الشارقة: عثمان حسن أسدل الستار يوم أمس على فعاليات الدورة الثامنة من ملتقى الشارقة للخط (جوهر)، الذي نظمته إدارة الشؤون الثقافية في دائرة الثقافة وانطلق في 4 أبريل/نيسان الماضي، واشتملت فعالياته التي أقيمت في ساحة الخط بمنطقة قلب الشارقة، على مشاركة نحو 227 خطاطاً وفناناً قدموا خلالها ما يقرب من 500 عمل فني.واشتمل الملتقى على عدة معارض شخصية وجماعية وتجارب خطية مثلت طروحات واتجاهات فكرية وفنية مختلفة، دمجت بين الأصالة والمعاصرة، على نحو قدّم معه الفنانون الخط العربي كواحد من الفنون المرموقة على مستوى العالم.وتضمن الملتقى مشاركات مهمة لأعضاء من جمعية الإمارات لفن الخط العربي، إلى جانب مشاركات عربية ودولية لأبرز الخطاطين المعروفين بتقديم روائع فنية كرست الخط كلغة ثقافية وبصرية، بما يؤكد حضور ملتقى الشارقة للخط كنافذة مهمة في نشر وترويج هذا المنجز العربي والإسلامي، ويتيح فرص اللقاء والاحتكاك بين مختلف التجارب، ودور ذلك في إثراء ورفد الحضارة الإنسانية عبر المعرفة والإبداع والخلق والتميز الإنساني.وتضمنت فعاليات الملتقى تكريم نخبة من الخطاطين المعروفين الفائزين بجائزة دورة الملتقى لهذا العام: محمد فاروق الحداد (سوريا)، وحسن آل رضوان (السعودية)، ومهند جابر الساعي (سوريا)، وحاكم غنام (العراق)، و وسام ضياء الدين يونس (العراق)، والدكتورة جميلة جوهر، وعمر الجمني من تونس، إضافة إلى الخطاطة الإماراتية فاطمة سالمين.وكرم الملتقى كذلك عثمان طه الذي يُلَقَّبُ بعميد خطّاطي المصحف الشريف، والبروفيسور مصطفى أوغور درمان، والدكتورة فينيشيا بورتر.ونجح ملتقى الشارقة للخط، في احتضان هذه التظاهرة الفنية الكبيرة، التي تعتبر الأكبر في تاريخ دوراته على صعيد ما قدم فيها من تجارب جديدة في الحروفية، من خلال أساليب جديدة في التعبير البصري الذي مازج بين الخط والزخرفة والتقنيات اللونية، والحروفيات المنفتحة على التجربة البصرية العالمية.وما يمكن الإشارة إليه في النسخة الثامنة من الملتقى، هو خروج التجارب من أطر المفهوم الوظيفي للخط، نحو قراءات بصرية ودلالية تستفيد من التراث الخطي العربي، وفلسفته المتمثلة في تأويل الحروف، وربطها بالحالات الإشراقية، والوجد الجواني للروح، وتنوعت التجارب فنقلت الحرف إلى مستوى القصيدة الحروفية، بشكل يضيء على جماليات الحرف العربي، وما يقدمه من ثراء في الأساليب التي قدمت الخط كوحدة إيقاعية ونظامية تستلهم الموروث الإسلامي، وتنفتح على العالم وفنونه، كما قدمته مجالاً للتجديد الذي يضيء على قوة الحرف بأنواعه المختلفة كالثلث والديواني والرقعة، والديواني الجلي والنسخ والكوفي، هذا الخط الذي يستوعب ما في المراحل من قيم وجماليات، ويعيد صياغتها في منظور كوني ومعاصر.التنويع في الخامات كان حاضراً في الملتقى جنباً إلى جنب مع توظيف التقنيات المعاصرة، وفنون «الفيديو أرت» والتراكيب والمنحوتات المختلفة، التي قدمت قراءات مدهشة انعكست في رصيد الذائقة البصرية للمشاهد العربي.«الأصيل» هو المعرض الأكبر في الدورة الثامنة للملتقى، وقد شارك فيه نحو 100 خطاط، عرضوا نماذج وأعمالاً باهرة عكست عناصر وتجليات الأصالة في فنون الخط، وما يتضمنه من قيم أخلاقية وروحية، مع تركيز على فن الزخرفة النباتية والتذهيب واللون، وكذلك خيال الخطاط العربي في استلهام موروثه الإسلامي، الذي يخاطب العالم بعيداً عن التشخيص، بل يبدع في ابتكار تجارب خطية بمنظور يرسخ قيم الوجود، ويعيد للإنسان براعته في تلمس هذا الوجود، ويبرهن على تراث عميق ذي أثر وقيمة وجوهر، أنجزته عبقرية فنية خالدة لن تندثر.«المعاصرة» كمفهوم، تعيش في اللوحة الحروفية وتثريها بالألق والعمق والجمال، وظلت منسجمة في التجارب المعروضة بالملتقى، مع شعاره وعنوانه الأبرز: «جوهر»، فقدمت التجارب لغة بصرية تعبيرية ودلالية أساسها الحرف العربي وطاقته الروحية الهائلة، وتلك المشهدية التي تصوغ العالم على نحو يستشرف المعنى السامي للوجود والكون.وبمناسبة عام زايد، ووفاء لهذا القائد الملهم طيب الله ثراه، فقد تضمنت فعاليات الملتقى معرضاً خاصاً بهذه المناسبة بعنوان: «في حب زايد» عقد بمقر جمعية الإمارات للفنون التشكيلية، واشتمل على 30 لوحة ل 15 خطاطاً إماراتياً وعربياً، وقفت على إرث وقيم المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث أضاءت المشاركات على كثير مما قدمه الراحل الكبير من إنجازات وقيم أورثها للأجيال من بعده.ومن المشاركات اللافتة، واحدة للخطاط المصري خليفة الشيمي طرز نصفها ببورتريه للشيخ زايد، وعلى النصف الآخر من اللوحة، خطّ واحداً من أقوال الشيخ زايد على خلفية ملونة ومزخرفة تقول: «علينا أن نكافح، ونحرص على دفع مسيرة العمل في هذا الوطن، والدفاع عنه بنفس الروح والشجاعة»، كما شهد مشاركة للإماراتية فاطمة جوري، تضمنت أحد أقوال المغفور له بإذن الله الشيخ زايد: «التجربة هي التي تعطي الإنسان القوة والصلابة».كما شاركت الإماراتية علياء العطار، بلوحة زينتها كلمة «زايد» في منتصفها بخلفية حروفية، وكتب مصطفى رشيد اسم «زايد» على لوحة بخط الجلي الديواني، حرص فيها على على أن يكون لامتداد حرف الألف في كلمة زايد معناه من حيث القوة والمنعة والشموخ، وزين لوحته بألوان مشرقة ذات دلالة واضحة على العهد المشرق الذي اصطبغت به الإمارات في عهد المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
مشاركة :