قبل سنتين حقق المنتخب الأيسلندي لكرة القدم مفاجأة في فرنسا ووصل إلى ربع النهائي بطولة أمم أوروبا. وفي هذا الصيف يعتزم الفريق كتابة التاريخ مجدداً، لكن هذه المرة في روسيا. بماذا يتميز الفريق عن غيره؟ وما هي توقعات جمهوره؟ الطقس بارد في العاصمة الأيسلندية، ريكيافيك، حيث لم تتجاوز درجات الحرارة في هذا الأمسية من شهر نيسان/أبريل سبع درجات مئوية. المطر الناعم يهطل والريح الخفيف يزيد في برودة الجو، إلا أن الشوارع في الليل قبل البداية الرسمية للصيف في إيسلندا تعج بالناس. وفي حديقة إنغولفشتورغ، والتي هي عبارة عن ساحة صغيرة في وسط العاصمة، تجمع جمهرة كبيرة من البشر، مرتدين قمصان المنتخب الوطني وملوحين بالأعلام والرايات، والعلم الوطني مرسوم على الوجوه. إنهم يهللون ويصرخون ويحتفلون إلى أن يعبرالمخرج عن رضاه ويعطي إشارة التوقف. إنها أفلام دعاية للبطولة العالمية 2018 في روسيا. وأيسلندا تأهلت كأصغر بلاد، من حيث عدد السكان، لخوض البطولة العالمية، وبالتالي فإن الفرحة كبيرة في ريكيافيك . "كانت المشاركة في بطولة الأمم الأوروبية في فرنسا شيء عظيم"، تقول سيسيلجا بيرترسدوتير. "ولكن وفي الحقيقة لم أعتقد أننا سننجح في الوصول لنهائيات كأس العالم في روسيا. لكن عندما نجحوا في التأهل للمونديال بكيت. لقد بكيت بالفعل". "جيل ذهبي" بعد فوز مستحق بهدفين نظيفين على كوسوفو حصل "الفيكنغير" في تشرين الأول/أكتوبر الماضي على بطاقة التأهل المباشرة لمونديال روسيا. "كنت أتوقع ذلك"، يقول بيتور بيتورسون بكل ثقة في النفس. "إنه جيل أيسلندا الذهبي ذي الشخصية المتميزة". وبيتورسون كان مساعداً لمدرب المنتخب الوطني الأيسلندي. والرجل البالغ من العمر 48 عاماً يقف على حافة قاعة كرة قدم ضخمة ويلوك قطعة من العلكة بنشاط وبعض العصبية. يتابع بيتور تدريبات تلاميذ أحد الصفوف المدرسية؛ فمنذ سنوات يمكن للتلاميذ في إيسلندا أن يختاروا كرة القدم كمادة دراسية. والحصص التدريبية تجري عادة قبل بدء الدوام أو في فترة بعد الظهر. فرحة لاعبي إيسلندا بالفوز على كوسوفو والتأهل لمونديال روسيا التدريب في طقس قاسٍ بيتور بيتورسون يدقق ويكتشف أن تلميذاً يلبس قميص فريق ليفربول. ويقول: "أتعلمون هذا الشيء لن يحصل في فريقي. مرتدو هذا القميص سيكونون مجبرين على ركض جولة إضافية". وما لا يعرفه التلاميذ هو أن بيترسون سيشجع وبجنون مانشستر يونايتد، الأمر الذي يجعل مشجعي الفرق الأخرى يواجهون صعوبات في التعامل مع بيتور. وحتى العديد من لاعبي المنتخب الأيسلندي مروا بهذه التجارب، لأن بعضهم خطى الخطوات الأولى في كرة القدم المحترفة تحت رعاية وإشراف بيترسون. والتكوين في كرة القدم شاق بسبب المناخ القاسي. فخلال ثلثي فترة السنة يجابه سكان إيسلندا الـ 335.000 الثلوج والجليد. وفي السنوات الأخيرة تم تشييد الكثير من قاعات كرة القدم، إلا أن التدريبات تجري في الخارج على العشب الاصطناعي. "الجو بارد، والثلج يتراكم في كل مكان والرياح الشديدة تعصف من كل حدب وصوب. في مثل هذا الجو تتكون شخصيتك"، مضيفاً أن "الجميع يأتي للحصة التدريبية سواء كانت الشمس ساطعة أم لا. وهذا شيء يميز الشخصية الأيسلندية". ميزة خاصة بالفريق الأيسلندي القوة العقلية والإرادة الكبيرة لإحراز النصر هما الخصلتان اللتان قادتا إيسلندا للوصول إلى ربع نهائي بطولة الأمم الأوروبية في فرنسا قبل سنتين. آنذاك شكل ذلك مفاجئة للكثير من المراقبين، لكن ليس لبيترسون: "قلت قبل المسابقة بأننا سنصل إلى مرتبة متقدمة. لدينا روح فريق عالية وهذا ساعدنا كثيراً في فرنسا". وفي البطولة العالمية في روسيا أيضاً يعتزم المشارك الصغير إحداث ضجة. نبحث عن نجم حقيقي بمواصفات عالمية في المنتخب، ولكن لا ننجح بالعثور عليه. "لدينا لاعبين أساسيين يُعتمد عليهم عندما تكون الحاجة لذلك: كولبين سيغثورسون وغيلفي سيغوردسون وألفريد فينبوغاسون. وفي النهاية نحن فريق رياضي"، يوضح بيترسون. مجموعة صعبة وينطلق مساعد المدرب السابق خلال البطولة العالمية من فرص حقيقية في الوصول للدوري الثاني. "سيكون الوضع صعباً بعض الشيء في روسيا مقارنة مع البطولة الأوروبية. سنلعب ضد الأرجنتين ونيجيريا وكرواتيا، ولن يكون ذلك سهلاً. لكن لاعبينا واثقون من أنفسهم ويريدون بذل كل الجهد مجدداً لصالح إيسلندا". وليس بالبراعة في اللعب، بل بالمثابرة وكثير من الحماس ستحاول إيسلندا تحقيق المفاجئة في روسيا. وإذا نجح الفريق مجدداً في ذلك، عندها سيكون الاحتفال أكبر من نظيره اليوم في هذه الأمسية الباردة من شهر نيسان/أبريل. توماس كلاين/ م.أ.م
مشاركة :