إعداد: سيد زكي شكلت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي العربي والخليجي، وتحقيق التطلعات في الأمن، والتنمية، والاستقرار، والأهم من ذلك كله هو إعادة الأمة إلى مكانها وتأثيرها الطبيعي في أحداث المنطقة، والوقوف بحزم في وجه الأطماع والمؤامرات التي تحاك ضدها.وجسدت تلك العلاقات الشراكة الفاعلة والروابط التاريخية والتعاون الموحد؛ لمواجهة التحديات بأنواعها كافة، لاسيما أن جذورها متينة، وراسخة، وقوية، ومتجددة لتواكب المتغيرات كافة، في وقت تحتل تلك العلاقات بقيادة صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والمملكة العربية السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، مكانة مرموقة على صفحات التاريخ عسكرياً، واقتصادياً، واجتماعياً؛ إذ تجسدها عقود من الزمن، وتستند في مضمونها إلى جذور الروابط الوثيقة، والقوية، والمتجددة. زايد مؤسس العلاقات وفي قراءة متأنية في صفحات تاريخ علاقات البلدين، نجد أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أسس علاقات قوية واستراتيجية بين البلدين تستند إلى أسس راسخة من الأخوة، والرؤى، والمواقف، والتوجهات المتسقة تجاه قضايا المنطقة، والعالم، فضلاً عن أنها تمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون.ويرى المحللون والخبراء، أن العلاقات التي تربط بين البلدين، تعززها روابط الدم، والإرث، والمصير المشترك؛ أسس دعائمها المغفور له الشيخ زايد، مع أخيه الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، طيب الله ثراهما، اللذين حرصا على توثيقها باستمرار، وغرسها في ذاكرة الأجيال المتعاقبة حتى تستمر على ذات نهج التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول المستجد من القضايا، والموضوعات ذات الصبغة الإقليمية والدولية، بما يكفل الانسجام التام والكامل لكل القرارات المتخذة من البلدين الشقيقين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك. مستقبل الخريطة السياسية تأتي هذه العلاقات الفريدة والمتميزة التي تمثل شعاع نور والمنطقة تمر بتحولات غاية في الأهمية سترسم بشكل كبير مستقبل الخريطة السياسية سنوات طويلة.. وهو ما أدركته القيادة الرشيدة للبلدين.وتؤكد المعطيات والشواهد أن البلدين يرتبطان بعلاقات تاريخية، وشراكة استراتيجية راسخة وشاملة، ومواقف ورؤى متطابقة، فضلاً عما تحظيان به من تقدير وثقة دولية كبيرة ،تجزم بأن الدولتين قادرتان بالتعاون والتنسيق مع دول عربية شقيقة، على إعادة التوازن والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة العربية، وضمان مصالح شعوبها.وتعتبر العلاقة بين دولة الإمارات والمملكة نموذجاً فريداً للعلاقات الثنائية ما بين الأشقاء التي تقوم على أسس تاريخية صلبة، تعززها روابط الدم والمصير المشترك، وتحكمها وحدة الرؤى والمصالح في التعامل مع جميع القضايا الخليجية والعربية والعالمية.وتمثل العلاقات الثنائية بين البلدين ركناً أساسياً من أركان الأمن الجماعي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والأمن القومي العربي، حيث تراهن شعوب المنطقة العربية من المحيط إلى الخليج على التحالف السعودي - الإماراتي في تحقيق تطلعاتها في الأمن والتنمية والاستقرار، ولم يأت ذلك من فراغ وإنما من معطيات وشواهد بليغة ترتبط بعلاقاتهما التاريخية، وشراكتهما الاستراتيجية الراسخة والشاملة، ومواقفهما ورؤاهما المتطابقة، فضلاً عما تحظيان به من تقدير وثقة دولية كبيرة، تؤكد أن البلدين قادران، بالتعاون والتنسيق مع دول عربية شقيقة في مقدمتها جمهورية مصر العربية، على إعادة التوازن والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة العربية وضمان مصالح شعوبها. المتغيرات الإقليمية والدولية وخلال العقد الأخير خطت العلاقات بين الإمارات والسعودية خطوات استراتيجية مهمة جعلت منها نموذجاً لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الدول العربية، ومثالاً على الوعي المشترك بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية المحيطة، وأهمية التعامل معها بسياسات ومواقف متسقة ومتكاملة، وعبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عن هذه القناعة خلال الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الإمارات في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2016 حينما غرد عبر حسابه الشخصي على تويتر قائلاً: «علاقات المملكة ودولة الإمارات تجاوزت العلاقات الدبلوماسية، والتحمت لتكون علاقة العضد بعضيده.. نسأل الله أن يحمي هذا الجسد الواحد».وتؤمن دولة الإمارات بأن المملكة العربية السعودية تشكل صمام أمان الأمة، وحاملة راية الدفاع عن مصالحها ضد جميع الأطماع والمشاريع التي تهدف إلى شق وحدة الصف العربي، وهذا ما عبر عنه صراحة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، خلال نفس الزيارة التاريخية، حيث قال سموه: «إن دولة الإمارات آمنت دائماً بأن المملكة العربية السعودية هي عمود الخيمة الخليجية والعربية، وأن أمنها واستقرارها من أمن واستقرار الإمارات، وغيرها من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والدول العربية الأخرى».وأضاف سموه: «إن التاريخ العربي سوف يتذكر على الدوام المواقف التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وقراراته الحاسمة والحازمة في مواجهة محاولات التدخل في المنطقة العربية، من قبل أطراف خارجية لها أطماعها فيها». تنوع المسارات وتنوعت مسارات العلاقة بين البلدين، فقد شملت مختلف الأوجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية بطبيعة الحال، وصولاً إلى المسار العسكري، وتشكيل التحالف العربي؛ لنصرة الشرعية في اليمن بقيادة السعودية، ومشاركة فاعلة من الإمارات؛ حيث أسس ذلك التحالف لعلاقة تاريخية أبدية معطرة بدماء شهداء البلدين، الذين قضوا دفاعاً عن اليمن وأهله؛ ونصرة للحق، وحرصاً على وحدة اليمن الشقيق، في وجه أحقاد الحاقدين، الذين سلكوا كل السبل للإيقاع به، وإجهاض حلم أبنائه بدولة حرة ومستقلة، فلبت الإمارات والسعودية نداء أهل اليمن فذادوا عنه، وبذلوا في سبيله أزكى الدماء.وتعد العلاقة التجارية والاقتصادية بين الإمارات والمملكة العربية السعودية الأكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي، وتعد الإمارات من أهم الشركاء التجاريين للسعودية في المنطقة العربية، بشكل عام، ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص.وشهدت الآونة الأخيرة تطورات استراتيجية في علاقة البلدين، فلم يعد هم الدولتين محصوراً في حدودهما؛ بل تجاوز ذلك للتفكير في الواقع الذي تمر به المنطقة العربية وسط مساع جادة بذلتها قيادتا البلدين؛ للنهوض من الانتكاسات العربية المتكررة التي خلّفتها تنظيمات إرهابية ومؤامرات أرادت النيل من كل ما هو عربي إسلامي. تكاتف وشركات هناك الكثير من مجالات التعاون بين البلدين في مجال الطاقة المتجددة، والتقنيات النظيفة؛ حيث يمتلكان الكثير من العوامل المشتركة، فكلاهما من كبار مزودي الطاقة للعالم، ويسعيان إلى تعزيز هذه المكانة، مع العمل في الوقت ذاته على مواكبة تنامي الطلب المحلي على الطاقة، الذي يأتي نتيجة النهضة الاقتصادية والاجتماعية، والنمو السكاني الكبير، وضرورة توفير موارد إضافية من الطاقة لتحلية المياه، وتعد الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة السبيل الأمثل لمواكبة هذا النمو والإسهام في تحقيق التنمية المستدامة.وتشمل مجالات التعاون المحتملة العمل المباشر بين الطرفين في التطوير المشترك لمشروعات الطاقة المتجددة، وتوليد الكهرباء، وتحلية المياه، وفرص التطوير المشترك في قطاع التقنيات ذات الصلة بقطاع الطاقة المتجددة، فضلاً عن التعاون في مجال الأبحاث والتطوير والتكنولوجيا المتقدمة. تطور نوعي وتعكس أرقام ومؤشرات التجارة والاستثمار عمق الروابط؛ حيث تعد المملكة رابع أكبر شريك تجاري للإمارات على مستوى العالم، والشريك الأول عربياً، كما تصنف السعودية ثالث أكبر مستورد من الإمارات في المنتجات غير النفطية، وثانية كبرى الدول المعاد التصدير إليها، وفي المرتبة الحادية عشرة من حيث الدول المصدرة للإمارات. والمتابع لسير العلاقات بين البلدين يلاحظ بسهولة كيف أنها تشهد تطوراً نوعياً في مختلف المجالات.والفرص الموجودة في علاقات البلدين كبيرة وواعدة؛ نظراً لثقل الدولتين في الأسرة الخليجية، وتقارب وجهتي نظرهما إزاء الكثير من القضايا المصيرية للخليج والعرب بشكل عام. توثيق التعاون وفي خطوة نحو توثيق مسارات التعاون، أسست «مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية» في عام 2010؛ لإسهام الطاقة الذرية والطاقة المتجددة في تنويع واستدامة مصادر الطاقة؛ لتوليد الكهرباء وتحلية المياه في المملكة، بالاعتماد على العلوم والأبحاث والصناعات المتقدمة، وبما يسهم في الحفاظ على موارد النفط والغاز، وإطالة أمد استثمارها؛ لتستفيد منها أجيال المستقبل.وتعد شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) مبادرة أبوظبي للطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة؛ حيث أسّست عام 2006 عبر «شركة مبادلة للتنمية»، التي تركز على أن تحقق مشاريعها فوائد للمجتمع إلى جانب الجدوى الاقتصادية. وشكلت العلاقات الثنائية نموذجاً للتعاون بين دولتين؛ إذ تعمل كل من السعودية والإمارات على التعاطي بشكل موحد في القضايا والمستجدات؛ عبر مبدأ التكاتف في مواجهة التحديات التي ظهرت بشكلها الواضح في قضايا اليمن وإيران، وغيرهما من الصعوبات التي تواجه المنطقة، ما شكل سداً منيعاً أمام تلك التحديات، وهو ما شكل منظومة الأمن والاستقرار في المنطقة كلها. انعكاس لتناغم شعبي وتعد العلاقات الإماراتية السعودية انعكاساً حقيقياً لتناغم شعبي واضح بين البلدين، حيث اصبح السعوديون يجدون في الإمارات بيتهم الثاني الذي يشعرون فيه بأنهم في بلدهم، وبالأمان والتقدير، ولذلك اتجهت بوصلة الأعمال والسياحة السعودية باتجاه الإمارات بشكل واضح، والعكس صحيح أيضاً.وتميزت العلاقات السعودية الإماراتية بالتوجه نحو الشكل المؤسسي، وقد برز ذلك جلياً من خلال تأسيس لجنة عليا مشتركة في مايو/ أيار 2014 برئاسة وزيري الخارجية في البلدين.. وقد شكلت هذه اللجنة تحولاً نوعياً في العلاقات بين البلدين، وعملت على تنفيذ الرؤية الاستراتيجية لقيادتي البلدين للوصول إلى آفاق أرحب، وأكثر أمناً واستقراراً لمواجهة التحديات في المنطقة.وفي نفس الشهر من العام 2016 وقع البلدان على اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي بينهما يهدف إلى التشاور والتنسيق في الأمور والمواضيع ذات الاهتمام المشترك في المجالات كافة، حيث نصت الاتفاقية على أن يجتمع المجلس بشكل دوري، وذلك بالتناوب بين البلدين. صمام أمان لحفظ الاستقرار والسلام تعتبر العلاقة بين الإمارات والسعودية صمام أمان لحفظ الاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، خاصة أن تاريخ البلدين يمتلئ بالمبادرات لتسوية الخلافات العربية، أو لدعم الدول العربية، حيث تعمل كل من السعودية والإمارات على التعاطي بشكل موحد في القضايا والمستجدات من خلال مبدأ التكاتف في مواجهة التحديات، والتي ظهرت بشكلها الواضح في قضايا اليمن وإيران وغيرهما من الصعوبات التي تواجه المنطقة، ما شكّل سداً منيعاً أمام تلك التحديات، خاصة مع ما تتميز به سياسة البلدين سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي من توجهات حكيمة ومعتدلة ومواقف واضحة في مواجهة نزعات التطرف، والتعصب والإرهاب، والتشجيع على تعزيز الحوار بين الحضارات والثقافات وتجلى التأثير الإيجابي للشراكة الإماراتية - السعودية في الأمن القومي الخليجي.وقادا تحركا عاماً لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بإرسال قوات «درع الجزيرة» إلى مملكة البحرين، انطلاقاً من الاتفاقيات الأمنية والدفاعية الموقعة بين دول المجلس.ولعب البلدان دوراً محورياً في الحفاظ على التماسك داخل منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفي هذا السياق جاء القرار الذي اتخذته كل من الإمارات والسعودية ومعهما مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية في الخامس من شهر يونيو/ خزيران 2017، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر بعد استنفاد كل المحاولات الدبلوماسية لإعادة قطر إلى الإجماع الخليجي والعربي.
مشاركة :