كشف السفير الإيطالي في السعودية ماريو بوفو، أن سفارة بلاده في الرياض أصدرت العام الماضي 50 ألف تأشيرة معظمها لسعوديين تمتد إلى ثلاثة أعوم بدلاً من عام، معتبراً أن عدم وجود تأشيرات سياحية في السعودية وطول فترة انتظار تأشيرة الزيارة أو العمل يعدان من العقبات الرئيسة التي تواجه القادمين للسعودية حتى للوفود الرسمية. وأوضح أن الراغبين في السفر إلى إيطاليا تصدر تأشيرتهم غالباً بعد يومين من تقديمهم عبر وكالة المركز الموحد لإصدار التأشيرات «VFS»، المخول بتسلم الطلب المبدئي للراغبين في السفر إلى أية دولة أوروبية، إذ يتابع طلبهم لتحديد موعد مقابلة عبر الهاتف أو الموقع الإلكتروني للسفارة بكل مرونة، مؤكداً أن بلاده تسعى إلى زيادة المشاريع الاستثمارية مع السعودية. وقال في حديثه لـ«الحياة»: «يعمل في السعودية 1200 إيطالي يتركزون في الدمام، وقسم كبير يعملون في مجال النفط، وخصوصاً في شركة أرامكو السعودية في الخبر، إضافة إلى 50 مهندساً وفنياً يعملون في شركات مقاولات إيطالية لتنفيذ مترو الرياض، وكذلك عدد من رجال الأعمال الإيطاليين يعملون في جدة لوجود ميناء جدة الإسلامي فيها وتميز موقعها الجغرافي، ونسعى دوماً للمشاركة في منافسات المشاريع التي تنفذها السعودية في مدن وقطاعات عدة». ولفت إلى أنه تم إبرام مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الطبي تشمل مستشفيات وأطباء، مبيّناً أن من الممكن أن يتم إبرام اتفاقات مشابهة مستقبلاً في المجال التعليمي، خصوصاً مع وجود عدد من الطلاب السعوديين المبتعثين إلى إيطاليا، منوّهاً بأن السعودية أبرمت في العاصمة الإيطالية روما اتفاقاً يتيح لجامعة نابولي الإيطالية استكمال أعمال التنقيب في موقع «دومة الجندل» خمسة أعوام جديدة، بعد أن كشفت التنقيبات والمسوحات الأثرية الحالية مستوطنة تعود إلى العصر الحجري الحديث، وأساسات معمارية ترجع إلى عصور رومانية. وأكد أن الشعب الإيطالي يتابع ما يجري في السعودية، خصوصاً تصديها للجماعات الإرهابية وضبط حدودها، مشيراً إلى أن إيطاليا والاتحاد الأوروبي يدعمان التوجه السعودي بتحقيق السلام والتصدي للإرهاب الذي يسعى إلى تدمير المنطقة. وقال: «نثق بإرادة وقدرة الحكومة السعودية السياسية والأمنية بإحلال الهدوء في المنطقة، لأنه هدف ومصلحة الجميع التعاون لتحقيق الاستقرار». وأفاد بأن بلاده ترفض الهجرة غير الشرعية إلى إيطاليا، إلا أنها لا تتنصل من تقديم المساعدات للغرقى أو الذين يصلون إلى الشواطئ الإيطالية، مشيراً إلى أن إيطاليا تقدم كل أنواع الرعاية الطارئة للمهاجرين بعد فرز ملفاتهم أمنياً لتحديد الدول التي ينتمون إليها، وتضع الخطط التنظيمية لقبولهم على أراضيها، موضحاً أنه فور تلقي إشارة عن وجود أبرياء في عرض البحر تهب قوارب السواحل الإيطالية لنجدتهم. وأضاف: «يصل مهاجرون غير شرعيين من جنسيات عدة، منهم مهاجرون من شمال أفريقيا، إضافة إلى عرب قادمين من طريق ليبيا، ونبذل جهوداً لإغاثة ما يمكن مساعدته، فالمهاجرون يعبرون البحر المتوسط باحثين عن حوافز لا تتوافر في دولهم، أو هاربين من الحروب والقتال». وحول التعايش بين أصحاب الديانات المختلفة في إيطاليا، أوضح أن بلاده التي يشكل المسيحيون 90 في المئة منها، تعيش فيها جنسيات مسلمة خصوصاً من ليبيا وأفريقيا وإندونيسيا ومصر من دون أي إشكالات، عازياً ذلك إلى أن القانون الإيطالي يكفل حرية الأديان للجميع. وأشار إلى أن إيطاليا تعاني من ارتفاع البطالة، التي تصل في شكل عام إلى 12 في المئة، على رغم تمتعها باقتصاد قوي، فيما تصل بين فئات الشبان والشابات إلى 40 في المئة إثر الأزمة الاقتصادية العالمية، ما يلزم القطاعات الإيطالية بالإسهام في خلق فرصة عمل لمواطنيها كافة، مضيفاً: «المشكلة التي تواجهنا هي إيجاد وظائف لمواطنينا، وهي مشابهة للوضع في السعودية، لأن تركيبة الاقتصاد في العالم تغيرت في الأعوام الأخيرة، فالضرائب العالية التي يدفعها المواطن الإيطالي للدولة، وتراوح بين 30 إلى 45 في المئة من دخله، لا تشكل هاجساً يؤرق حياته المعيشية، كما أن إيجاد صناعات مميزة وفتح مزيد من الأسواق العالمية يسهمان في التعافي من الأزمة الاقتصادية التي شملت دولاً عدة في المنطقة». ... ويؤكد: إيطاليا ليست مجرد «سباغتي» و«بيتزا» أكد السفير الإيطالي في السعودية ماريو بوفو، أن من يزور إيطاليا يكتشف أنها أكثر بكثير من السباغتي والبيتزا والمندولين والموسيقى وماركة «صنع في إيطاليا»، معتبراً أنها ذات واقع مشابه للسعودية، مضيفاً: «من يزور السعودية يكتشف أن ما يميزها ليس النفط وحده، بل غناها بالتاريخ والآثار وموقعها الإسلامي وإسهاماتها العالمية في السياسة والاقتصاد». وأوضح أن السعوديين يزورون عادة مدن ميلانو وفانس وسردينا وديلكس وسيسلي وجزيرة نابولي التي يوجد فيها عرب كثر، مشيراً إلى وجود عدد من المعاهد في إيطاليا لتدريس اللغة العربية. وأفاد بأن العلاقات السعودية الإيطالية متينة وذات عمق تاريخي يصل إلى 80 عاماً، لافتاً إلى أن المملكة اشترت أخيراً طائرات، وأبرمت معها مذكرات تفاهم في المجالات الطبية، مشيراً إلى أن السفارة الإيطالية في السعودية أصدرت 50 ألف تأشيرة العام الماضي. واعتبر أن غياب تأشيرات السياحة للسعودية وطول فترة انتظار التأشيرات للإيطاليين الراغبين في القدوم إلى المملكة، يحدان من قدوم الكثيرين.
مشاركة :