انقرة (أ ف ب) - يواجه السياسي الكردي البارز صلاح الدين دميرتاش معضلتين في الانتخابات التي ستجري هذا الشهر في تركيا تتمثلان في كسب السباق بمواجهة الرئيس رجب طيب اردوغان، فضلا عن المهمة المستعصية المتمثلة بتنظيم حملته من زنزانته. ولا يزال الزعيم المشارك السابق لحزب الشعوب الديموقراطي وأبرز شخصياته حتى الآن معتقلا منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2016 بتهمة الارتباط بمنظمة كردية محظورة. لكن الحزب اختاره كمرشح لمواجهة اردوغان في انتخابات 24 حزيران/يونيو فيما دعا دميرتاش كل عضو في الحزب إلى تنظيم حملة انتخابية باسمه. وكتب الأسبوع الماضي "أثق بكم لأنكم صوتي وأنفاسي". واعتقل دميرتاش في إطار حملة أمنية تم إطلاقها بعد الانقلاب الفاشل في تموز/يوليو 2016 والتي يشير معارضوها إلى أنها تجاوزت بكثير استهداف المخططين. ودميرتاش (45 عاما) متهم بالانتماء إلى حزب العمال الكردستاني المحظور والترويج للجماعة المدرجة على اللائحة السوداء للمنظمات الإرهابية من قبل أنقرة وحلفائها في الغرب. ويواجه عقوبة بالسجن قد تصل إلى 142 عاما. وفاز المحامي السابق المدافع عن حقوق الإنسان بنحو عشرة بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية عام 2014 حيث كرس نفسه كخصم قوي لاردوغان. وأصبح حزبه بعد ذلك الحزب الأول المؤيد للأكراد الذي يدخل البرلمان في انتخابات حزيران/يوينو 2015 محافظا على وضعه كثاني أكبر حزب معارض في انتخابات الإعادة التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته. وقال منسق حملة دميرتاش ومعاون رئيس الحزب صاروهان أولوج لوكالة فرانس برس إن "وجود (دميرتاش) في السجن غير قانوني وغير عادل. أردنا أن نظهر بأننا لا نقبل بهذا الظلم". - "صعوبة في تنظيم الحملة" - ومن زنزانته في السجن الواقع في محافظة أدرنة (شمال غرب) التي يتشارك فيها مع نائب آخر من حزب الشعوب الديموقراطي، ينشر دميرتاش تغريدات بشكل يومي عبر محاميه تتراوح بين رسائل سياسية وتعليقات على الأخبار وأحيانا حتى الدعابات. وقال في تغريدة "من الاستطلاع الذي أجريته في الزنزانة، فزت بنسبة 100% في كل مرة. أمزح. في إحدى المرات غضبت من نفسي فحصلت على 50 بالمئة من الأصوات". وينظم زعيما حزب الشعوب الديموقراطي الحاليين بروين بولدان وسيزاي تيميلي حملات في انحاء البلاد من أجل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجري بشكل متزامن. وقال تيميلي لوكالة فرانس برس من على متن حافلة حملته في أنقرة إن تنظيم الحملة بهذه الطريقة "أمر صعب لكن لا يخطر في بالنا أننا سنفشل". وأفاد عدد من مسؤولي حزب الشعوب الديموقراطي أنه على الأرض، كثيرا ما تتعرض أكشاكهم وتجمعاتهم إلى مضايقات من مسؤولين حكوميين بينهم عناصر شرطة. وقال تيميلي إن "جميع المؤسسات (...) تعمل بشكل مشترك حاليا لابقاء حزب الشعوب الديموقراطي تحت عتبة (العشرة بالمئة التي يحتاجها لدخول البرلمان) وعدم السماح له بتنظيم حملات". ولا تمنح وسائل الإعلام التركية الرئيسية مساحة كبيرة من التغطية للحزب الذي يتهمه اردوغان بالارتباط بحزب العمال الكردستاني. ووفقا لمنظمة الشفافية الدولية فرع تركيا، فإن شبكة "تي آر تي" الرسمية خصصت ثلاث ثوان فقط من التغطية لدميرتاش في برامجها التلفزيونية الرئيسية في أيار/مايو مقارنة بـ105 دقائق لاردوغان. وكما هو الحال بالنسبة لمرشحين آخرين، سمحت الهيئة العليا للانتخابات لدميرتاش بتسجيل رسالة مرتبطة بحملته لشبكة "تي آر تي". وطالب حزب الشعوب الديموقراطي بالسماح لدميرتاش بتسجيل مقطع مصور خارج السجن. ونظم الحزب "مؤتمرا صحافيا" على وسائل التواصل الاجتماعي لتمكين المستخدمين من طرح اسئلتهم التي سينقلها المحامون إلى دميرتاش ليرد بدوره يوم الجمعة. ويوم الأربعاء، نشر القيادي الكردي تسجيله الصوتي الأول ولربما الوحيد عن الحملة من خلال اتصال هاتفي بزوجته قال فيه "للأسف تحولت تركيا إلى سجن شبه مفتوح. يحاولون خلق مجتمع قائم على الخوف والحكم عبر الترهيب" واصفا نفسه بأنه "رهينة سياسية" - "لحظة مفصلية" - ويرى رئيس مجلس إدارة شركة "غيزجي" لاستطلاعات الرأي مراد غزيجي أن سجن دميرتاش بإمكانه "كسر عزيمة ناخبي حزب الشعوب الديموقراطي" الذين يفترضون أن المعركة خاسرة سلفا. وتشير استطلاعات "غيزجي" إلى أن دميرتاش سيفوز بنحو ثمانية إلى تسعة بالمئة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية في حين سيفوز حزبه بـ9,7 بالمئة من الأصوات في الانتخابات التشريعية. لكن رئيس مجلس إدارة معهد "ميتروبول" لاستطلاعات الرأي اوزير سنجار يقول إن استطلاعاته تشير إلى أن دميرتاش قد يحصل على 11,4 بالمئة من الأصوات وحزب الشعوب الديموقراطي على 11 بالمئة. وقال إن "وجوده في السجن ليس عاملا سلبيا". واعتبر أن دميرتاش "هو المرشح الأفضل الذي يمكن لحزب الشعوب الديموقراطي ترشيحه فهو شاب وذكي ولديه حس فكاهة يحبه الأكراد ويتعاطف معه الأتراك وخاصة اليساريين منهم". من جهته، قال دوروست الذي شارك في تجمع في أنقرة للتعبير عن دعمه للحزب "نعيش لحظة مفصلية، إما حزب الشعوب الديموقراطي أو نهايتنا". لوانا سرميني-بوناكورسي © 2018 AFP
مشاركة :