رأى محللون وخبراء في احتكار قنوات "بي إن سبورت" القطرية لبث مباريات كأس العالم 2018 جزءًا من خطة سياسية، هدفها استغلال خدمة ذات جماهيرية عريضة لتحقيق أهداف مشبوهة. وقالوا في تصريحات لـ"عاجل" إن إطلاق النظام القطري لشبكة قنوات "بي إن سبورت" لم يكن هدفه مجرد جعلها الشبكة المرجع لنقل معظم الفعاليات الرياضية العالمية، وإنما تعبير عن نوايا شريرة كشفتها التطورات، وأولها استقطاب الشباب العربي، عبر استغلال شغفه بكرة القدم والألعاب الأخرى لتمرير رسائل خبيثة ذات محتوى سياسي. وبدأت الشبكة الرياضية بمسماها القديم "الجزيرة الرياضية" مجانية، ثم فرضت اشتراكًا رمزيًا لاستمالة المتابع العربي، ومع الحصول على حقوق نقل الدوريات العالمية الكبرى وبطولات الفيفا، بدأت القناة القطرية تكشر عن أنيابها، فزادت أسعار الاشتراك لتصل الى أكثر من 1400 " ريال، ثم أجبرت المشتركين على استخدام قمر" سهيل سات " القطري لمشاهدة كافة القنوات، وأخيرًا أقدمت الشبكة على سابقة خطيرة بطلبها الحصول على نسخة من صورة الهوية الوطنية لكل مشترك دون مبرر لذلك. وخلال العام الماضي، دأبت "بي إن سبورت" على تسييس الرياضة، إذ استخدم النظام القطري الدولي الاسباني ونجم فريق برشلونة السابق المحترف حاليًا في صفوف السد القطري تشافي هرنانديز للظهور في إعلان يناشد فيه برفع المقاطعة عن قطر، بينما قام مراسل الشبكة في الجزائر برفع لافتة مع مشجعين تطالب بنفس الأمر، علاوة على تحوّل المعلق الجزائري حفيظ دراجي لبوق قطري في وسائل التواصل الاجتماعي يسيء لحكام وشعوب الدول المقاطعة للنظام القطري. وأكد خبراء لـ "عاجل" أن ما تقوم به قطر من تسيس للرياضة تحت مرأى من فيفا يبرهن على أن المال القطري دنس اللعبة ذات الشعبية الأولى، خاصة مع احتكارها لبث بطولة كأس العالم 2018 في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتزايد الأدلة على ضلوع المال القطري لشراء أصوات في حصولها على استضافة مونديال 2022. • تناقضات فيفا اعتبر المحلل السياسي حمود الرويس أن الفيفا وقع في موقف متناقض، إذا إنه باعتباره السلطة الأعلى في مجال كرة القدم يحرص ألا تتداخل الرياضة بالسياسة، وكثيرًا ما أوقفت اتحادات محلية عن نشاط كرة القدم بسبب تدخل حكومي في الاتحادات الرياضية المحلية وعلى سبيل المثال دولة الكويت الشقيقة، في حين يغض الطرف عن تصرفات قطر. وأضاف الرويس أن بطولة كأس العالم لكرة القدم هي الحدث الرياضي الأكبر والأضخم في العالم والفيفا يحاول أن يبعده عن الخلافات السياسية بين الدول وقضية احتكار بث منافساته لدولة معينة تستخدمه في صراعاتها السياسية مع دول أخرى لهو مثار للدهشة في نقض الفيفا لمبادئه القائمة على إبعاد السياسة عن الرياضة. وأشار الرويس إلى أنه لا يمكن قياس بطولة كأس العالم ببطولات ثانوية لأن كأس العالم بطولة تمثلها منتخبات تمثل دولها ومن حق الشعوب متابعة منتخباتها الوطنية، وفي البطولات القارية أو الإقليمية تكون التنافسية فيها لأندية لها مساندة جماهيرية في دولها وفي دول أخرى تقوم على الانتماء الفردي لنادي دون غيره. وأكد الرويس أن احتكار بطولات الفيفا من قبل دولة قطر وما شابه من شبهات مالية غير نظيفة ظهرت نتائجها في التحقيقات التي أجريت في سويسرا وثبت تورط النظام القطري في رشاوى داخل الفيفا لاحتكار بطولات بعينها، يعد دلالة على فساد طال منظومة الفيفا والتي اعترف بها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الحالي في اجتماع كونجرس الفيفا مؤخرًا. ولفت الرويس إلى أن التساؤلات لا زالت قائمة لدى الجماهير والمراقبين عن سكوت هذا الاتحاد على فساد احتكار البطولة الدولية وكيف آلت الى قنوات لدولة تدعم القضايا والجماعات الإرهابية في كل مكان عبر ذراعها الرياضي المتمثل في قنوات "بي إن سبورت". أما المحلل السياسي محمد نافع، فأرجع بداية عهد العبث القطري بالفيفا، منذ أن حصلت قطر على تنظيم كأس العالم حيث كُشفت فضائح الفيفا تحديدًا بعد ترشيح رئيس الاتحاد الأسيوي آنذاك محمد بن همام لرئاسة الفيفا. وأضاف: "تابع العالم صراعًا مع رئيس الفيفا السابق جوزيف بلاتر الذي كان ضد ترشيح قطر وفتح تحقيق أسفرت نتائجه عن حصول أشخاص أعضاء بالفيفا صوتوا لقطر على رشى، وعلى إثر ذلك طُرد بن همام القطري بفضيحة تقديم رشاوى لأعضاء بالفيفا". وأكد نافع أن تصرفات بن همام تؤكد على أن هناك تواطؤ بين مسؤولي الفيفا الذين سهلوا للجانب القطري ما يريد. واستغرب نافع من موقف الفيفا الذي يرفض إقحام كرة القدم بالسياسة، في حين يلتزم الصمت والسكوت عن قطر رغم أن هناك استغلال من الجانب القطري للأحداث الرياضية من أجل تنفيذ أجندته السياسة. واعتبر أن سكوت الفيفا عن مخالفات قطر يبرهن على أن هناك أعضاء داخل الاتحاد الدولي يخشون كشف تعاونهم مع الدوحة. • حجب المونديال جريمة من جانبه، استنكر الإعلامي خالد صائم الدهر المواقف المتناقضة لصرامة الفيفا الذي كان ومنذ عرفناه محاربا أول للتدخل السياسي في الرياضة، ويرفض أي تدخلات سياسية من قريب أو بعيد؛ حيث سبق وأن اتخذ إجراءات صارمة وأوقف أنشطة رياضية لدول مجاورة، بالإضافة إلى أنه منح حكام كأس العالم صلاحية إلغاء المباراة في المونديال في حال وجود أي تصرف عنصري. وأضاف أن موقف "فيفا" السلبي من احتكار لقنوات" بي إن سبورت" القطرية للبطولات الكبرى ومحاولة حجبها عن الدول التي تختلف معها سياسيًّا، يدعو للاستغراب؛ لا سيما وأن التدخل الحكومي القطري واضح وصريح في هذا الشأن الرياضي. واعتبر صائم الدهر أن محاولة الحجب عن الدول المختلفة مع قطر سياسيًّا هي جريمة يجب أن تحاسب عليها، خاصة في هذا التوقيت الذي يستعد فيه جمهور كرة القدم لاستقبال أهم حدث كروي على وجه الأرض.
مشاركة :