المبدع بدر البلوي، أحد أهم المواهب السعودية في عصر الرؤية، ورائد من رواد الفن الجرافيتي، والذي أتوقع أن يكون بفنه وموهبته إحدى الأدوات الإعلامية للوصول بالسعودية إلى شريحة أكبر على مستوى العالم كنت مع المبدع السعودي الرسام بدر البلوي في مدينة عنيزة، نتأمل لوحته الباهرة والمبهرة، والتي صنعها على طريقة الرسم الجرافيتي «Graffiti»، والتي أبدعها على واجهة أحد المباني المكونة من 7 طوابق في محافظة عنيزة، لتكون بذلك أكبر لوحة في العالم، واللوحة عبارة عن رسم جرافيتي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله- مع العلم السعودي، ارتفاع اللوحة المرسومة مباشر على واجهة المبنى: 23.5 مترا، وبعرض: 17.5 مترا، وبمساحة إجمالية: 441 مترا مربعا، أنجزها المبدع بدر البلوي في 5 أيام، بمعدل 11 ساعة عمل يوميا، لتكون مدة إنجازها بالساعات 55 ساعة عمل، وتعدّ هذه الفترة فترة إنجاز قياسية جدًا بحسب الحجم الهائل للجدارية. والرسم على الجداريات «الرسم الجرافيتي»، التي لا تتجاوز مساحتها الكلية ستة الأمتار، منتشر في مناطق كثيرة بالعالم، غير أن الرسم على واجهات متعددة الطوابق قليل جدا، ولا تجد هذا الفن إلا في مناطق محدودة في العالم، مثل بعض الدول في جنوب أميركا أو بعض الدول الأوروبية، وقليل من فناني العالم الذين يستطيعون إتقان هذا «الفن الضخم»، خصوصا على الأدوار عالية الارتفاع، نظرا لخطورته، وصعوبة التحكم في أدوات الرسم فيه. انتشر الفن الجرافيتي، والذي يعدّ أحد أشكال الفن الحديث، منذ 1979 عندما افتتح الفنانان: لي كوينس، وفريدي، أول معرض للجرافيتي في روما، ومنذ حينها تعرف العالم على فن الجرافيتي وانتشر استخدامه في كثير من المجالات كالدعاية والإعلان والتعبير عن الرأي. وفن الرّسم الجرافيتي هو أحد أنواع الفنون الحرّة، عُرف منذ القدم، حيثُ استخدم من حضارات متتالية كالحضارة الفرعونيّةَ، والإغريقية، والرُّومانيّة، وينقسم الفن الجرافيتي إلى قسمين: الفن الجرافيتي القديم، حيث كانت تُستخدم الجدران العامّة والخاصّة لتشكيل كلماتٍ، أو تعابير معينة، أو رسوماتٍ دون أخذ الإذن من صاحب ومالك المكان بهدف التّخريب، أو إيصال رسالةٍ ما، أو للدِّعاية والإعلان، وقد تكون بطريقة غير لائقة أو مسيئة. أما النوع الآخر، فهو الفن الجرافيتي الحديث، والذي تم تأسيسه مع موجة موسيقى الهيب هوب والرّاب، واستُخدمت فيه ألوان دهانٍ وطلاءٍ مختلفةٍ على كثير من الجدران حول العالم، لرسم رسومات بعضها جميلةً ومميزةً، وبعضها لا يتعدّى حدود الخربشات على الجدران، الأمر الذي حيّر كثيرين في اعتبار هذا الفن، فنٌ متحضّرٌ له شأنه، أم هو فقط رسومات لا تتعدّى العبث بعلب الألوان والطِّلاء، فضلا عن انتهاك الحقوق الشِّخصية والممتلكات العامَّة، خاصة مع عدم معرفة هوية الرسام، وتوقيعه على الجدار تحت اسم مستعار. والرسم الجرافيتي في الوقت الحالي أصبح فنا قائما بحد ذاته، وبدأ بالانتشار في معظم بلدان العالم، وأصبح له فنانون مشتهرون ومعروفون، منهم: ديديه، وزيرو سينتس، وونكي مونكي، وآخرون كُثر وُزِّعت رسوماتهم بين الأرصفة والجدران وعددٍ من الأبنية، وأصبح لهذا الفن مختصون بارعون في هذا المجال، ودعمتهم كثير من الشّركات حول العالم. المبدع السعودي، الذي من عادته التميز، عكس المعادلة، وغيَّر المعايير وقلب الموازنة، وأدخل أخلاقيات عالية الطراز في هذا الفن، والذي أصبح في السعودية تجميلا لا تخريبا، وبرعاية رسمية، ودعم شعبي، أصبح ذا رسالة سامية، وأهداف نبيلة تبني المجتمع وتنمي الحس الوطني، وتعمق المواطنة، وترفع الروح الجمالية، وتربي الذائقة الفنية. المبدع المهندس بدر منصور البلوي، أحد أبناء محافظة ينبع، وأحد أهم المواهب السعودية في عصر الرؤية، ورائد من رواد الفن الجرافيتي، ولا أعرف أحدا سواه ليس في السعودية والخليج، بل ربما في الشرق الأوسط بأكمله، يعمل بهذا الفن على هذا المستوى، والذي أتوقع أن يكون بفنه وموهبته إحدى الأدوات الإعلامية للوصول بالسعودية إلى شريحة أوسع وأكبر على مستوى العالم. يحدثني المبدع السعودي بدر عن مدى انبهاره باحتفاء ودعم أمير منطقة القصيم، الأمير الدكتور فيصل بن مشعل ويحدثني عن مدى الكرم والاهتمام الذي لمسه من أبناء عنيزة وشبابها، فضلا عن المسؤولين فيها من محافظ ومسؤولي السياحة، وهم جاهدون على تسجيل لوحة سلمان العزم والحزم في موسوعة جنيس للأرقام القياسية، والتي أتوقع أن تحوز على عدة أرقام قياسية، بالمساحة والحجم كأكبر لوحة في العالم، وفي الوقت كأسرع إنجاز، عطفا على حجمها الهائل. وبعد أن انتهى لقائي بمبدعنا بدر -وفقه الله- هزني الشوق، وأزني الحنين، إلى سماع صوت أحد أبناء عنيزة البررة العُنيزي المغمس بالجمال والبهاء، الأستاذ مساعد يحيى السليم، وكانت المحادثة لمكانته في نفسي، ولتهنئته على تلك اللوحة الباهرة وهذا الإنجاز غير المسبوق، فكان الرجل يحكي موسيقى عشق، ويعزف أوتار الروح هُيامًا، لعنيزة ومن سكن عنيزة، وهكذا هم أهل عنيزة، حبا وعشقا لدرة القصيم، وهم من عَرفهم الوطن، سباقين إلى التميز والتطلع لكل شرف مروم كل النجوم دونه وأقل منه، ليظل اسم عنيزة علمًا يرفرف عند كل ذكرٍ جميلٍ، فمن علاَّمة التسامح عبدالرحمن السعدي، وتلميذه شيخ العلماء محمد بن عثيمين، إلى أستاذ الأجيال عثمان الصالح، إلى موضي العبدالله البسام التي كان يناديها المؤسس -طيب الله ثراه- بالعمة، إلى رائدة التعليم قبل التعليم نورة الرهيط، إلى الفارسة مجندلة الفرسان مزنة المطرودي، إلى صاحب أول دكتوراه سعودية عبدالعزيز الخويطر، إلى رجل الحداثة الأول عبدالله الغذامي، إلى عالم الرياضيات الفذ علي الدفاع، مرورا بحمد القاضي وحمد القرعاوي ونجيب الزامل، وغيرهم. تتقدم عنيزة برجالها ونسائها أكثر من عمرانها، وهذا ديدن المدن الحية التي تتوسع بإنسانها. أخيرا، احفظوا اسم بدر البلوي، فسيكون إنجازا سعوديا غير مسبوق.
مشاركة :