مقديشو - وكالات: حذر نائب رئيس الوزراء الصومالي، مهدي محمد جوليد من مخاطر استمرار عمليات إنتاج الفحم النباتي لتلبية الطلب الخارجي، لما لها من مخاطر على البيئة الصومالية، مطالباً في الوقت نفسه الإدارات المحلية لأقاليم الجمهورية الفيدرالية والشعب الصومالي بالتصدي للقطع الجائر للأشجار المستغلة في تلك العملية، التي تُعدّ مصدراً هاماً لتمويل حركة الشباب والتي تستخدم العائدات الضريبية الناتجة عنها لتمويل التفجيرات والعمليات الإرهابية. ويصدّرُ الصومال 260 ألف طن من الفحم سنوياً، في الوقت الذي يتراوح فيه حجم الاستهلاك المحلي بين خمسين ألف طن وحتى ستين ألف طن، ما يعني أن خمسة أضعاف حاجة السوق المحلي من الفحم تذهب إلى خارج البلاد لتدر العملة الصعبة على من يعملون في تلك التجارة كما يؤكد جوليد، ولا تزال الإمارات، لا سيما ميناء الحمرية، واجهة التصدير الرئيسية، وفق ما يؤكده تقرير فريق الرصد المعني بالصومال وإريتريا الموجه إلى رئيس لجنة مجلس الأمن العاملة بموجب القرارين 751 و1907 الصادر في 2 نوفمبر من عام 2017، وبلغ عدد مواقع إنتاج الفحم في الصومال 26 ألف موقع، بحسب التقرير الذي لفت إلى أن العام 2017 شهد إضافة أربعة آلاف موقع في محافظتي جوبا السفلى وجوبا الوسطى الخاضعتين لسيطرة مقاتلي حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة. وتقدر عائدات حركة الشباب بـ 10 ملايين دولار سنوياً، من جباية الضرائب على الشاحنات التي تنقل الفحم إلى منافذ تصديرها إذ أقامت نقاط تفتيش على الطرق الممتدة من مناطق الإنتاج حتى الموانئ، ومنها ميناء كيسمايو المنفذ الرئيسي الواقع جنوبي غرب مقديشو الذي تغادر منه 15 سفينة شهرياً محملة بالفحم الصومالي المهرب ويبلغ المعدل الضريبي 2.5 دولار لكل كيس من الفحم أو 750 دولاراً للشاحنة المحملة بالفحم، وفقاً للتقرير ذاته. وتنتشر إعلانات بيع الفحم الصومالي في الإمارات على مواقع إلكترونية تجارية، وتتبَّع مُعدّ التحقيق ثلاثة تجار تواصل معهم هاتفياً عبر تطبيق «واتساب»، خلال الفترة من 15 أبريل حتى 30 أبريل الماضي، وهم علي عبد السلام، وعبدالله دلمر، وراغب بن سنان، ويؤكد التجار الثلاثة أن الفحم الصومالي ما زال يصل إلى الإمارات العربية المتحدة، ولكن بكميات أقل في الشحنة الواحدة، حتى لا يكشف الأمر بسبب الحظر المفروض على تصدير الفحم الصومالي. وقالت مصادر صومالية إن اثنين من التجار الثلاثة الذين يعلنون عن الفحم الصومالي في موقعي «أكافي الصناعي، وعالم التجارة» مع إرفاق أرقام هواتفهم في تلك الإعلانات، ما زالوا يستوردون الفحم الصومالي إلى الإمارات، أكّدا لمعد التحقيق الذي عرض عليهم شراء كمية من الفحم الصومالي أن لديهما الاستعداد بتزويده بالفحم أينما كان، المهم أن يصل عبر دولة الإمارات العربية المتحدة. ويقول التاجر عبدالله دلمر إن السفينة الواحدة التي تنطلق من الصومال تحمل 30 ألف كيس من الفحم، مضيفاً أن السفن التي تحمل البضائع إلى الصومال هي ذاتها التي تحمل الفحم الصومالي عند العودة إلى الإمارات، فيما يؤكد راغب الذي توقف عن تجارة الفحم الصومالي أن بعض السفن التي تحمل الفحم الصومالي المهرب تمر عبر موانئ جيبوتي، ثم الإمارات باعتبار بلد منشأ الفحم هي جيبوتي، وليس من الصومال، وهو ما أكده تقرير فريق الرصد الأممي، والذي جاء فيه أن تجار الفحم يقومون باستصدار مستندات الجمارك وشهادات المنشأ المزورة لتيسير الاستيراد غير المشروع للفحم الصومالي المهرب، ووجد فريق الرصد أن النوع الأكثر شيوعاً هو مستندات المنشأ الجيبوتية المزيفة إذ جرى تداول هذه الوثائق بميناء الحمرية الإماراتي، وتتبع فريق الرصد هذه الوثائق المزورة وحصل على نفي من السلطات الجيبوتية بتصدير الفحم إلى الإمارات، وأخيراً تمكن خبراء الفريق من فك طلاسم هذه الوثائق، إذ تبين أن مواطناً جيبوتياً يُدعى «بشير خليف موسى» مقيم في دبي هو مصدر هذه الوثائق المزورة، وعندما عرضت المجموعة هذه الوثائق المزورة على السفير الجيبوتي في أبوظبي عثمان م. درار، للتعليق عليها طلب منهم متابعة ذلك مع السلطات المختصة. وأكد نائب رئيس الوزراء الصومالي، مهدي محمد جوليد أن نحو 8.3 مليون شجرة قُطعت خلال السنوات القليلة الماضية، الأمر الذي سيحول البلد إلى صحارى قاحلة تستحيل فيها الحياة، وهو ما يتفق معه مصدر حكومي صومالي (فضل عدم الكشف عن اسمه) قائلاً «تجارة وتصدير الفحم ستستمر طالما أن الحكومة المركزية ضعيفة، وهناك إدارات إقليمية مبنية على أسس عشائرية، ولا تتماشى مع التوجهات السياسية للحكومة المركزية، ومن هذه الأقاليم، إقليم جوبالاند في أقصى جنوب الصومال الذي يدير ميناء كيسمايو المصدر عبره أكثر من 90% من الفحم المهرب»، غير أن الخبير في مكافحة التصحر عبدالغني أحمد فارح يقول لـ «العربي الجديد» إن «على الحكومة التحرك على المستويين السياسي والدبلوماسي للطلب من الحكومات المستوردة للفحم، التعاون معها لوقف النزيف البيئي الذي يتعرض له الصومال».
مشاركة :