكتباً وهي موزعة حسب المناطق الإدارية الثلاث عشرة، وكان المستفيدون قديماً يسمون تلك المعونة بـ"الشونة"، نسبةً إلى من يقوم بتقديمها وهي الشؤون الاجتماعية، كما تم تأسيس الجمعيات الخيرية التي يقوم عليها كبار المسؤولين والعديد من أهل العلم الشرعي، حيث بدأ الناس يدفعون إليها زكاة أموالهم وصدقاتهم وهم في ثقة بأنهم سيوصلونها إلى مستحقيها ويكفونهم مشقة البحث عن الفقراء والمستحقين للزكاة، كما أن هناك من أوقف جزءاً من أمواله على أعمال الخير وجل تلك الأوقاف القديمة على تفطير الصائمين في شهر رمضان وغيره طوال أيام السنة، أو على أضحية في كل عام توزع على الفقراء والمساكين، بحيث يوقف من أراد ذلك مزرعة أو بيتاً أو أرضاً أو حتى نخيلات على ذلك ومن إنتاجها يصرف على الوجوه التي حددت في الوقف، ومازالت هناك العديد من الأوقاف التي أوقفت منذ عشرات بل مئات السنين وهي تصرف من ريعها للإنفاق على أوجه الخير التي من أجلها وضع الوقف. ومع تطور الزمن فقد تبدلت الأحوال ومنها الأوقاف وظهرت أوجه من أوجه الصرف لم تكن تعرف مثل إجراء وقف للأيتام أو للمرضى مثل مرضى السرطان أو المحتاجين إلى غسيل الكلى أو سقيا المياه وغيرها من المستجدات التي فرضتها الحاجة في عصرنا الحاضر، كما أن توزيع الزكاة على مستحقيها بات يتم عن طريق إعطائها للجمعيات الخيرية لإيصالها إلى مستحقيها على الرغم من وجود الكثير من الموسرين ورجال الأعمال الذين يفضلون دفعها إلى المحتاجين والمستحقين في مدنهم وقراهم عن طريق أقاربهم ومعارفهم الذين يتولون توزيعها لمستحقيها في كل عام. شهر الخير بالأمس القريب كان يتسنى معرفة الفقراء وغيرهم من مستحقي الزكاة وذلك لصغر مساحة البلدان والقرى ومعرفة الناس بعضهم البعض، فعلى سبيل المثال إذا بدأ رمضان فإن الموسرين ومحبي الخير والتجار الذين يخرجون زكاتهم يعرفون حق المعرفة إلى من يدفعون صدقاتهم وزكواتهم، فقد كانت أبواب المستحقين مفتوحة لتلقي تلك الصدقات والزكوات من الأرامل والأيتام والمطلقات والعاجزين عن العمل مع وجود العديد ممن يعولهم، لذا فإن شهر رمضان بالنسبة إلى هؤلاء هو شهر رحمة وخير، حيث يحصلون على ما يغنيهم عن ذل السؤال وطرق أبواب التجار والموسرين وحفظ ماء وجوههم وكرامتهم، لذا تجد الفقراء يفرحون بما يقدم إليهم من أموال فيسارعون في شراء ما يلزمهم في شهر الصيام من مؤونة وطعام، كما يبادرون إلى شراء ما يحتاجونه وأطفالهم من ضروريات وكماليات لاستقبال يوم العيد، لذا فقد كان عدد المتسولين قليلاً إن لم يكن شبه منعدم في تلك الأيام، وكان الغالب على الكثير ممن يستحقون الزكاة والصدقة في الماضي القريب التعفف، مما يجعل الوصول إليهم صعباً، حيث يكون إمام المسجد أو الجيران أو ممن لهم احتكاك بهم هم السبيل الوحيد للوصول إليهم. تقديم التمر وكان وقف "الصوّام" رافداً اجتماعياً كبيراً في حياة جيل الأمس، حيث كانت أوقاف المحسنين تتركز على تفطير الصائمين لشهر رمضان أو صوّام الست من شوال، أو تأمين زيت الوقود "الودك" لسراج المسجد أو تأمين أكفان و"حنوط" الموتى، وكانت الأموال التي يتم إيقافها في ذلك الزمان جلها من التمور التي هي الغذاء الرئيس في ذلك الوقت، لذا تجد الموسرين يوقفون مزارعهم أو بعضاً منها على تلك الفئة من الناس ابتغاءً الأجر، حتى إن البعض الذي لا يملك إلاّ القليل يوقف نخلة أو اثنتين وثلاث على هذه الفئة، بحيث تجمع ثمار النخيل في نهاية موسم "الصرام"، ويُعين لها شخص يكون مسؤولاً عن جمع التمور وتخزينها مقابل الحصول على جزء منها، فيقوم ببناء "جصاص" جمع "جصة"، وهي المكان الذي يحفظ به التمر لسنة أو أكثر دون أن يتغير في منزله، و"الجصة" عبارة عن غرفة صغيرة مبنية من الطين، ارتفاعها حوالي المترين وبعرض المتر تقريباً وجدرانها الداخلية مكسوة بـ"الجص" ذي اللون الرمادي القريب من الأبيض، ولها باب صغير في مقدمتها وفتحة صغيرة بأسفلها، يسيل من خلالها "الدبس" السائل الذي يفرزه التمر الشبيه بالعسل طعماً ولوناً، والناتج من تراكم التمر الرطب داخل "الجصة"، ويقوم المسؤول عن إفطار الصائمين بتقديم التمر يومياً في رمضان للصائمين وفي أيام شهر شوال لصائمي الست بوضعه في "مطاعم" جمع "مطعم"، وهو إناء مصنوع من سعف النخيل يشبه الصحن ملصق به صحن من الخوص صغير على جانبه لوضع النوى فيه بعد أكل التمر. أمّا ما يجمع من ثمار النخيل من التمور للزكاة فقد كان يجمع في السوق على بساط، فيأتي كل صاحب مزرعة نخيل بعدد من الأصواع على قدر زكاة محصوله فتجمع، ومن ثم يقوم إمام الجامع بالكيل للفقراء والمحتاجين الذين يتوافدون دون حياء كل معه "زبيل" من الخوص، من الأرامل والأيتام والفقراء، وكل يأخذ نصيبه على قدر عوزه وفقره أو عدد من يعول حتى ينتهي المعروض الذي يكفي لحاجة جميع فقراء البلدة. جمعية خيرية كان تأسيس جمعيات البر الخيرية بمثابة قفزة هائلة في دعم الأسر الفقيرة التي مع مرور الزمن صار الوصول إليها من قبل الباحثين عن الخير في دفع صدقاتهم وزكواتهم، وذلك بسبب اتساع رقعة المدن والقرى وتغير النسيج الاجتماعي وصعوبة التعرف على المستحقين فعلاً للزكاة والصدقة، لذا فقد كان تأسيس تلك الجمعيات في وقت كانت الضرورة إليها ملحة، ولعل بواكير تلك الجمعيات هي جمعية البر الخيرية بالرياض التي كانت سباقة وريادية في هذا العمل الخيري، فقد جاءت فكرة تأسيسها على يد رائد العمل الخيري خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حينما كان أميراً لمنطقة الرياض سابقاً، ومنذ ذلك الوقت وجمعية البر تسهم في تقديم المساعدات المالية والعينية للمحتاجين وتتطور في خدماتها من عام إلى آخر حتى أصبحت إحدى الجمعيات الرائدة في مجال الخدمة الاجتماعية والمميزة في رسالتها وبرامجها، حيث لا تقف هذه البرامج على تقديم المساعدات المالية والعينية بل إن هناك العديد من البرامج التعليمية والصحية والمهنية وكذلك التوعوية التي تقدم من خلال فروعها العشرة المنتشرة في مدينة الرياض، وتحرص الجمعية على استخدام وسائل التقنية الحديثة في استقبال وتوزيع المساعدات على الأسر المحتاجة. دعم الأسر وبعد ذلك خطت العديد من المدن والمحافظات إلى تأسيس جمعيات بر خيرية مازالت تساهم في دعم الأسر المحتاجة تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، حتى أصبح عددها اليوم ما يقارب (686) جمعية خيرية منها عدد (40) جمعية نسائية، وكذلك (121) مؤسسة خيرية منتشرة في أنحاء المملكة تقوم بتقديم العديد من الخدمات والأنشطة للمستفيدين منها عبر مساعدات متنوعة، وكذلك إقامة الدورات التدريبية والتأهيلية، والتي تعمل بدورها على تحويل أفراد المجتمع من متلقين للإعانات إلى منتجين، إضافةً إلى الاهتمام بالجانب الصحي للأسرة وعلى وجه الخصوص تأمين الدواء والعلاج، إلى جانب مساعدة الأسرة المحتاجة في تأمين السكن، وتنفيذ برنامج تأهيل الأسر المنتجة لمساعدتها على الاعتماد على نفسها، وكذلك تأهيل وتطوير قدرات الشباب من الجنسين على اكتساب مهارات حرفية لمساعدتهم على الانخراط في سوق العمل، وتقديم خدمات لإصلاح ذات البين، واستقبال وتوزيع الفائض من الأطعمة، كما أن هناك جمعيات متخصصة في الزواج والرعاية الأسرية. آلية سريعة وللجمعيات الخيرية المنتشرة في عرض البلاد وطولها تحت مسمى جمعيات البر الخيرية مهام متعددة تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، ومنها الصرف على الأيتام، وإحساساً من أهالي مدينـة الريـاض بأهمية وجود جمعية خيرية متخصصة تقوم بشؤون الأيتام، فقد اجتمع نخبة من المحسنين بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما كان أميراً لمنطقة الرياض في ذلك الوقت، في منزل الشيخ حمد بن محمد بن سعيدان، فتبنى الملك سلمان رفع الطلب للمقام السامي وصدر الأمر السامي الكريم بإنشاء الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بمنطقة الرياض برقم 427/8 وتاريخ 22 /6 / 1419هـ، وسجلت في وزارة الشؤون الاجتماعية بالرقم (166) وتاريخ 28/ 8/ 1420 هـ طبقاً للائحة الجمعيات والمؤسسات الخيرية، ومنذ ذلك اليوم وهي تمارس نشاطها في رعاية الأيتام السعوديين داخل مدينة الرياض بالأهداف التالية: غرس مبادئ الدين الإسلامي في نفوس الأيتام، وتوفير مختلف أوجه الرعاية للأيتام والأرامل، والعمل على إنشاء البرامج والمشروعات والمراكز الإيوائية وإدارتها، واتخذت من كلمة "إنسان" شعاراً لها لتعبر عن مضمون رسالتها، كما تم تأسيس العديد من الجمعيات الخيرية المتخصصة في أعمال الخير كجمعية الأمير فهد بن سلمان لرعاية مرضى الفشل الكلوي، والجمعية السعودية الخيرية لرعاية مرضى السرطان، وجمعية التنمية الأسرية، وكذلك جمعية الرعاية الصحية، وجمعية حفظ النعم، وغيرها من الجمعيات الخيرية المتخصصة التي ساهمت وتساهم في دعم المحتاجين لخدماتها في كافة مناطق المملكة. وأخيراً فإن تسجيل المحتاجين والمعوزين والفقراء بات يتم بآلية سريعة سواء في الضمان الاجتماعي أو في الجمعيات الخيرية المتعددة حيث يتم استقبال الطلبات، ومن ثم يتم تعبئة البيانات بالحاسوب، ومن ثم يتم التحقق من الحالة عن طريق الباحثين المتخصصين، وعلى ضوء ذلك يتم قبول الحالات المستحقة، ويتم الصرف لهم عن طريق تحويل المساعدات النقدية على حساباتهم البنكية دون الحاجة إلى مراجعة المستفيد لاستلام مستحقاته من الإعانة، حيث خففت تلك الإجراءات من المتاعب والمراجعات من أجل الحصول على الإعانة، كما أن تحديث البيانات كذلك بات عن طريق الدخول إلى الموقع الإلكتروني وتعبئة النماذج المطلوبة. التمور كانت طعام جيل الأمس ومنها يخرجون زكاتهم وصدقاتهم الجمعيات الخيرية تعمل تحت إشراف وزارة الشؤون الاجتماعية الضمان الاجتماعي تأسس في 1382 هـ وثيقة تبين وقف التمور على الصوّام قديماً شمل الضمان الاجتماعي النساء من الأرامل والمطلقات جصة التمر كانت مخزناً آمناً لتمر الصوّام في البيت إعداد: حمود الضويحي
مشاركة :