أكد فضيلة الدكتور ثقيل بن ساير الشمري -نائب رئيس محكمة التمييز، عضو المجلس الأعلى للقضاء- أن الشريعة الإسلامية حددت المسؤولية الجنائية في حوادث المرور على عناصر ثلاثة؛ هي أن يأتي الجاني فعلاً محرّماً، وأن يكون الفاعل مختاراً (أي يريد هذا الفعل المحرم)، وأن يكون مدركاً (أي يدرك معناه فلا يكون طفلاً أو مجنوناً). مشيراً إلى أن المسؤولية الجنائية في القوانين هي نفس معنى المسؤولية الجنائية في الشريعة الإسلامية؛ لأن محلها هو الإنسان الحي العاقل البالغ لأنه وحده المدرك لما يفعله. أشار فضيلته، في كتاب أعده بعنوان «الأسباب الموجبة للمسؤولية في حوادث المرور»، والذي اختص «العرب» بنشره، إلى تطبيق قواعد الشريعة على حوادث السيارات؛ فمن يقود سيارة ويصدم إنساناً فيموت أو يصاب فيمكن التمييز بين حالتين، هما إذا كان فعله مباحاً بأن كان يقود سيارته وهو يحسن قيادتها وكان يقودها بسرعة عادية فلا يُسأل السائق عن القتل أو الإصابة إلا إذا كان لم يتحرز، وهذا يمكن معرفته بالقرائن ووقائع الحادث وظروفه.. أما الحالة الثانية فإذا كان فعل الجاني غير مباح له إتيانه كأن لا يحسن قيادة السيارة أو سار بسرعة غير عادية فإنه يُسأل عن النتيجة تحرز أم لا، تأسيساً على قاعدة ارتكاب الفعل غير المباح له. وأوضح الدكتور الشمري أن جرائم المرور في الغالب من الجرائم غير المقصودة، وينتج عنها إزهاق للأرواح أو إصابات وخسائر في الأموال نتيجة استعمال المركبة، وتقوم على أركان ثلاثة؛ وهي: فعل من الجاني يؤدي إلى الوفاة أو الإيذاء أو الإتلاف.. وثانياً خطأ واقع من الجاني.. وثالثاً رابطة السببية بين خطأ الجاني وحصول الوفاة أو الإيذاء للمجني عليه. وأشار فضيلته إلى أن مجمع الفقه الإسلامي انتهى إلى أن الحوادث التي تنتج عن تسيير المركبات تطبّق عليها أحكام الجنايات المقررة في الشريعة الإسلامية، وإن كانت في الغالب من قبيل الخطأ، ولا يُعفى من هذه المسؤولية إلا 7 حالات؛ هي: إذا كان الحادث نتيجة لقوة قاهرة لا يستطيع دفعها، وإذا كان بسبب فعل المتضرر، وإذا كان بسبب خطأ الغير أو تعديله، وإذا اشترك السائق والمتضرر في إحداث الضرر، مراعاة أن الأصل أن المباشر ضامن ولو لم يكن متعدياً، إذا اجتمع المباشر مع المتسبب كانت المسؤولية على المباشر، أو إذا اجتمع سببان مختلفان كل واحد منهما مؤثّر في الضرر. وفي جانب الضمان، رأى فضيلة الشيخ ثقيل الشمري أن قائد السيارة ضامن لكل ضرر ينشأ عنها، فإذا كان متعدياً في سيره لقانون المرور والأنظمة المتبعة مثل أن يسير بأكثر من السرعة المحددة أو تجاوز الإشارة الضوئية أو كان مهملاً لصيانة سيارته فإنه يضمن لتعديه وتفريطه. وخلص فضيلة الشيخ ثقيل الشمري إلى أن مخالفة السائق أنظمة المرور بالسير عكس الاتجاه أو قطع الإشارة الحمراء أو تجاوز السرعة بصورة متهورة أو غيرها من المخالفات وتسبّبت في حادث سير أدى إلى وفاة إنسان؛ حيث يكون الفاعل عامداً في فعله، وإن لم يقصد القتل، فالحكم أن فعله قتل شبه عمد فتغلّظ العقوبة.;
مشاركة :