حسمت اللجنة التشريعية قضية التعديلات على قانون مهنة المحاماة بعدم المساس بأي من الشروط الخاصة بالانضمام إلى المهنة، ولم تتطرق التعديلات إلى المطالبات بتحويل جمعية المحامين إلى نقابة أو تعديل الأعمال النظيرة. منذ صدور التعديلات على قانون تنظيم مهنة المحاماة عام 1996 ومجالس إدارات جمعية المحامين المتعاقبة ترفع شعار تعديلات القانون، تارة تدغدغ به مشاعر الناخبين المحامين، وتارة أخرى تجده برنامجا انتخابيا يحسن الاستماع إليه! وبعد عشرين عاما من صداع المطالبة بالتعديلات تمخض الجبل فولد فأرا، وأقرت اللجنة التشريعية بمباركة جمعية المحامين تعديلات لاطعم لها ولا لون ولا رائحة، وتكشف عن عجز في تشخيص هموم المحامين ومشاكلهم التي عصفت بالمهنة وجعلت منها مهنة من لا مهنة له! خيبة الأمل التي كشفتها التعديلات التي تبنتها اللجنة التشريعية في مجلس الأمة والتي يتولى عضويتها محامون لهم في المهنة أكثر من 20 عاما تؤكد غياب القضية التي يبحث عنها المحامون في قانون مهنتهم، وتبين أن تركيز اللجنة والجمعية منصب على القضايا الثانوية دون الرئيسية التي تعانيها مهنة المحاماة! تجاهل المصائب وبينما تعاني «المحاماة» انضمامَ خريجي الحقوق دون دورات ملزمة لتأهيلهم للانضمام إلى المهنة، وانضمامَ عدد من القانونيين باسم الاعمال النظيرة إليها، وقبولَ خريجين من كلية الشريعة بمهنة المحاماة باسم أحكام القانون التي تسمح بانضمامهم الى المهنة، تقف «الجمعية» وأعضاؤها متفرجين ومنشغلين بتعديلات تتعلق بإخطار «الجمعية» خلال 24 ساعة عند القبض على محامٍ أو إنشاء معهد للمحاماة، وكأن كل مشاكل المحاماة انصبت فيما خرجت به اللجنة! تجاهل كل المصائب التي تمر بها مهنة المحاماة من آليات القبول والتدريب والتأهيل، وتأديب المحامين وحقوقهم تجاه موكليهم وحقوق موكليهم عليهم ومساءلة المخالفين منهم، وبيان سلطة «الجمعية» في ضبط وربط المتجاوزين عليها، وحق «الجمعية» في إغلاق مكاتب المحاماة المؤجرة بالباطن، قضايا لم تمر على طاولة اللجنة التشريعية ولم ترَ «الجمعية» المطالبة بحقوق المحامين أهمية لها! وتكمن الكارثة في التعديلات التي قدمتها جمعية المحامين بعدم السماح بتوكيل المحامي لأكثر من 10 شركات، وهذا شرط لا تقره حتى نقابات المحاماة في الدول الرجعية لتعارضه مع أحكام الدستور وتعارضه مع منطق العمل الحر لمهنة المحاماة، التي تريد «الجمعية» باقتراحها تكبيلها تحت رحمة عدد الشركات ولتخلق من جانب آخر سوقاً لتأجير رخص مكاتب المحاماة من أجل تسجيل شركات عليها! 8 قضايا والتعديلات التي أقرتها اللجنة التشريعية تنصب على ثماني قضايا فقط، التعديل الأول هو ربط الانتقال من جداول الى أخرى باجتياز دورات محددة من قبل معهد المحاماة، والتعديل الثاني يقرر إنشاء لجنة لنظر التظلمات من قرارات رفض القبول والطعن على قرارات تلك اللجنة يكون أمام محكمة الاستئناف، والتعديل الثالث يتعلق بعدم جواز التحقيق مع أي محامٍ بجريمة متصلة بعمله إلا بوكيل لا تقل درجته عن رئيس نيابة وبوجوب إخطار رئيس جمعية المحامين خلال 24 ساعة قبل التحقيق مع المحامي، والأمر كذلك فيما يتعلق بجرائم الجلسات دون أن يربط التعديل ببطلان إجراءات التحقيق ما لم تتم بالطريقة التي نص عليها القانون، والتعديل الرابع يتعلق بعدم جواز الرجوع على المحامي بالتعويض من جراء ممارسته لحق الدفاع، في حين أن تلك المادة تمنع حق القضاء من مساءلة المحامي عن الأخطاء التي قد تصدر عنه تجاه موكله. عقوبات المحامين ويتعلق التعديل الخامس باعتراف القانون بالنسبة المئوية التي تتضمنها عقود المحاماة ولا تعترف بها المحاكم، في حين أن التعديل السادس يتعلق بالعقوبات التي تفرض على المحامين في حال الإخلال بمهنتهم، ويقرر التعديل السابع إنشاء معهد للمحاماة مع تقرير مجلس إدارة «الجمعية» بوضع لائحته دون بيان إلزامية الانضمام الى المعهد من المحامين المنضمين حديثا الى المهنة أو غيرهم من المنضمين إليها من الاعمال النظيرة، ويقرر التعديل الثامن والأخير في التقرير المرفوع من القانون أحقية مركز تحكيم المحامين في الفصل بالمنازعات الخاصة بأتعاب المحاماة. والتعديلات التي أقرتها اللجنة التشريعية لن تغير شيئا من حقيقة الواقع القانوني لمهنة المحاماة عدا تعديل النسبة المئوية الذي كان أحد المطالب في المهنة لكنه لا يمثلها جميعا حتى تختزل اللجنة التشريعية وجمعية المحامين مشاكل المهنة الأزلية بسبب أحكام القانون بإقرار نصوص هزلية لذر الرماد في العيون، في حين تتذرع مجالس الادارات المتعاقبة بنصوص القانون الحالية التي تحد من محاولات إصلاح المهنة! شروط المحاماة أما التعديلات التي تعمدت اللجنة التشريعية عدم النظر فيها وانتهت الى التعديلات القاصرة التي أعلنتها والتي فرحت بها جمعية المحامين وصورتها على أنها الإنجاز التاريخي الذي حققته في تاريخ المهنة، فتكمن في إهمال تعديل شروط الانضمام الى مهنة المحاماة، وإعادة النظر في الاعمال النظيرة لمهنة المحاماة، وحظر الجمع بين العضوية في مجلس الأمة أو المجلس البلدي أو العمل الحكومي وممارسة مهنة المحاماة، وقصر الجمع على أساتذة الجامعة والتطبيقي لمن هم حاصلون على درجة أستاذ دكتور أو حتى تحويل جمعية المحامين الى نقابة! وتكمن التعديلات التي تعمدت اللجنة إهمالها في عدم تحديد مدة التدريب في مهنة المحاماة قبل الانضمام إليها وإلزام الراغبين في الانضمام بفترة التدريب التي يخلو منها تقرير اللجنة التشريعية أو حتى المشروع الذي انتهت منه «الجمعية»، كما خلا القانون من إمكانية وجود سلطة لدى لجنة القبول ومن إمكانية شطب المحامي إذا لم تتوافر فيه كل الشروط المقررة لانضمامه إلى المهنة أو إمكانية إغلاق مكتبه في حال ثبوت مخالفة تنازله عن مكتبه لأشخاص غير منضمين إلى مهنة المحاماة.
مشاركة :