كما كان متوقعاً، ساد قمة زعماء مجموعة السبع الصناعية الكبرى الكثير من الجلبة، و «بعض الانفعالات» في خصوص العلاقات التجارية وملفات أخرى مثار خلاف في الرؤى بين الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيين، لكنها، وفق مصادر، «كانت متحضرة وديبلوماسية» وأثمرت تقارباً لمنع انهيار التحالف وفق الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتوافق المجتمعون على ضرورة تحديد «قواعد مشتركة» للتبادل التجاري الحر، لكن الخلافات عادت إلى الظهور في اللحظات الأخيرة، ما وضع البيان الختامي المشترك في خانة المجهول، ويبدو أنّها كرّست صيغة 6+1. وأربك الرئيس الأميركي دونالد ترامب القمة بمفاجأة حين تراجع عن الرسوم الجمركية، ودعا إلى منطقة للتجارة الحرة. وعكَس ما تسرّب من ملامح «الاتفاق» استمرار الخلافات حول سبل التعامل مع إيران، لكن الحضور «اتفقوا في القلق» من البرنامجين النووي والصاروخي لإيران، فضلاً عن ملف البيئة واتفاق باريس للمناخ. واستدعت الخلافات حيال التجارة إصدار نص مشترك أكّد أهمية التجارة التي تستند إلى قواعد مع محاربة الحمائية. وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل: «بالنسبة إلينا، من المهم أن يكون لدينا التزام بنظام تجارة يستند إلى قواعد، وأن نواصل محاربة الحمائية، وأن نصلح منظمة التجارة العالمية». وشخّصت المشهد المتأزم الذي أخّر صدور البيان المشترك بالقول: «هناك مبادئ مشتركة، لكن المشكلة تكمن في التفاصيل». وأضافت أن هناك اتفاقاً واسعاً بين زعماء المجموعة على ضرورة خفض الرسوم الجمركية وتقليل المعوقات التجارية الأخرى، «لكن هذا لا يحل المشاكل في شكل مفصل، لدينا مفاهيم مختلفة مع الولايات المتحدة»، مؤكدة أن هذه المشاكل لن تُحلّ عن طريق بيان مشترك. وفي شأن الخلاف التجاري، عرضت المستشارة الألمانية حواراً ثنائياً، كما عرض رئيس المفوضية الأوروبية جان يونكر زيارة واشنطن من أجل تقويم التجارة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للمساعدة في حل الخلاف بين الحلفاء، في حين نُقل عن مسؤول فرنسي أنّ الطرفين سيفتحان حواراً تجارياً خلال الأسبوعين المقبلين لتلافي الدخول في حرب تجارية ثأرية حول الرسوم الجمركية حذّرت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي منها. وقبيل أن يترك الرئيس الأميركي دونالد ترامب مدينة كيبيك الكندية، كانت هناك جلسة مكاشفة بينه وبين الزعماء الستة الآخرين الذين عرضوا عليه «حقائق وأرقام»، لكنّه رد ببيانات مختلفة، «ولم يتزحزح» عن موقفه. وأعلن ترامب وهو مغادر إلى سنغافورة أنّه اقترح إقامة منطقة للتبادل الحر، وحذّر حلفاءه من «الانتقام»، في حين صدرت أولى الإشارات الإيجابية عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي قال إنّ «الكثير من احتمالات سوء الفهم» أزيلت. وحرص ترامب على خطف الأضواء عبر تصريحات تعرض رؤيته لما نوقش، وأشاد بمحادثات «مثمرة للغاية» مع نظرائه، وكشف اقتراحه على دول المجموعة إقامة منطقة للتبادل الحر من دون تعريفات أو إعانات أو حواجز، معتبراً أن هذا الأمر قد يكون القرار «الوحيد» الناجع، قبل أن يضيف: «لا أعرف إن كان الأمر سينجح لكنني عرضته». وشدّد على أنّ بلاده «في حاجة لوصول عادل إلى الأسواق، ووضع نهاية للممارسات التجارية غير العادلة». وقال إنّ «الولايات المتحدة ظلت تُستغل لعقود وعقود». وبعدما منح 10 نقاط على 10 لنوعية علاقاته مع القادة الآخرين، كرّر ترامب دعوته العودة إلى صيغة مجموعة الثماني الكبار بإعادة ضم روسيا إلى المجموعة، على رغم المعارضة الواسعة التي اصطدم بها عرضه. وصرّح ترامب بأنّ القمة بحثت التهديد الإيراني، بالإضافة إلى التطرف، وأنّ المجموعة تتعهد «مراقبة الطموحات النووية لإيران». وفي شأن كوريا الشمالية، قال إنّ بيونغيانغ «تعمل في شكل جيد للغاية معنا»، مشيراً إلى «فرصة فريدة» للتوصل إلى اتفاق لإرساء السلام معها، لكنه شدّد على أنّها «فرصة لمرة واحدة». وقال إنّه يشعر «بالثقة بأنّ (الزعيم الكوري الشمالي) كيم جونغ أون يريد أن يفعل شيئاً رائعاً لشعبه، ولديه هذه الفرصة». وأشار إلى أنه سيعرف «في دقيقة واحدة ما إذا كان خيرٌ سيأتي» من وراء اجتماعه مع كيم. وأضاف: «إذا رأيتُ أنه لن يتحقّق، فلن أضيّع وقتي». وفي ما يتعلق بدعوة ترامب إلى العودة لصيغة مجموعة الثماني، أكد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أن بلاده لم تطلب الانضمام مجدداً إلى مجموعة السبع. وقال إن بلاده «تعمل في شكل جيد في مجموعات أخرى»، مثل مجموعة العشرين التي اعتبر أنّها «أكثر صيغة واعدة للمستقبل». وكان القادة الأوروبيون رفضوا سريعاً وبقوة اقتراح ترامب إعادة روسيا إلى المجموعة، ولم يشُذ عن هذا الإجماع سوى رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي الذي أيّد ترامب. شارك المقال
مشاركة :