عندما وضع أرسطو قواعد الصراع الدرامى فى التراجيديا والمعاناة التى يعيشها البطل التراجيدى، لخصها فى الصراع الداخلى، للبطل وأزمته بين الواجب والعاطفة، أى بين الخير الذى يمثله الواجب والشر الذى قد يقع فيه الإنسان نتيجة عاطفته أو رغباته الإنسانية.هذا الصراع جسده الفنان نور الشريف عام ١٩٩٩ فى واحدة من أهم الدراميات التليفزيونية، التى قدمها طوال مشواره الفنى تحت عنوان «الرجل الآخر»، ليقدم من خلاله شكلًا جديدًا لمعاناة البطل التراجيدى فى صراعه بين الواجب والعاطفة مع إضافة صراع داخلى جديد من خلال فقدان الذاكرة للشخصية التراجيدية فى المسلسل، ليصبح صراعه ثلاثيًا بين تصديق ماضيه المنسى مع ذاكرته المفقودة، وبين الواجب الذى يفرضه عليه ضميره فى حالة تصديقه لماضيه وبين العاطفة التى تُفرض عليه التغاضى عن ماضيه المشبوه.دارت أحداث المسلسل من خلال شخصية «مختار العزيزي» رجل الأعمال الثري، الذى يتعرض لحادث سيارة يؤدي إلى فقدانه للذاكرة واختفائه من حياة أسرته، وهو ما يجعل أسرته تعتقد فى وفاته، إلى أن يستقر به الحال فى إحدى الحارات الشعبية، التى يتسم أهلها بالمحبة والطيبة والجدعنة، فيقفون إلى جواره ويسعون لمساعدته بعد أن يطلقون عليه اسم «عبدالله» ومن خلال حياته فى الحارة الشعبية يقع فى حب «نحمده» السيدة المصرية الأصيلة، وعلى خط درامى متوازٍ يعلم بحقيقة حياته السابقة، وحقيقة صفقاته المشبوهة والرشاوى التى تلقاها من خلال عمله كرئيس مجلس إدارة إحدى شركات المنشآت الكبيرة، وهو المنصب الذى استغله فى تحقيق الثراء من خلال مساعدة مجموعة من أصدقائه المشبوهين.ومع تتابع الأحداث يقع «مختار العزيزي»، فى صراع درامى داخلى وخارجي، بعد أن يكتشف حقيقة ماضيه المشوه وفساده وفساد أسرته وأصدقائه وكل من حوله، فيظهر صراعه الداخلى من خلال عدم تصديقه لماضيه المشوه، بعد أن أصبح إنسانًا جديدًا ونقيًا من خلال فقدانه الذاكرة فأصبحت حياته مثل حياة الأطفال التى تخلو من المعاصي، وهو ما يدفعه لعدم تصديق ماضيه بكل سيئاته، أما الصراع الخارجى فيظهر من خلال معاناته فى محاولة إصلاح ما قام بإفساده فى الماضى وإرجاع المال العام، وتحمل عواقب هذا الإصلاح وتبعياته سواء على نفسه أو على أقرب المقربين إليه من أبنائه وأصدقاء عمره.وتستمر الأحداث فى إظهار مساوئ الماضي، ومحاولة إصلاح «مختار العزيزي» لما أفسده فى ماضيه، لتنتهى الأحداث بإلقاء القبض عليه وعلى أصدقائه الفاسدين ووفاة ابنه نتيجة طمعه فى ثروة والده المشبوهة، وكذلك فقدان زوجته لعقلها نتيجة طمعها وسيطرتها على الأسرة،وهو ما ينهار نتيجة محاولات مختار فى إرضاء ضميره وإصلاح ما أفسده، ليعود «مختار العزيزي» فى النهاية إلى الحارة الشعبية ليتزوج من «نحمده» بعد أن أصبح اسمه «عبدالله»، فى إشارة إلى اختيار حياته بشكل جديد واسم جديد يكون فيه عبدًا لله ويترك المعاصى.
مشاركة :