اكتشفت دراسة جديدة جرت في اليابان أن أصحاب فئة الدم O أكثر عرضة للوفاة غداة صدمة حادة. يحمل جميع القرّاء أحد فئات الدم الأربع: A، B، AB، O. تتحدد الفئة بحسب الجينات الموروثة من الوالدين. لا بد من التذكير سريعاً بمعنى كل فئة دم. تشتق أسماء فئات الدم من نوع المستضد على سطح خلايا الدم الحمراء ونوع الأجسام المضادة في بلازما الدم. تحمل الفئة A مستضدات من نوع A على خلايا الدم الحمراء وأجساماً مضادة من نوع B في بلازما الدم، بينما تحمل الفئة B مستضدات من نوع B وأجساماً مضادة من نوع A في بلازما الدم. أما الفئة AB، فتحمل المستضدَين معاً لكنها لا تشمل أية أجسام مضادة، ولا تحمل فئة الدم O من جهتها أي مستضدات على سطح خلايا الدم الحمراء لكنها تشمل أجساماً مضادة من نوع A وB في بلازما الدم. تُعتبر فئة الدم O الأكثر شيوعاً بين البشر، إذ يحمل نصف الناس في الولايات المتحدة وحدها هذه الفئة. لكن نظراً إلى انتشارها، يتراجع مخزونها في المستشفيات بدرجة مقلقة في معظم الأحيان. مشاكل فئة الدم O جرت دراسة جديدة في مستشفى طوكيو الجامعي للطب وأمراض الأسنان في اليابان وحللت مدى تأثير فئة الدم في خطر الوفاة غداة التعرض لصدمة حادة. تستطيع هذه الإصابة أن تسبب الوفاة أو إعاقة طويلة الأمد. يوضح المشرف على الدراسة واتارو تاكاياما السبب الذي دفعه إلى التحقيق بهذا الموضوع قائلاً: «تشير دراسات حديثة إلى إمكانية اعتبار فئة الدم O عامل خطر للنزف المفرط. ويُعتبر فقدان الدم أول سبب لوفاة المصابين بصدمة حادة، لكن لا تزال الدراسات المتعلقة بالرابط القائم بين مختلف فئات الدم وخطر الوفاة الصادمة نادرة». تابع الدكتور تاكاياما قائلاً: «أردنا أن نختبر الفرضية القائلة إن النجاة من الصدمات تتأثر باختلاف فئات الدم». لإجراء تحقيق مفصّل عن الموضوع، تعمّق الباحثون في بيانات مأخوذة من 901 مريض أصيبوا بصدمة حادة في مركزَين لرعاية الطوارئ في اليابان بين عامَي 2013 و2016. فقارنوا معدلات وفاة المرضى من أصحاب فئة الدم O بالأشخاص الذين لا يحملون هذه الفئة. نُشرت نتائجهم في مجلة «العناية الحرجة». بلغت نسبة الوفيات ضمن مجموعة المرضى الذين لم يحملوا الفئة O %11، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى %28 لدى أصحابها، ما يعني أنها أعلى بثلاثة أضعاف تقريباً. ارتفاع نسبتها يظن العلماء أن هذا الفرق البارز في معدلات الوفيات ينجم عن عامل تخثر الدم المعروف باسم «عامل فون ويل براند». يُرصد هذا العامل بمستويات متدنية لدى أصحاب فئة الدم O، ما قد يزيد احتمال النزف المفرط. تؤيّد هذه النتائج استنتاجات الدراسات السابقة. اكتشفت إحدى الدراسات مثلاً أن التخثر الوريدي يُعتبر أكثر شيوعاً لدى المرضى الذين لا يحملون فئة الدم O. كذلك، استنتجت دراسة أخرى أن فئة الدم O تزيد خطر الإصابة بنزف ما بعد الولادة، أي فقدان كمية كبيرة من الدم غداة إنجاب طفل. ثمة حاجة ماسّة إلى إجراء أبحاث إضافية. إذا كان تأثير فئة الدم O مختلفاً، قد تبرز الحاجة إلى تغيير طريقة التعامل معها. يقول الدكتور واتارو تاكاياما: «تطرح نتائجنا أيضاً أسئلة حول تأثير العمليات الطارئة لنقل خلايا الدم الحمراء من فئة O إلى مريض مصاب بصدمة حادة على الاتزان الداخلي، أي العملية التي تجعل النزف يتوقف، ولا بد من معرفة مدى اختلاف الوضع مع فئات الدم الأخرى». لكن يؤكد الباحثون وجود ضوابط لهذه الأبحاث كلها. في هذه الدراسة مثلاً، كان جميع المرضى يابانيين، لذا لا بد من تكرار الدراسة نفسها مع أشخاص من خلفيات إثنية أخرى. كذلك، قارن التحليل بين مرضى من فئة الدم O وبين آخرين من فئات دم مغايرة ولكنه لم يحدد الاختلافات مع الفئات الثلاث المتبقية، ما يعني أن الاختلافات الأخرى قد تبقى خفّية. يخطط الدكتور تاكاياما لمتابعة أبحاثه في هذا المجال: «من الضروري أن نجري أبحاثاً إضافية للتحقيق بنتائج دراستنا وتطوير أفضل استراتيجية علاجية للمصابين بصدمات حادة».
مشاركة :