تحت نافورة دبي الراقصة

  • 6/7/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

حين قرأت العام ألفين وأربعة، لافتة كتب عليها “أرقى كيلومترا في العالم” أمر عليها كل يوم بحكم قطع الطريق من بيتي لعملي في “الميديا ستي”، أقول أنى يكون ذلك، لعل بلدية دبي تبالغ في وضع هذه اللافتة على طريق رئيسي من شوارعها التي كانت تشيد، وترتفع الرافعات الهيدروليكية من حولها، حتى أغلق المكان وظلت اللافتة الصغيرة تؤشر أن هذا المكان سيكون أرقى كيلومترا في العالم. خمس سنين وأنا أذهب وأجيء إلى سكني وأرى رؤوس المباني تطلع بعمائر تزداد طولا، والأشجار تنمو من حولها، حتى اكتمل المشروع وأزيلت تلك اللافتة ليُعلن عن معالم مدينة عصرية هائلة يتوسطها برج هو الأعلى في العالم، ونافورة من عجائب الدنيا، ترقص فيها المياه على نغم الأناشيد وأغنيات أم كلثوم، وميحد حمد، وعيضه المنهالي، والجسمي وأغاني من الصين والهند، ودول أخرى. والعشرات من العمائر الأنيقة التي أنجزها معماريون أفذاذ من بينهم زها حديد ونجوم المعماريين في العالم، الذين تنافسوا إبداعا لينتجوا أجمل وأكفأ عمائر هندسية، في ذلك الكيلومتر الممتد قبالة شارع الشيخ زايد، حيث تم تشييد أكبر مول في العالم الذي أخذ يمتد حتى اللحظة في أذرع ومبان تمنحه شواغل جديدة. ماذا فعل العقل الإنساني لينتج خلال خمس سنوات كل هذه التنويعات المعمارية، ويستجلب سياحا من كل القارات، يتفرجون على تلك النافورة الراقصة التي تعمل كل نصف ساعة، وينتظرها عشرات الآلاف من البشر يتجمهرون حول بحيرتها، وهي تنثر على وجوههم رذاذها لتزيدهم غبطة وسرورا. أقف متأملا أتفرس وجوه المتجمهرين المنتظرين المحتشدين والمتحلقين حولها، وهي تدور وتتلوى لتطلق مياهها التي لا يعلوها سوى البرج الشاهق، أشعر بعظمة المشتركات بين البشر بألوانهم وسحناتهم، واختلاف مشاربهم وجنسياتهم، وحدة بشرية من كل القارات يجمعها ولو للحظات إبداع الإنسان وتناغم قدراته التي التقت في ذلك الكيلومتر الذي رأيت لافتته قبل عشرة أعوام. أدركت حينها أن العقول المنظمة المؤلفة من مهندسين معماريين ومدنيين، والممتزجة بقدرات مهندسي الحاسبات والإلكترون، والميكانيك والكهرباء، حين تلقى رحابة واستعدادا من مخططين وصناع مهرة ومدنية تنتج ما يبهر عقول المجتمعات ويوحدها في رؤية عظمة المنجز وإشراقة النتائج. مازلت أجول حول تلك النافورة الراقصة، وينشغل عني الآلاف من البشر بالتصوير، وأدلف ممرا لصيقا بها نحو دار الأوبرا التي تنتظر قدوم أشهر الفرق والمغنيين العالميين، والتي اضطرت بداية موسمها لتمدد لحفلة كاظم الساهر ليومين في رأس السنة، للطلب الشديد لحضور حفلتيه.

مشاركة :