تجربة الممثل باسل خياط في الدراما السورية وضعته خلال سنوات العقد الفائت في مكانة فنية مميزة من خلال أدوار عدة في أعمال نجح معظمها على صعيدي الشكل الفني والمضمون السردي الاجتماعي. باسل خياط أحد أبرز الممثلين السوريين الشباب، خصوصاً في سلاسة أدائه وجاذبية حضوره، جاءت مشاركته في الدراما المصرية هذه السنة من خلال مسلسل «الرحلة» مختلفة على نحو كامل عن كل الأدوار التي لعبها. وهو اختلاف استدعى بالضرورة استنفاراً حيوياً لقدراته الفنية، خصوصاً أن دوره جاء على درجة كبرى من الصعوبة والتعقيد إذ يجسد شخصية تعاني اضطراباً نفسياً يضعه في صورة مستمرة في حالة تناقض حاد بين مفهومه الذاتي عن نفسه وأيضاً عن العالم الخارجي الذي يحيط به ويجعله يتوجس ما في ذلك العالم من شر يحمله أولئك «الوحوش الي بره دول» على حد تعبيره في المسلسل. هي نسبية الرؤية التي تعيدنا مجدداً إلى ما في العالم والحياة من تناقضات حادة هي ابنة التشوهات الاجتماعية التي تراكم كماً كثيفاً من السواد والإحباط إلى الحد الذي يجعل شخصاً ما قابلاً للوقوع في حالة ارتباك كامل لا يعرف معها خلاصه الفردي فيظل مشدوداً لدهشته وفزعه من العالم الخارجي الخاطئ والمشوه والذي يتهمه بدوره بالمرض والتشوه. أداء باسل خياط حمل الكثير من صدقية التعبير وجمالياته فلاحظنا كمشاهدين بساطة تجسيد شخصية مركبة: نتحدث هنا بالذات عن اعتناء فني بالغ الجمالية بالتفاصيل والجزئيات الصغيرة والتي قد تكون عادة ثانوية أو قليلة الأهمية، لكنها في حالة الشخصية المضطربة نفسياً بالغة الأهمية بل هي قوام تلك الشخصية– الحالة، وهي بالطبع قوام الدراما الناجحة وما تشترطه من مفردات فنية. دور لافت وضع باسل خياط في أتون تجربة مختلفة فتحت له أفقاً فنياً من طبيعة أخرى تتجاوز كل ما حققه في أدواره السابقة وتشير إليه كممثل بمواصفات مغايرة أبرز ما فيها ما يمتلكه من موهبة تمثيلية عالية تختزن الكثير من الطاقات الفنية والقدرة على التعبير بها بطلاقة وحيوية وجمالية.
مشاركة :