لم يستطع تطور الطب وتقدمه في علم الإنجاب وأمراض النساء أن يلغي من أهمية عمل "المراخة"، أو المرأة التي تستخدم الزيوت كنوع من العلاج لتأخر حالات الإنجاب لدى السيدات، ففي الوقت الذي تسعى كثير من السيدات إلى التدافع على أشهر الأطباء في تخصص علم الأجنة وعلاج العقم لدى عيادات المستشفيات، يحدث التزاحم ذاته على بيوت "المراخات"، اللاتي عرفن منذ القدم بأهميتهن وقدرتهن الفائقة على علاج كثير من الحالات التي استعصى عليها الإنجاب. وعلى الرغم من أنه لا توجد بحوث علمية تؤكد مثل هذه النظرية، إلاّ أن الواقع يشهد بحدوث عديد من الحالات اللاتي أنفقن كثيرا من المال في ارتياد عيادات النساء والولادة طلباً للعلاج، إلاّ أنه لم يحدث إلاّ على يد "المراخة"، التي تستخدم مهارتها وخبرتها الطويلة التي اكتسبتها من الجدات الخبيرات وخفة يدها في التدليك لعلاج بعض حالات النساء الراغبات في الإنجاب، ثم تتقاضى مبلغاً بسيطاً لا يقارن بالمبالغ التي ينفقها الزوجان في العيادات الخاصة رغبة في إيجاد حل لمشكلة تأخر الحمل لدى البعض. وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من الأطباء ينكرون مثل هذا العلاج، ويرفضون الإقرار بمدى جدواه، وربما هناك من قدم النصيحة للسيدات بأن يمتنعن عن الذهاب إلى "المراخة" خوفاً من حدوث الضرر، إلاّ أن ذلك لم يحل دون تدافع النساء على مختلف المناطق من العودة إلى العلاج الشعبي رغبة في الإنجاب، أو لعلاج أي عائق مرضي نسائي يصيبهن. مهنة الأجداد ورأت أم فهد - تعمل مراخة لعلاج حالات تأخر الإنجاب لدى السيدات أو من تعاني آلاما في الظهر والبطن- أن عملها مهنة توارثتها منذ القدم، فتعلمت مهنة الدهان عن طريق والدتها التي أخذتها بدورها من والدتها أيضاً، وقد قضت أكثر من 25 عاماً في التمريخ، والتقت كثيرا من السيدات من مناطق عدة، فهناك من النساء من تأتيها من المنطقة الشمالية أو الجنوبية أو الوسطى، في حين تأتي بعض السيدات لها من بعض الدول الخليجية المجاورة رغبة في الدهان لفرط السمعة التي اكتسبتها بسبب مهارتها في الدهان، ولكثرة الحالات التي كانت سببا بعد الله– سبحانه– في علاجها، مشيرةً إلى أن هناك كثيرا من السيدات كنَّ يعانين تأخرا في الإنجاب، وجربن كثيرا من العلاجات وخضعن لعمليات طفل الأنابيب والتلقيح المجهري، إلاّ أنه كتب لهن الإنجاب بعد أن قامت بتمريخهن ثلاثة أيام متواصلة، حيث لا تستخدم إلاّ الدهان بزيت الزيتون، مع خبرتها في الإمساك بالمواضع التي يجب أن تقوم بدهانها لدى المرأة لعلاجها. علاج شعبي وذكرت أم فهد أنها لم تسع إلى رفع المبالغ المالية التي تتقاضاها من أجل التمريخ، فهناك بعض المراخات تشترطن مبالغ كثيرة من أجل عملهن، في حين بدأت هي في هذه المهنة تاركةً الخيار للمرأة بأن تقدم مقابلا ماديا أو لا تقدم، لكنها مع مرور الأعوام والجهد والوقت الذي تنفقه أصبحت تحدد مبلغا معقولا من أجل الدهان، خاصةً أنها أحياناً تعاني الزحام الشديد لعدد الحالات التي تحضر رغبة في "التمريخ"، كما أنها تقوم بإعداد بعض الأعشاب الطبيعية من أجل علاج بعض الأعراض، التي ثبت مدى نفعها من خلال المواقع الطبية، وجميعها أعشاب متداولة في المنازل كـ"المرة" و"حجر الشبة" و"الحبة السوداء" و"العسل"، مُشددةً على أهمية التمريخ كعلاج شعبي ما زال يثبت جدواه لدى كثير من السيدات، فهناك من رزقت بالحمل بعد عقم استمر أكثر من 15 عاما، وهناك من تم علاجها بعد معاناة طويلة مع العلاجات من خلال المستشفيات، فالعلاج بالتمريخ علاج شعبي متوارث أثبت جدواه لدى كثير من السيدات. حدث الحمل وأوضحت أماني فهد- عانت تكيسات في المبايض وتأخرا في الإنجاب- أن "المراخة" امرأة جديرة بالاحترام، ولديها قدرة هائلة على تشخيص الحالات ومعرفة علاجها بطرق بسيطة، وغالباً ما تكون ذات نفع على المرأة، مضيفةً أنها خاضت تجربة في مشكلة مرضية لديها قضت سبع سنوات لإيجاد حل لها، لكنها لم تستطع أن تصل إلى العلاج المناسب، على الرغم من ارتيادها أكثر من عيادة، مبينةً أنه على الرغم من ذهابها لأكثر من "مراخة" سابقاً، إلاّ أنها لم تجد النفع والفائدة إلاّ على يد إحدى المراخات، التي تقطن في الجنوب، فسافرت لها، وقد كانت امرأة طاعنة في السن، فقامت بسؤالها في عدة أمور تتعلق بالأعراض التي تشعر بها، ثم بدأت في عملية الدهان بطريقة تتصف بالقوة، وذلك لمدة ثلاثة أيام متواصلة، ثم تقاضت من أجل ذلك العلاج 300 ريال، وطلبت منها ألا تحمل أي شيء ثقيل في هذه الفترة حتى حدثت المعجزة بأن اكتشفت أنها حامل بعد انتظار طويل لسنوات، مؤكدةً أن "التمريخ" علم حقيقي يجب الإيمان به، وهو مفيد ومجد، ولا يضر حتى إن لم يثبت العلم ذلك. بحوث علمية وتحدثت د. نهاد الكشي- رئيسة قسم علم الأجنة والولادة والأطفال في مستشفى الولادة بالأحساء- قائلةً: إنه في المناطق الريفية القروية يؤمن الناس كثيراً بالطب الشعبي، إلاّ أنه لم يعمل بحوثا علمية على عمل المرأة التي تستخدم الدهان كعلاج مع السيدات ومدى جدواه في علاج العائق الصحي، الذي قد تعانيه المرأة؛ لأنه يدخل في ذلك الالتزام الأخلاقي الطبي، لذلك فمن الصعب إثبات جدواها إلاّ إذا أثبتت البراهين والأبحاث العلمية ذلك، خاصةً فيما يتعلق برغبة المرأة في الإنجاب، مضيفةً أن هناك حالات نجحت فيها المرأة "المراخة" في علاج بعض الحالات، ولا نعرف هل هي بمحض الصدف، خاصةً حالات البطانة المهاجرة، التي تتعلق بنساء يعانون خلايا معينة تعيق الإنجاب، فمن الممكن أن مثل هذه الحالات تستفيد من حركة الدهان؛ لأنه مع الحركة بالدهان يحسن من عمل البطانة لدى المرأة، وذلك ما تمت ملاحظته، إلاّ أنه لا توجد أبحاث تقطع بأهمية وجدوى التمريخ. يحتاج إلى دراسة وأوضحت د. نهاد الكشي أن هناك بعض الحالات التي أثبت العلم جدوى "التمريخ" منها، خاصةً تلك الحالات التي يكون فيها الطفل في وضعية غير سليمة وهو في بطن أمه، فيمكن أن تقوم الدهانة بالتمريخ حتى تستطيع أن تلف الطفل لوضعه السليم، إلاّ أن مثل هذه الحالات لا يجب أن تحدث في المنزل؛ لأنه من المحتمل أن تحدث مضاعفات للطفل، فمن الممكن أن تكون المشيمة أمامية، فمع التمريخ تنفصل المشيمة داخل المرأة، أو يمكن أن يكون الحبل السري قصيرا فتقوم بلفه مع التمريخ، فينفصل عن مكانة ويحدث النزيف، مضيفةً أن التمريخ بصفة عامة يحتاج إلى دراسة كما يجب أن يكون له تصريح علمي وطبي لمزاولة مثل هذه المهنة، فحينما تدرس طبيعة عمل "الدهانة"، ويكون تحت إشراف وتنظيم مرتب وعلمي وتم تدريبهن، فمن الممكن أن يخرج منهن عمل جيد، مؤكدةً أن الطبيب لا يقوم بإسداء النصيحة للمرأة بالذهاب إلى دهانة؛ لأن البراهين العملية غير موجودة، فلا بد من وجود الإثباتات العلمية، ومن الصعب أن يجزم طبيب النساء والولادة بجدواها. هناك بعض الحالات أثبتت جدوى التمريخ في الإنجاب لا توجد بحوث علمية مُتخصصة في عمل المراخة
مشاركة :