مستقبل الحوسبة يحتم الذهاب إلى الأطراف

  • 6/9/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كانت اقتصاديات البيانات الضخمة -وخوارزميات التعلم الآلي التي تتغذى عليها- بمنزلة هدية لشركات الحوسبة السحابية الرائدة. من خلال اجتذاب المهام كثيفة البيانات إلى منشآتها المركزية الضخمة، ازدهرت شركات مثل أمازون ومايكروسوفت وجوجل عن طريق تخفيض تكلفة الحوسبة.إلا أن الذكاء الاصطناعي أيضا بدأ في تغذية أنموذج مختلف جدا من الحوسبة. هذا هو ما يدفع مزيدا من تحليل البيانات إلى "حافة" الإنترنت، الاسم الذي يطلق على عديد من أجهزة الحوسبة التي تتقاطع مع العالم الحقيقي، من الكاميرات المتصلة بالإنترنت والساعات الذكية إلى السيارات المستقلة. كما أنه يؤجج موجة من الشركات الناشئة الجديدة التي يدعي أنصارها أنها تمثل التحول الهندسي المهم التالي في مجال الحوسبة.في الوقت الذي يشتكي فيه بعضهم من أن منصات التكنولوجيا الضخمة أغلقت المنافسة في مجال الحوسبة، قال مات ماكلوين، وهو مستثمر في "مادرونا فينتشر جروب" وهي شركة ناشئة في سياتل: في الواقع "نحن في إحدى أكثر الفترات المفتوحة، خاصة فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي". Xnor.ai، وهي شركة ناشئة في مراحلها الأولى متخصصة في برمجيات الذكاء الاصطناعي جمعت 12 مليون دولار هذا الشهر، تعتبر أنموذجا لهذه الموجة الجديدة. يقودها علي فرهادي، وهو أستاذ مشارك في جامعة واشنطن، وهي تعمل على تطوير خوارزميات التعلم الآلي التي يمكن تشغيلها على أجهزة منخفضة التكلفة للغاية. مثلا، يمكن أن تعمل برمجيات التعرف على الصور الخاصة بها على جهاز Raspberry Pi، وهو كمبيوتر صغير يكلف خمس دولارات فقط، ومصمم لتعليم أساسيات علوم الكمبيوتر.هذا يمكن أن يجعل العملية اقتصادية أكثر في تحليل البيانات على الفور بدلا من نقلها إلى السحابة. أحد الاستخدامات المحتملة تتمثل في نشر عدد كبير من الكاميرات الرخيصة في جميع أنحاء المنزل مع قدرة عقلية على التعرف على الزوار، أو معرفة الفرق بين اللص والقط.إن الحجم الهائل من البيانات التي سيتم توليدها قريبا من مليارات من مثل هذه الأجهزة ستعمل على تحسين منطق مركزية البيانات، وفقا لفرهادي. وقال: "نحب أن نقول إن السحابة هي طريقة لتوسيع نطاق الذكاء الاصطناعي، لكن بالنسبة لي، ذلك يمثل عائقا أمام الذكاء الاصطناعي". وأضاف "لا توجد سحابة يمكنها استيعاب هذا الكم الهائل من البيانات".بيتر ليفين، وهو شريك في شركة أندريسن هورويتز، وهي شركة استثمار في مشروع وادي السليكون، ومستثمر في عدد من شركات "الحافة" الناشئة، يرى أن "الحاجة إلى ذلك مدفوعة بكتلة المعلومات التي يتم جمعها على الحافة". ويلاحظ أن "السلبية الحقيقية هنا هي تحويل كل هذه البيانات مرة أخرى إلى السحابة لتتم معالجتها عندما لا يكون هناك حاجة إلى ذلك". هناك عوامل أخرى تضاف إلى عوامل الجذب لمعالجة البيانات بالقرب من مكان تجميعها. من ذلك الفجوة الزمنية بين إرسال المعلومات إلى مركز بيانات بعيد وانتظار إرسال النتائج، ما يؤدي إلى إضعاف بعض التطبيقات، مثل السيارات ذاتية القيادة التي تحتاج إلى التفاعل المباشر. ومن خلال معالجة البيانات على الجهاز، بدلا من إرسالها إلى خوادم سحابية كبيرة في شركة ما، فإن الخصوصية مضمونة.لتلخيص هذا الاتجاه يستخدم توبياس كناوب، وهو أحد مؤسسي "ميسوسفير" Mesosphere، وهي شركة أمريكية أخرى ناشئة، حقيقة حديثة متعلقة بالحوسبة: "البيانات لديها جاذبية". في عالم الحوسبة الجديد المرتكز على البيانات، تميل التطبيقات والموارد بطبيعتها للانتقال إلى حيث تكون المعلومات، كما يقول، بدلا من العكس.هذا ليس مجرد دفع مزيد من التعلم الآلي إلى نقاط النهاية التي تتقاطع مع العالم الحقيقي، ولكن دفعه إلى وسائل وسيطة هي الأنسب لتجميع المعلومات في منطقة محلية.مثلا، تستخدم تكنولوجيا "ميسوسفير" على متن السفن السياحية التي لا يمكنها الاتصال بالإنترنت إلا من خلال وصلات الأقمار الصناعية باهظة الثمن، وهي تعمل مع شركات تصنيع السيارات في ألمانيا لمعالجة المعلومات القريبة من الأبراج الخلوية، حيث يمكن جمع البيانات من عدد من المركبات القريبة ومعالجتها دون إعادتها إلى مركز بيانات عملاق.ولا حدود متميزة بين تكنولوجيا السحابة وحافة الإنترنت. عادة ما تكون البيانات التي تجمع محليا مطلوبة لإعادة تدريب خوارزميات التعلم الآلي للحفاظ على ملاءمتها، وهي مهمة تتطلب استخداما مكثفا للحوسبة ومن الأفضل معالجتها في السحابة. إن شركات مثل "ميسوسفير" - التي جمعت 125 مليون دولار هذا الشهر، رافعة إجمالي ما جمعته إلى أكثر من 250 مليون دولار- تراهن على أن هذا سيؤدي إلى ظهور تكنولوجيا تنقل المعلومات والتطبيقات إلى أفضل المواقع معالجة، من مراكز البيانات إلى الحافة والعكس صحيح.القوى المؤدية إلى مزيد من اللامركزية في مجال الحوسبة لم تنجو من شركات التكنولوجيا العملاقة التي تتحكم في منصات الحوسبة السحابية الرئيسة. في الأسبوع الماضي، كشفت شركة مايكروسوفت عن برنامج للتعرف على الصور من الممكن أن يعمل على جهاز محلي بدلا من مراكز البيانات الخاصة بها. وسيتبع ذلك "خدمات معرفية" أخرى لا تتوافر حاليا إلا في السحاب، كما تقول الشركة، مثل التعرف على الكلام وتحليل المشاعر من اللغة.ويعد ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، واحدا من المؤيدين الرئيسين لهندسة الحوسبة المدمجة للذكاء الاصطناعي، الذي يكمل السحابة بما يسميه "الحافة الذكية".وبينما تحاول شركات منافسة عملاقة مثل هذه نقل منصات الحوسبة الخاصة بها إلى الحافة، فإن الشركات الناشئة التي تأمل في التميز لها أملان. أحدهما أن الشركات القائمة في كثير من الأحيان تجد صعوبة في التكيف مع الأساليب الجديدة للحوسبة والطرق الجديدة لممارسة الأعمال التجارية التي تجعلها ممكنة.يقول ليفين، المستثمر في شركة ميسوسفير "دائما ما تكون هذه هي الحال عندما تكون هناك مثل هذه التحولات الهيكلية - هذا يوجد فرصا لمجموعة كاملة من الشركات الجديدة"، مضيفا أن اللامركزية، بطبيعتها، تعمل أيضا على التقليل من قوة الشركات القائمة.ويتوقع ماكلوين أن الشركات الناشئة في حافة الحوسبة ستستفيد من تكافل طبيعي مع عمالقة التكنولوجيا. وتعتمد شركات مثل مايكروسوفت على الشركات الأخرى التي تربط التطبيقات والأجهزة بالأنظمة الحاسوبية الخاصة بها. وقال "إنهم بحاجة إلى شركاء أكثر توجها نحو الحلول لنقل البيانات".ويستند الأمل في التعايش أيضا على الاعتقاد بأن "مايكروسوفت"، مثلا، ليست المنافس شديد العدوانية الذي كانت عليه في الأيام التي حكم فيها نظام التشغيل ويندوز الخاص بها عالم الحوسبة. لكن ماكلوين، الذي عزا الفضل إلى ناديلا في إحداث "تغيير في فلسفة" الشركة، قال إنه لا تساوره أية أوهام بشأن طموحات كل عمالقة التكنولوجيا في هذه "السوق الكبيرة للغاية".Image: category: FINANCIAL TIMESAuthor: ريتشارد ووترز من سان فرانسسكوpublication date: السبت, يونيو 9, 2018 - 03:00

مشاركة :