تزخر منطقة المدينة المنورة بعدد من المواقع التاريخية الإسلامية التي يقصدها زوار طيبة الطيبة، يستذكرون فيها السيرة النبوية العطرة، وقصة انطلاق رسالة الإسلام إلى كل أصقاع المعمورة، ومنها «مسجد القبلتين» الذي يتربع شامخاً على ربوة من الحرة الغربية (حرة الوبرة). وقد بنى المسجد بنو سواد بن غنم بن كعب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الثاني للهجرة النبوية، من اللِّبْنِ والسعف وجذوع النخيل. ولهذا المسجد أهمية خاصة في التاريخ الإسلامي، ففيه نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتحول إلى قبلة الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، بعد أن كانت القبلة هي بيت المقدس، وكان ذلك في يوم 15 شعبان من العام الثاني للهجرة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور أم بشر من بني سلمة معزياً، فصنعت له طعاماً، وعند صلاة الظهر نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وبعد أن أتم ركعتين نزل عليه الوحي بالتحول إلى الكعبة المشرفة في الآية الكريمة (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره). ومنذ ذلك الحين عرف المسجد باسم «مسجد القبلتين» لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه شطر صلاته قِبل المسجد الأقصى، والشطر الآخر قِبل المسجد الحرام، وفي عام 87هـ (706م) جدد والي المدينة المنورة عمر بن عبدالعزيز عمارة المسجد مع سائر المساجد التي صلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظل المسجد على حاله أكثر من ثمانمئة سنة، إلى أن جدده شاهين الجمالي عام 893هـ (1488م). وتوالت بعدها التجديدات والتوسعات بالمسجد، ومنها توسعة الملك عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - عام 1350هـ، إذ أمر بتجديد عمارته، وبناء مئذنة، وإقامة سور حوله، وبلغت مساحة المسجد بعد التوسعة العزيزية هذه 425 متراً مربعاً. وفي إطار اهتمام الدولة بأن تكون المساجد على أحسن وجه، لمكانتها الدينية، تم هدم وإعادة بناء المسجد، مع إعادة تخـطيط المنطقة التي يقع المسجد فيها، وتوسعته وفق أحدث التقنيات والتصاميم الهندسيـة، مع إضفاء اللمسة الهندسيـة المعمارية ذات الطابع الإسلامي عليه. شارك المقال
مشاركة :