في خطوة هي الأولى منذ 13 سنة، أدى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، لبدء ولاية ثانية في جلسة خاصة وصفت بـ«التاريخية»، حضرها عدد من كبار رموز الدولة والمسؤولين وأسرة الرئيس.وكان في استقبال السيسي لدى وصوله إلى مقر مجلس النواب وسط القاهرة رئيس البرلمان علي عبد العال ورئيس الحكومة شريف إسماعيل و11 وزيراً، وشيخ الأزهر أحمد الطيب وبابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية بالعباسية تواضروس الثاني.وفي مستهل خطاب ألقاه عقب أداء اليمين الدستورية لولاية ثانية، طلب السيسي من النواب الوقوف دقيقة صمت حداداً على أرواح مئات من شهداء رجال الجيش والشرطة الذين سقطوا في المعارك ضد الإرهاب خلال السنوات الماضية في شمال سيناء.وأكد السيسي، في خطابه الذي حدد فيه الخطوط العريضة للولاية الثانية، أنه سيضع بناء الانسان المصري على رأس أولويات الدولة خلال المرحلة المقبلة، بحيث يعاد تعريف الهوية المصرية من جديد بعد محاولات العبث بها.وقال في هذا السياق إنه على يقين بأن «كنز مصر الحقيقي هو الإنسان والذي يجب أن يتم بناؤه على أساس شامل ومتكامل بدنياً وعقلياً وثقافياً»، مشيراً إلى أن ملفات التعليم والصحة والثقافة، في مقدمة اهتماماته، وسيكون ذلك من خلال حزمة من المشروعات والبرامج الكبرى على المستوى القومي، والتي من شأنها الارتقاء بالإنسان المصري على نظم عملية لتطوير منظومتي التعليم الصحة لبناء المجتمع.وأضاف: «لقد واجهنا سوياً الإرهاب الغاشم الذي أراد أن ينال من وحدة وطننا الغالي وتحمّلنا معاً مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وما نجم عنها من آثار سلبية على نواحي الحياة كافة»، مؤكداً عزمه «على استكمال المسيرة متجرداً من أي هوى إلا هوى الوطن لا أخشى سوى الله جلّ في علاه».وأكد أن «قبول الآخر وإيجاد مساحات مشتركة في ما بيننا سيكون شاغلي الأكبر لتحقيق التوافق والسلام المجتمعي... ولن أستثني من تلك المساحات المشتركة إلا من اختار العنف والإرهاب والفكر المتطرف سبيلاً لفرض إرادته وسطوته».وتوجه إلى المصريين بالقول: «أذكركم بمسيرتنا سوياً، منذ أن لبيت نداءكم، وارتضيت أن أكون على رأس فريق الإنقاذ الوطني، ضد من تاجروا بالدين وبالحرية، ولم ولن أدخر جهداً أو أخشى مواجهة أو اقتحاماً لمشكلة أو تحد»، مشدداً على أن «تضامن الشعب المصري هو ضمانة الانتصار وعبوري نحو المستقبل».وأكد الرئيس المصري أن الأزهر الشريف منبر وسطية الإسلام، والكنيسة المصرية العريقة رمز السلام والتسامح، مشيداً بأفراد الجيش البواسل الذين يحمون الشعب بجانب الشرطة الأبطال.ولفت إلى أن «المرأة المصرية ومعها كل أفراد الأسرة يخوضون معركة التنمية والبناء، فيزرعون الخير ويصنعون المستقبل لمصرنا، كدولة حديثة تقوم على أسس الحرية والديمقراطية وتستعيد مكانتها بين الأمم بعد أن عانت كثيراً نتيجة عوامل داخلية وخارجية».وأكد أن «مصر ستمضي نحو تعزيز علاقاتها المتوازنة مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية في إطار الشراكة وتبادل المصالح، ولن تنزلق في صراعات لا طائل منها، وتعتمد مبدأ الحفاظ على السيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في شؤونها».وكان رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال قد أكد في كلمة أمام الجلسة الخاصة أن السنوات الاربع الاولى لولاية الرئيس السيسي كانت حافلة بالانجازات والمحافظة على أركان الدولة ومحاصرة الارهاب «تمهيداً للقضاء عليه».وكان السيسي فاز في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في مارس الماضي، بنسبة 97.08 في المئة على منافسه رئيس حزب «الغد» موسى مصطفى موسى.وتنص المادة 109 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب على أنه «بعد إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، يعقد المجلس جلسة خاصة يؤدي فيها رئيس الجمهورية اليمين الدستورية أمام البرلمان».وشهدت منطقة وسط القاهرة، حيث مقر مجلس النواب احترازات أمنية مشددة، وأجواء احتفالية، حيث رسمت الطائرات الحربية والمروحيات ألوان علم مصر بالدخان أثناء تحليقها فوق العاصمة احتفالاً بوصول السيسي الذي توسطت سيارته موكباً كبيراً من الدراجات النارية حتى بوابة البرلمان، في حين أطلقت المدفعية 21 طلقة، بعد أن أدى اليمين.وتوقعت مصادر مصرية لـ «الراي»، أن يتقدم رؤساء الهيئات الإعلامية، ورؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف والمحافظون باستقالاتهم، وفقاً لنصوص الدستور، مع بداية الولاية الثانية للرئيس.وكان الرئيس الأسبق حسني مبارك آخر رئيس أدى اليمين أمام المجلس في سبتمبر 2005 عن ولاية رئاسية خامسة.وأقسم السيسي اليمين في الولاية الأولى أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية، لعدم وجود برلمان في ذلك الوقت.من جانب آخر، أعرب البابا تواضروس الثاني عن أمله في أن يكون الأول من يونيو عيداً وطنياً لكل المصريين يحتفل به الجميع، ويدخل ضمن أجندة الاحتفالات الوطنية، فهو عيد دخول السيد المسيح إلى أرض مصر.وقال في احتفالية إطلاق رحلة العائلة المقدسة، مساء أول من أمس: «بلادنا أرض مباركة ودائماً نردد عمار يا مصر».
مشاركة :