عندما لا نعتبر من أخطاء الآخرين

  • 6/11/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

في عادة حميدة ألفها المجتمع الكويتي منذ سنين، توجه سمو الأمير إلى أبنائه وإخوته المواطنين بكلمة بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك. وكانت الكلمة جامعة شاملة، جاء سموه على كل القضايا الساخنة على الساحتين المحلية والإقليمية، برؤية الحكيم المتبصر بالأمور، استجمع سموه خبرات السنين، ليقدمها نصائح وتوجيهات لأبنائه في سبيل الحفاظ على الكويت والنأي بها عن التنور الذي يلتهب في محيطها العربي.ولعل أهم ما شدد عليه سمو الأمير- وهي قضية لطالما طرحها وحذر من الاقتراب منها - مسألة الوحدة الوطنية والحفاظ على النسيج الاجتماعي الواحد للدولة والمجتمع. فقد شدد سموه على أن الكويت تعيش أسرة واحدة متكاتفة في السراء والضراء، داعيا إلى تذكر نعم الله التي لا تعد ولا تحصى على الكويت، وإدراك ما يحدث حولنا من متغيرات واستشعار طبيعة الأوضاع الراهنة والمخاطر المحدقة التي لا تبدو الكويت في معزل عنها. وأكد سموه  ضرورة الوقوف صفا واحدا بوجه من يحاول إثارة النعرات الطائفية والقبلية والنزاعات التي تهدد وحدتنا الوطنية التي تعتبر السياج الحامي للوطن بعد الله تعالى.هذه الدعوات التي ما برح صاحب السمو يوجهها في كل مناسبة، وكل كلمة يوجهها لأبنائه، استشعارا من سموه بخطورة الاقتراب من خط وحدة الكويت الأحمر، مع أخذ العبرة مما حدث في محيطنا العربي الذي عصفت به خلافات شقت وحدة بعض مجتمعاته وتركت فيه شروخا يصعب ترميمها أو إصلاحها، في وقت نجد ظهور بعض البوادر الضيقة المسيئة لوحدة المجتمع تظهر هنا وهناك. وليس بعيدا عنا ما شهدته جلسة طرح الثقة بوزيري النفط والشؤون الاجتماعية، من نَفَس فئوي ضيق أزكم الأنوف وأثار استهجان المجتمع بأكمله، عندما حصر الدفاع عن الشخصية في نطاقها الفئوي الضيق، ثم اتسعت الأمور لنجد آخر صور هذا الطرح في الإعلانات الاستقطابية التي انتشرت على مواقع التواصل والخاصة بجامعة الكويت، حيث أصبحت الدعوات تطلق من منطلق فئوي ضيق، ابتعد عن مفهوم التنافس الطلابي وفق قوائم الجمعيات الطلابية، ليصبح الطرح على أساس القبيلة والعائلة، الأمر الذي أثار استهجان الجميع بدءا من الإدارة الجامعية التي اتخذت إجراءاتها لمعاقبة ذوي هذا الطرح، وصولا إلى المجتمع كله، ومرورا بجمعيات النفع العام ونواب مجلس الأمة.ولكن لنا في هذه القضية رأي، فهل كان الشباب الجامعي المتحمس والمندفع سيقدم على مثل هذه الدعوات لو لم يتشرب هذا الفكر من كباره؟ وماذا كانت تداعيات الطرح الفئوي المقيت الذي شهدته جلسة طرح الثقة آنفة الذكر؟ فلا شك أن تداعيات الجلسة كانت تعزيزا لذلك الطرح، في ظل السكوت الذي قوبل به، بل وتحقيق هدفه في النهاية، وهو ما أعطى الشباب الذي يراقب كباره في ساحاتهم السياسية جرعة ليقدم على ما أقدم عليه، ناهيك عما شهدناه من طروح نيابية فئوية صرفة تتعلق بما قوبل به طرح العفو الشامل عن المتهمين في قضية دخول مجلس الأمة، ليصار إلى مقارنة هؤلاء الشباب ومن معهم من النواب بمن ضبط يخزن السلاح ويتبع جهات خارجية تريد الشر بالكويت. كل ذلك كان دروسا مجانية تقدم للشباب في التقوقع الفئوي، بعيدا عن وحدة الوطن. لذلك جاءت الدعوة السامية في كلمة العشر الاواخر لتذكر من جديد بضرورة الحفاظ على وحدة الوطن وتماسكه اجتماعيا وسياسيا، حتى لا تغزونا تداعيات محيطنا العربي.فهل نصحو قبل فوات الأوان ونعيد الأمور إلى نصابها، برلمانيا واجتماعيا، قبل ان يقع ما لا تحمد عقباه؟ أم أننا سنبقى في سجالاتنا التي تزيد من انشقاق المجتمع وتباعد بين أفراده، غير معتبرين بمن حولنا؟ علينا ان نأخذ العبرة ممن وقعوا في حفرة الطريق قبلنا، قبل أن يأتي من بعدنا ليأخذ العبرة منا، واللبيب من يفهم.h.alasidan@hotmail.comDralasidan@

مشاركة :