جُبِلَ أهل الكويت منذ القدم على العطاء لوجه الله «على التراحم والتكافل بين أفراده، رغم شح وقلة الموارد آنذاك»، تجلّت أكثر ما تجلت هذه السمة الحميدة بسد الاحتياجات الضرورية، ونصرة الملهوفين، على التواصل الدائم والتكاتف في كل الظروف، الكوارث الطبيعية والصحبة بين أفراد المجتمع كانت نافذة، ونوافذ الخير مفتوحة دائماً للجميع. وبقيت هذه الظاهرة الحميدة مستمرة حتى يومنا الحاضر، شهد لها القاصي والداني، ولا أبلغ منها باختيار سمو الأمير، أميراً للعطاء، وما هذا إلا اعتراف واقعي تاريخي يمثل بشخصه الرسمي والشعبي في آن واحد، فمع تطور الدولة وتنظيم العمل الخيري كانت المؤسسات والجمعيات الخيرية تقوم بدورها الخيري على خير وأكمل وجه، وإن كنا نأمل في أن تقوم بدورها الإنساني للمحتاجين في الداخل أكثر، فهناك كثير من المحتاجين يشكون من قلة المساعدات، فهم أحوج في كثير من الأحيان من الخارج، بالفخر والاعتزاز نحتفل ويحتفل العالم بتتويج صاحب السمو، حفظه الله، أميراً للعطاء. وبالمناسبة، لا يمكننا إلا أن نتذكر سيد العطاء والإحسان الدكتور عبدالرحمن السميط، رحمه الله، لدوره الكبير في العمل الخيري الانساني، الذي تشهد له قارة أفريقيا بأكملها؛ فقد نال وسام الملك فيصل آل سعود ـــ رحمه الله ـــ والأخرى تمثل الجائزة التي منحت له تعادل في قيمتها جائزة «نوبل» آنذاك، ونشد على يد نجله عبدالله الذي يواصل مسيرة والده الراحل الكبير. أبواب الخير فتحت، وإن كانت دائماً مفتوحة للعمل الخيري الإنساني، خاصة في الظروف التي يمر بها العالم اليوم من حروب وقتل وتشريد، فلقد زاد عمل الجمعيات والمتطوعين المنتشرين في كل مكان وفي أكثر من موقع، وما زال التراحم والتكاتف في الكويت متواصلاً في تلك اللقاءات التي عز على الناس الالتقاء بها لمشاغل الحياة ودوران ساعة الوقت، الذي أصبح كالسيف المسلط على الناس، لقد أظهر البحث عن المفقود في البحر من كل أهل الكويت على الفقيد سعود المسلم (رحمه الله)، ومن الشباب المتطوعين والغواصين ورجال الأمن في السواحل وقلوب أهل الكويت، حتى تم العثور عليه ولو كان «ميتاً»، رحمه الله، صورة رائعة تمثّل وتظهر التلاحم والتكاتف والتراحم. فطوبى للساعين الى الخير في كل زمان ومكان! فاطمة عثمان البكر
مشاركة :