مع إعلان إسرائيل للمرة الثانية خلال أشهر عن مخطط من سورية لاغتيال رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين واستهداف مؤسسات حيوية، صادقت الولايات المتحدة وتركيا على خريطة طريق لحلحلة العلاقات المتوترة بينهما تبدأ من مدينة منبج، ذات الأغلبية الكردية، وتشمل لاحقاً مناطق وملفات أخرى. بعد فترة توتر طويلة ومخاوف من وقوع مواجهة مباشرة بين أكبر قوتين في حلف شمال الأطلسي، اتفقت الولايات المتحدة وتركيا أمس الأول، على «خريطة طريق لمدينة منبج» بشمال سورية، وأكدتا، في بيان مشترك أعقب اجتماعاً بين وزيري خارجية البلدين مايك بومبيو ومولود جاويش أوغلو في واشنطن، التزامهما المشترك بتنفيذها. وأوضح البلدان، في البيان، أن جاويش أوغلو وبومبيو ناقشا أيضاً مستقبل التعاون في سورية والخطوات التي يتعين اتخاذها لضمان الاستقرار والأمن في منبج. ووفق جاويش أوغلو، فإن وحدات تركية وأميركية ستنفذ بشكل مشترك الأمن والاستقرار في منبج خلال 10 أيام ولمدة 6 أشهر وسيتم استكمال إخراج كل تنظيمات وحدات حماية الشعب الكردية منها وسحب سلاحها، مبيناً أنه «على المدى البعيد سيتم نقل نموذج منبج إلى مناطق أخرى تحت سيطرة الأكراد لتطبيق الأمن والاستقرار فيها مثل الرقة وكوباني». وقال الوزير التركي، في مؤتمر صحافي بواشنطن، إن «الهدف من خريطة الطريق تلك هو تطهير منبج من كل التنظيمات الإرهابية وإحلال الأمن والاستقرار بشكل دائم»، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة لم تتعهد بتصنيف الوحدات الكردية منظمة إرهابية وأن العمل معها ليس بديلاً عن العمل مع روسيا في سورية. وبعد ساعات من الإعلان التركي ـ الأميركي أعلنت «وحدات حماية الشعب» بدء الانسحاب من منبج. اغتيال نتنياهو من جهة أخرى، كشف جهاز الأمن الداخلي في إسرائيل (الشاباك) أمس أنه أوقف ثلاثة أشخاص كونوا خلية يقودها شخص من سورية كانت تخطط لشن هجمات ضد كبار مسؤولي إسرائيل، ومن بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس بلدية القدس نير بركات وآخرين. وعلمت «الجريدة» من مصادر مطلعة، أن حديث «الشاباك» يدور حول تورط إيران و«حزب الله» في إدارة الخلية وليست فصائل المعارضة أو تنظيم «داعش». ووفقاً للمعلومات، التي تم السماح بنشرها، تم توقيف ثلاثة أشخاص على صلة بالقضية خلال الأسابيع الماضية ينتمون إلى «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، بينهم شخص يدعى محمد جمال رشدة من مخيم شعفاط في القدس الشرقية. وذكرت هيئة البث الإسرائيلي أن رشدة «يحمل جنسية إسرائيلية، وخطط للقيام بهذه الاعتداءات، فضلاً عن اعتداءات أخرى ضد مبان تابعة للقنصلية الأميركية، ووفد من ممثلين كنديين يقيمون في القدس بهدف تدريب عناصر أجهزة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية». وأضافت الهيئة أن رشدة (30 عاماً) سبق أن كان مسجوناً في إسرائيل «لضلوعه في نشاط إرهابي»، موضحة أن الخلية كانت تخطط لاستقدام شخص من الأردن للمشاركة في العمليات. «حزب الله» وإيران وعلى الأرض، أفادت مصادر محلية وناشطون عن استهداف غارات يعتقد أنها إسرائيلية مواقع عسكرية ومخازن ذخيرة وصواريخ لميليشيا «حزب الله» اللبناني في منطقة القلمون الغربي، مشيرة إلى وقوع انفجارات عنيفة بالقرب من عسال الورد. جنوب سورية وللمرة الأولى منذ أكثر من سبع سنوات، تلتقي قوى إقليمية ودولية ذات مصالح متناقضة معنية بالنزاع السوري، على دعم عودة قوات الأسد حصراً الى منطقة جنوب سورية الاستراتيجية. وتكتسب هذه المنطقة، التي تضم بشكل رئيسي محافظتي درعا والقنيطرة، خصوصيتها من أهمية موقعها الجغرافي الحدودي مع إسرائيل والأردن، عدا عن قربها من دمشق. ولكل من هذه الأطراف الثلاثة، بالإضافة إلى داعميها من روس وإيرانيين وأميركيين، مصالح أو تطلعات فيها. ويقول الباحث في مركز عمران للدراسات نوار أوليفر: «الجبهة الجنوبية هي أول مثال على توافق دولي لعودة النظام، من الواضح أن هناك توافق بين الأميركيين والإسرائيليين والأردنيين والروس، على أن الخيار الأفضل هو انتشار قواته من دون الدخول في عملية عسكرية». ويحضر مستقبل الجنوب السوري على جدول محادثات تقودها روسيا مع إسرائيل من جهة والولايات المتحدة والأردن من جهة أخرى. فقد دعت موسكو قبل أسبوع واشنطن وعمان لعقد لقاء «بأسرع ما يمكن» للبحث في هذه المسألة التي حضرت أيضاً في اتصال هاتفي جمع الخميس نتنياهو بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. دوما والرقة وخلال حوار مع التلفزيون النمساوي بمناسبة زيارة رسمية يبدأها لفيينا، نفى بوتين مجدداً قصف النظام منطقة دوما بالأسلحة الكيماوية، معتبراً أنه مفبرك وأن ضربات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا لدمشق في 14 أبريل الماضي «عدوان على دولة ذات سيادة هدفه تعطيل عمل لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة». من جهتها، اتهمت منظمة العفو الدولية، أمس، التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بإظهار القليل من الاعتبار لحياة المدنيين الأبرياء أثناء مهاجمة مدينة الرقة من يونيو إلى أكتوبر العام الماضي، مشيرة إلى أنه خلال حملة استعادة معقل تنظيم «داعش» لم يتخذ ما يكفي من الإجراءات لحماية المدنيين أو يأخذ الاحتياطات اللازمة لتقليل الضرر الواقع بهم لأدنى حد. في الأثناء، أفاد المرصد أمس، بمقتل 11 مدنياً على الأقل بينهم خمسة أطفال في غارات استهدفت قرية الجزاع الواقعة تحت سيطرة «داعش» في ريف الحسكة الجنوبي، موضحاً أن الضربات في إطار دعمه لهجوم تشنه قوات سورية الديمقراطية (قسد) في المنطقة. وفي دير الزور، استكمل «داعش» هجماته العنيفة على الضفاف الغربية لنهر الفرات، وتمكّن من السيطرة على بلدة الرمادي، والتقدم داخل بلدة حسرات المجاورة لها وقطع الطرق إلى ريف المحافظة، وسط انسحاب قوات النظام والميليشيات الموالية بعد تكبدها خسائر فادحة وصلت إلى 45 قتيلاً. وأكد المرصد السوري عدم تمكن قوات النظام وحلفائها من استعادة مناطق خسرتها في الهجوم العنيف للتنظيم على محورين، أحدهما من بادية دير الزور في غرب الفرات والآخر من شرق نهر الفرات، مؤكداً عبور العشرات من «داعش» من شرق النهر إلى غربه، في ظل عدم تدخل الطائرات الروسية بشكل فاعل.
مشاركة :