توطين الوظائف والعنصرية ضد الأجانب!

  • 6/12/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يعتبر الاتفاق الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 كانون الأول (ديسمبر) 1965، وانضمت إليه المملكة بموجب المرسوم الملكي رقم م/12 وتاريخ 20-8-1997؛ الإطار القانوني الدولي للقضاء على التمييز العنصري، وقد حددت نطاق التمييز العنصري، وتضمنت أحكاماً تحدد التزامات الدول الأطراف فيها، بما في ذلك التعهد بعدم إتيان أي عمل أو ممارسة من أعمال أو ممارسات التمييز العنصري ضد الأشخاص أو جماعات من الأشخاص أو المؤسسات، وبضمان تصرف جميع السلطات العامة والمؤسسات العامة، القومية والمحلية، طبقاً لهذا الالتزام، وعدم تشجيع أو حماية أو تأييد أي تمييز عنصري يصدر عن أي شخص أو أية منظمة، وسن التشريعات اللازمة إذا تطلبتها الظروف، وشجب جميع الدعايات والتنظيمات القائمة على الأفكار أو النظريات القائلة بتفوق أي عرق أو أية جماعة من لون أو أصل اثني واحد أو التي تحاول تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية العنصرية والتمييز العنصري، وتجريم نشر الأفكار القائمة على التفوق العنصري أو الكراهية العنصرية، وكل تحريض على التمييز العنصري، وإعلان عدم شرعية المنظمات وكذلك النشاطات الدعائية المنظمة وسائر النشاطات الدعائية التي تقوم بالترويج للتمييز العنصري والتحريض عليه وتجريم الاشتراك فيها، وغيرها من الالتزامات الملقاة على عواتق الدول الأطراف. يدّعي البعض من حين إلى آخر، أن خطط وعمليات توطين الوظائف؛ تمييز عنصري ضد الأجانب المقيمين في السعودية، وبالتالي فهي تتعارض مع الاتفاق الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على حد زعمهم، وكان من نتائج هذا الادعاء أن استوضحت لجنة القضاء على التمييز العنصري (CERD) من السعودية عن خطة السعودة وآثارها على العمال الأجانب. هذا الادعاء يتهاوى بالرجوع إلى الفقرة (الثانية) من المادة (الأولى) من الاتفاق الدولي للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي نصت على أنه «لا يسري هذا الاتفاق على أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفضيل بين الموطنين وغير المواطنين من جانب أية دولة طرف فيها»، وهذا يقتضي استثناء المواطنة من الأسس التي يقوم عليها التمييز العنصري (العرق واللون والنسب والأصل القومي أو الإثني)، ومعنى ذلك في المحصلة أن التمييز على أساس المواطنة ليس تمييزاً عنصرياً، وبلغة القانون، لا يمكن الاحتجاج بالاتفاق عندما يكون التمييز قائماً على أساس المواطنة، أي لا يمكن لشخص أن يدعي أن حقوقه التي كفلها له الاتفاق قد انتهكت عندما يعامل من دولة طرف معاملة أدنى من معاملة مواطنيها، وهذا الحكم على رغم اعتراض البعض عليه، ينسجم مع المنطق الذي يمثل روح القانون، إضافة إلى انسجامه مع قواعد قانونية تنظم مسائل أخرى كحق الشعوب في التصرف الحر بثرواتها ومواردها الطبيعية، وحظر حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة. وهذا ينطبق على توطين الوظائف، فهو في كل الأحوال تمييز، ولكنه يقوم على أساس المواطنة، الذي أخرجه الاتفاق من الأسس التي يقوم عليها التمييز العنصري، وبالتالي فهو ليس تمييزاً عنصرياً. هناك مسألة ينبغي لفت الانتباه إليها، وهي أن البعض من الكتاب والمدونين خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، في سبيل حثه للجهات الحكومية والشركات والمؤسسات الوطنية على توظيف السعوديين والسعوديات، يخرج عن سياق حرية التعبير المشروعة إلى حيث الكراهية العنصرية والتمييز العنصري، وهذا ما ينبغي التصدي له من الجهات ذات العلاقة وفي مقدمتها النيابة العامة التي خوّل لها نظام الإجراءات الجزائية وفقاً للمادة (17) منه؛ رفع الدعوى الجزائية والتحقيق فيها إذا رأت في ذلك مصلحة عامة، استثناءً من عدم جواز إقامة الدعوى الجزائية أو إجراء التحقيق في الجرائم الواجب فيها حق خاص للأفراد إلا بناء على شكوى من المجني عليه، أو ممن ينوب عنه أو وارثه من بعده إلى الجهة المختصة.

مشاركة :