يبدو أن رقعة الخبث والأذية والشر بوجه عام لا تني تزداد اتساعا سواء في الراديو والتلفزيون والصحافة أو في الإنترنت والمواقع الاجتماعية. وللتأكد من ذلك، قام فرنسوا جوست، السيميائي والأستاذ المحاضر بجامعة السوربون الجديدة، بفحص تاريخ الميديا لتحديد معالم هذه الظاهرة في كتاب بعنوان "الأذية من خلال الأفعال في العصر الرقمي". انطلق منذ ستينات القرن الماضي مع صحيفة هارا كيري التي كانت تطمح أن تكون "غبية وشريرة"، ثم انتقل إلى دور "رياليتي شو" إبان التسعينات في دمقرطة فرجة الاغتياب، قبل المرور إلى دور المواقع الاجتماعية في تضخيم الحركة، وارتداداتها في كل وسائل الإعلام، بداية من 2010. وإذا كانت الأذية غير مرتبطة بزمن محدد، فإنها وجدت اليوم الظروف الملائمة لازدهارها: تطور الميديا التي تجعل من الحياة فرجة، الجمهور الذي يجد سعادته في تفاهات الآخرين، إمكانية كل فرد بأن يكون حكما على أي شيء في جو يسوده الخطاب الشعبوي. استكشاف لممارسات المسلمين في فرنسا استكشاف لممارسات المسلمين في فرنسا إسلام فرنسا والطريق الموعودة يكثر الحديث في العقود الأخيرة عن الإسلام الفرنسي، بوصفه أول ديانة تمارس في فرنسا، وكيف ينبغي أن يتشكل بعيدا عن جذوره العربية الإسلامية، لأن ثلاثة أرباع المسلمين فرنسيون، ولأن فرنسا أرض خصبة لتجديد فقهي وثقافي يحتاج إليه الإسلام، وكذلك لأنه مشكلة، لكون الأعمال الإرهابية التي ضربت فرنسا تمت باسمه. في كتاب "الإسلام، دين فرنسي" يستكشف الباحث التونسي حكيم القروي ممارسات المسلمين في فرنسا ومعتقداتهم وسلوكياتهم من خلال دراسة ميدانية كان أجراها معهد مونتاني عام 2016، ويفلي استراتيجيات نشر الإسلام وعوامل نجاحه. كما يحلل الآليات التي توقِع المثقفين والمعلقين في فخاخ الإسلاميين، حيث تستبدل الإسلاموية بالإسلام بهدف فرض رؤية وحيدة للدين المحمدي. ويستخلص أن ثمة طريقا يمكن أن تسمح للإسلام بوجود موقع هام داخل الجمهورية بفضل جيل جديد سوف يقود تمردا ثقافيا مضادا، يفيد الإسلام في فرنسا وفي العالم الإسلامي. فشل التربية تتوقف الباحثة بربارا لوفيفر في كتابها "جيلُ مِن حقي" عند ممارسات الجيل الجديد الذي أفرزته مناهج التعليم في فرنسا، وترى أن ما يميزه عبارة "من حقي" للتعبير بشكل صارخ عن حقه في التمرد على المدرسة وسلطة الأبوين والقواعد المشتركة وحتى القانون بوجه عام. هذه المطالبة ترمز في نظر الكاتبة إلى ذاتية غير مسؤولة، وتشهد على إفلاس مشترك يتمثل في تراجع الحريات الجماعية لفائدة الجاليات، وانتصار التساوي، وانحراف الطرق البيداغوجية لوزارة التربية الوطنية، واستقالة الأسرة التي تجاوزها المد. وتبين كيف أن المنظومة التربوية تخلت عن الأطفال منبهة إلى رهانات تتجاوز المجال التعليمي: كتدني المستوى، وغياب الأسرة، والاستهانة بالقيم الإنسانية الأساسية، والعنصرية، والميز الجنسي، ومعاداة السامية، وتدمير العلمانية، وعبادة الذات... ولكن تحليلها يفقد صبغته العلمية إذا علمنا مواقفها المسبقة من أبناء المهاجرين، لأنها لا تركز إلا على شبان الضواحي في المدن الكبرى، وكأنهم رأس البلاء، كما هو شأنها في الكتب التي نشرتها بالتعاون مع معاد آخر للعرب والمسلمين هو جورج بنسوسان من بينها "فرنسا الخاضعة"، و"المناطق التي فقدتها الجمهورية".
مشاركة :