لندن - لم يكن أحد يتصور أن يرى مثل هذه الصورة قبل خمس سنوات، حيث يجلس الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مكتبه بالبيت الأبيض، وتقف بجانبه مرتدية زيا أسود، نجمة تلفزيون الواقع الأميركية الشهيرة كيم كارداشيان. والتقت كيم بترامب أواخر يونيو الماضي، لمناقشة العفو المحتمل عن جدتها أليس ماري جونسون وهي سيدة تبلغ من العمر 63 عاما وتقضي حكما بالسجن مدى الحياة. وقد ارتدت كارداشيان بزة سوداء وانتعلت حذاء أصفر بكعب عال عند وصولها إلى البيت الأبيض، وقالت وسائل إعلام أميركية أن النجمة المثيرة للجدل، التي تشن منذ فترة طويلة حملة للإفراج عن جدتها الستينية، أجرت محادثات مع الرئيس الأميركي تناولت إصلاح نظام السجون. واستنكر متابعون هذا اللقاء، وإن تناول قضية إصلاح السجون كما دافعت عن ذلك كارداشيان، لكن هؤلاء اعتبروا أن ترامب يكشف في كل مرة أنه ليس رئيس الدولة الأقوى في العالم، حيث يتصرف بعقلية رجل الأعمال الذي يعشق النجومية والأضواء ومصاب بهوس المشاهير، وهذا ليس بغريب عنه حيث أنتج ترامب مجموعة من البرامج التلفزيونية وشارك في تقديمها، وتاريخه حافل بالظهور على شاشة التلفزيون. التقت نجمة الواقع الأميركية كيم كارداشيان بالرئيس الأميركي دونالد ترامب لمناقشة العفو المحتمل عن سيدة تبلغ من العمر 63 عاما وتقضي حكما بالسجن مدى الحياة. وأثار لقاء دونالد وكيم موجة من السخرية والانتقادات. وقال المنتقدون أن ترامب يثبت في كل مرة أنه يتصرف بعقلية رجل أعمال حيث فضل لقاء نجمة هولويود الشهيرة في الوقت الذي ينتظر فيه الكثيرون عقد قمة بسنغافورة في 12 يونيو الجاري مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون لإحياء فرص سلام. وبدا ترامب يفتقد للخبرة في إدارة القضايا الخارجية، فيما تكشف الاستقالات المتتالية بالبيت الأبيض ومناصب الفريق الرئاسي التي مازالت شاغرة، عن أن تهوّر وأنانية ترامب الذي شق طريقه من نجم تلفزيون إلى منصب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة سيقودانه إلى العزلة داخل المكتب البيضاوي. ويكشف الفيلم التسجيلي، الذي أطلقه مؤخرا موقع “نيتفليكس”، بعنوان “ترامب: حلم أميركي” الطبيعة الشخصية والتكوين النفسي للرئيس الأميركي”، منذ بداية ظهوره في وسط قطاع الأعمال الأميركي في سبعينات القرن الماضي. ومنذ اللحظة الأولى له كشخصية عامة، بينما لم يكن قد أتم الثلاثين من عمره بعد، ظهرت نزعة كبيرة لدى ترامب بحب البقاء في دائرة الضوء، والرغبة العارمة في التحول إلى “نجم” كالممثلين والمغنين ولاعبي المصارعة، إلى جانب كونه رجل أعمال. وبمرور فترة صعوده الأولى، التي ركز فيها على العمل بشكل مختلف ومستقل عن اسم والده فريد ترامب، بدأ الرئيس الأميركي الحالي في وضع القواعد الأساسية الأولى لما سيصبح لاحقا “البراند” الخاص به. وبدأت علاقة ترامب بوسائل الإعلام في النمو، بالتزامن مع بناء “برج ترامب” في قلب حي منهاتن الشهير بمدينة نيويورك الأميركية. ومع الوقت تحول الأمر إلى رغبة في استخدام ترامب وتوجيهه لمحررين وصحافيين نافذين في صحف التابلويد النافذة في الولايات المتحدة. ومر ترامب بعدة تجارب زواج، ابتداء من عارضة الأزياء إيفانا ترامب، والعارضة الأخرى مارلا مابيز، ووصولا إلى سيدة الولايات المتحدة الأولى حاليا ميلانيا ترامب. وعلى ما يبدو، لم يقلع ترامب عن عادته القديمة بالبقاء تحت دائرة الضوء، واتخاذ أصدقاء من بين المشاهير والفنانين والظهور معهم في أماكن عامة، حتى بعد توليه منصب رئيس الولايات المتحدة. وكان آخر لقاءاته مع كيم كارداشيان. ويعتقد الكاتب البريطاني ديفيد سميث أن الرئيس الأميركي بسياساته المتهورة سيمكث وحيدا في البيت الأبيض بعد أن تخلى عنه الكثير من مؤيديه. وشرح سميث وجهة نظره انطلاقا من موقف ترامب المتذبذب من المحادثات المنتظرة مع كوريا الشمالية، أمام مخاوف من أن تبدد مزاجية ترامب فرصة سلام تاريخية بين واشنطن وسيول. ترامب متهم بالأنانية مع استمرار الاستعداد والتحضير لعقد المباحثات مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، غرد مراسل شبكة “أن.بي.سي” الإخبارية بيتر ألكسندر، قائلا إننا أمام “قمة كيم أخرى”، في إشارة إلى اللقاء الذي جمع ترامب بكيم كارداشيان. وعلق ترامب عقب اجتماعه بها على تويتر “لقد كان اجتماعا عظيما، تحدثنا فيه عن بعض قوانين السجون وإصدار الأحكام”. لكن الرئيس الأميركي بدا وكأنه مفتقد للخبرة ومستغن عن دائرة مساعديه الداخلية التي تعتبر مصدرا للثقة بالنسبة إليه. وبينما يقترب ترامب من 500 يوم في منصبه، وهو يطلق بشكل يومي العديد من الملاحظات، والتغريدات، والشتائم، والتهديدات، بل وإقامة حرب تجارية عالمية، ورسائل مترددة لا تفصح عن جديته في عقد اجتماع مع كيم جونغ أون، يقل عدد المحيطين به في البيت الأبيض بشكل تدريجي أكثر من أي وقت مضى. ويتهمه المحيطون به بالأنانية، ويقول المنتقدون إن فريق عمل ترامب ليس فريقا من المنافسين، بقدر ما هو فريق يتكون من شخص واحد، وهو ترامب نفسه. مايكل ستيل: من دواعي سرور ترامب أن يشاهد موظفيه وهم يشكلون المعسكرات والأحزاب ويلاحقون بعضهم البعض مايكل ستيل: من دواعي سرور ترامب أن يشاهد موظفيه وهم يشكلون المعسكرات والأحزاب ويلاحقون بعضهم البعض وقال مايكل ستيل، الرئيس السابق للجنة الوطنية في الحزب الجمهوري، “أعتقد أنه باتت لدينا صورة كاملة عنه الآن. إنه ليس الرئيس الذي يعتقد أنه بحاجة إلى أي شخص. هو رئيس ‘الأنا’ فقط”. وأضاف ستيل “تستطيع أن تسمعها في كل خطاب، وتراها في كل تغريدة. الأمر دائما يدور حوله. وكما هو الحال في جميع الأمور، ستصل فترة رئاسته إلى ذروتها وستخبو مرة أخرى بناء على جهوده الخاصة فقط”. ورغم أنه كان من المعتقد أن أعضاء البيت الأبيض سيتنافسون لتشكيل فريق رئاسة جديد بعد أن واجه سلسلة من الاستقالات، لكن حتى التنافس القوي بين جناح “غولدمان ساكس” والجناح “الشعوبي القومي” قد تلاشى وراء ضجيج وغرور وأنانية الرئيس الأميركي الحالي. وسجلت الإدارة الأميركية الجديدة، خلال العام الأول لعملها، رقما قياسيا من حيث نسبة استقالات وانسحابات الموظفين في غضون سنة واحدة، متفوقة على أي إدارة أخرى في تاريخ البلاد. وتشير تقارير أن الإدارة الأميركية الجديدة تعصف بها الآن ما يسمى بـ”حرب الجميع ضد الجميع”. ويقال إن الخلاف بين وزير الخزانة ستيفن منوشين، ومستشار الرئيس للشؤون التجارية بيتر نافارو، على سبيل المثال، قد اندلع خلال نقاشهما الحاد الشهر الماضي على هامش محادثات التجارة في الصين. ووفقا لموقع أكسيوس الإخباري الإلكتروني، فإن كيلي سادلر المتحدثة باسم البيت الأبيض، التي كانت قد أدلت بتعليقات مهينة عن السيناتور الجمهوري جون ماكين، أخبرت ترامب أمام زملائها أنها تعتقد أن رئيستها المباشرة، مرسيدس شلاب، كانت من أسوأ مسربي الأخبار لوسائل الإعلام في البيت الأبيض. وأفاد موقع أكسيوس إن شلاب دافعت عن نفسها بشراسة بينما كان الرئيس ينظر إليها. وعلق ستيل قائلا “يكاد يكون من دواعي سروره أن يشاهد موظفيه وهم يشكلون معسكرات وأحزابا، ويلاحقون بعضهم البعض، بل ويشوهون سمعة بعضهم البعض. لكن ما لم يتوقعه من خلفية عمله كرجل أعمال هو التسريبات التي تصل إلى الإعلام”. ويعتقد ستيل أن “هناك أجندة أعمال في برج ترامب، لكن على ما يبدو لا توجد أجندة أعمال واحدة في البيت الأبيض. ما تعلّمه هو أن الناس يأتون إليه بجدول أعمالهم الخاص. لكنه على الأرجح يشعر بسعادة غامرة وهو يشاهد الموظفين يتصرفون مثل الأطفال في حجرة اللعب”. تصريحات متضاربة تطول قائمة مغادري البيت الأبيض وتشمل مدير اتصالاته هوب هيكس، وكبير المستشارين الاستراتيجيين ستيف بانون، اللذين لم يتم استبدالهما بمسؤولين آخرين إلى الآن. وأوضح ستيل “هذه المناصب لا تزال شاغرة”. وصدرت عن الرئيس الأميركي الأسبوع الماضي تصريحات متضاربة في ملفات عدة تشمل السياسة الخارجية وقضايا الداخلية بالولايات المتحدة. وقام ترامب بفرض رسوم جديدة للصلب والألمنيوم على بعض الدول الحلفاء مثل كندا والاتحاد الأوروبي والمكسيك، مخاطرا بذلك بإضرام حرب تجارية عالمية. وقام أيضا بالتلميح إلى أن الاجتماع التاريخي المخطط له مع زعيم كيم جونغ أون، قد يؤجل إلى وقت لاحق، قائلا إن القمة “ربما لا تتم في 12 يونيو”. ثم قام بتوجيه الاتهام إلى صحيفة نيويورك تايمز بافتعال مصدر أحد الأخبار، في حين أنه في الواقع كان نقلا عن مسؤول في البيت الأبيض قد أطلع العديد من المراسلين الصحافيين عليه. وبحسب الصحيفة، قام ترامب بإطلاق 35 تصريحا لم يكن أي منها صحيحا في مظاهرة في ناشفيل في ولاية تنسي الأميركية. ثم أعلن أنه يتمنى اختيار شخص آخر غير جيف سيشنز كمدع عام. وأصر على أنه لم يُقل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي، على خلفية تحقيقات حول التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، على الرغم من اعترافه بذلك في مقابلة تلفزيونية، واستمراره في الحديث عن نظرية الجاسوسية التي لا أساس لها من الصحة. بوب شروم: ترامب هو أول رئيس أراه، إلى جانب ريتشارد نيكسون، يقوم بالاستماع فقط إلى الأشخاص الذين يتفقون معه بوب شروم: ترامب هو أول رئيس أراه، إلى جانب ريتشارد نيكسون، يقوم بالاستماع فقط إلى الأشخاص الذين يتفقون معه ثم علق على إلغاء برنامج “روزان”، أكثر المسلسلات التلفزيونية شعبية في الولايات المتحدة، من دون إدانة التغريدة العنصرية للممثلة روزان بار. وأصدر ترامب عفوا رئاسيا عن المؤلف المحافظ وصانع الأفلام دينيش ديسوزا، الذي أقر بأنه مذنب في عام 2014 بتهمة انتهاك قوانين تمويل الحملات الفيدرالية. كما فكر ترامب أيضا في العفو عن حاكم ولاية إلينوي السابق، رود بلاغوفيتش، وعن المذيعة التلفزيونية مارثا ستيوارت، وكلاهما كان على صلة ببرنامجه لتلفزيون الواقع “ذا أبرينتيس”. وتقول تكهنات إن ترامب يريد من خلال حملات العفو أن يرسل إشارة المحقق روبرت مولر “ابق مخلصا وسوف أعفو عنك”. وعادة ما يتوقع من كبير موظفي البيت الأبيض أن يتدخل وأن ينقذ الرئيس من نفسه. لكن لم يكن لدى جون كيلي، الذي خلف راينس بريباس في المنصب، سيطرة كبيرة على تغريدات ترامب على تويتر، ويُنظر إليه الآن على أنه قوة متراجعة لم تعد تستحوذ على أذن الرئيس. وحتى صهر ترامب، غاريد كوشنر، يبدو الآن أنه يتخذ جانبا بمنأى عن الرئيس هذه الأيام. وعلى النقيض من ذلك، فإن الوجوه الجديدة التي تحتل المناصب في البيت الأبيض يعرف عنها أنها تتفق مع سياسات ترامب وأنها تشعره بالرضا عن نفسه. ويبدو أن مستشاره للأمن القومي، جون بولتون، والمستشار الاقتصادي لاري كودلو، والمحامي الشخصي رودي جولياني، يعملون على تدليله ومجاملته بدلا من التحقق ومراجعة تصرفاته الاندفاعية. ويقول بوب شروم، وهو استراتيجي في حزب الديمقراطيين يبلغ من العمر 74 عاما “هذا هو أول رئيس أراه، إلى جانب ريتشارد نيكسون، يستمع فقط إلى أشخاص يتفقون معه. أعتقد أن الأمور تسير نحو الأسوأ. وإذا كان هناك أي تغيير، فهو في اتجاه اتخاذ قرارات متهورة وغير مدروسة”. أما جولياني، الذي قام بعدة مقابلات، وكان يعمل ساعات إضافية لتشويه سمعة المحقق مولر، فيبدو مناسبا لمنصبه بشكل طبيعي. وكما يقول الإعلامي الساخر جون أولـيفر “هـو وتـرامب وجهـان لعملة واحدة”. وقالت جويندا بلير، كاتبة السيرة الذاتية لترامب “ترامب يبدو وكأنه موظف مبيعات، والآن لديه نائب في مجال المبيعات. لا ينظر إلى جولياني على أنه منافس له. فجولياني يبقى في منصبه في المقام الأول لأنه يستحوذ على اهتمام عناوين الصحف”. وتبين بلير أن أسلوب إدارة ترامب هو نفسه الذي اتبعه منذ عقود كمدير تنفيذي في عالم العقارات في برج مانهاتن. وأضافت “هذا ما كان يفعله دائما؛ يشعر دائما أنه المحور وباقي من حوله هم مجرد أدوات يستخدمها. يضع الجميع أمام بعضهم البعض ليكون ولاؤهم الوحيد في النهاية له هو. يُحبهم ثم يُقيلهم، وهذا ما فعله طوال مسيرته”.
مشاركة :