لا فرق هنا بين التلميذ والأستاذ.. كما لا أملك تعبيرا يمكنني من وصف حجم الإجرام الطاغي المستبد الذي فعله التلميذ «صمويل هنتغتون» وأستاذه «برنارد لويس» بفرض نظرية صراع الحضارات على البيت الأبيض والبنتاجون ودوائر صنع القرار ومراكز الأبحاث والاستخبارات لغزو العالم الإسلامي من جديد.. نظرية التلميذ «هنتنجتون» كثيرة النقاط، نختصر بعضها في الآتي: - تصبح القومية أو الوطنية على أساس آيديولوجي لا على أساس ثقافي أو حضاري. - الخلط بين الإسلام والإسلام السياسي من غير سند قانوني. - تجاهل دور الإسلام والمسلمين في الأندلس حيث كان سببا في بناء أوروبا الحديثة. - إبراز العنف والجماعات المسلحة ونسبهما إلى المسلمين ولا سيما ما دار في الجزائر. - ايضاح الفروق الجوهرية في اللغة والثقافة والتقاليد، إضافة إلى النظرة السلبية لقيم الحرية والمساواة والسلطة والحقوق والواجبات. - تطور وسائل الاتصال وما نتج عنه من تقوية التفاعل والاحتكاك بين بلدان العالم يقوي الشعور لدى الشعوب المختلفة بانتمائها الحضاري وبالتالي يؤدي إلى عداوات وحزازات بينهم. - ظهور حركات الصحوة الدينية الإسلامية مؤشر على تذويب العلمانية والرجوع إلى الأصل لدى أغلب الشعوب كردة فعل ضد الهيمنة الغربية الصهيونية والرجوع إلى مميزات الشريعة الإسلامية. - ظهور تكتلات اقتصادية مثل الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة الحرة بحاجة إلى قواسم مشتركة كشرط أساسي للنجاح في التصدي لكل ما هو إسلامي ومسلم. دعكم الآن من نظرية هذا التلميذ وأستاذه، لكن علينا الاعتراف بأن ما يحدث على الساحة الدولية نموذج مصغر من ملحق التقسيم الأول الذي صنعه الأخوان «سايكس» «وبيكو» في تقسيم العالم العربي والإسلامي بعدما كانت الخلافة الإسلامية بنموذجيها الأموي والعباسي تمتد من بلاد الأندلس غربا حتى حوض النهر الأصفر في شمال سهل الصين شرقا، واستمروا يحكمون لعدة قرون في ولاية «يونان» الصينية، وبعض المقاطعات الكبرى في عهد أسرة يوان، ومينغ، والمينشا، وحتى سنة 1892 ميلادية في العهد الجمهوري للصين الشعبية الحديثة.. شئنا أم أبينا، فإن القاسم المشترك بين الأستاذ والتلميذ، ظهر على الساحة الدولية في الانحياز إلى الضلال بفرض آيديولوجية صدام الحضارات الذي حال دون قراءة سليمة متأنية لعالمية الإسلام وشموله وتنوع حضارته كما حال دون فهم المسلمين ما يدور حولهم من حروب وقتل ودمار وتهجير تارة باسم محاربة الإرهاب، وتارة باسم محاربة طالبان، والقاعدة، وبن لادن، والظواهري، والزرقاوي، وداعش، وأخرى بمحاربة من يمتلكون أسلحة الدمار الشامل.. دوائر صنع القرار في الغرب تبنت نظرية الرجلين حيث ستمكنهم من موطئ قدم دائم في بلاد المسلمين، واعتبروا أن بؤرة الصراع المطلوبة بعد تفكيك الاتحاد السوفيتي لتنفيذها بالحرف الواحد هي الأرض المسلمة.. الآن تعمل مراكز الاستخبارات في العالم على ترسيخ هذه الفوضى القائمة في بلاد المسلمين، بحيث يفقد المسلم حريته ولا يستطيع الحصول على كسرات خبز لا تقمن صلبه، الأمر الذي يتطلب منا عناية شاملة ومعمقة بكثير من أوضاعنا الاجتماعية والتاريخية والسياسية والثقافية التي تعبر عن فهمنا التام لطبيعة الصراع الدائر حاليا بيننا وبين الغرب، وعن ثراء وتنوع عالمية الإسلام العظيم ورسالته المقدسة. حامد عزت الصياد
مشاركة :