هل ينجح أحد المنتخبات العربية في أن يكون الحصان الأسود لبطولة كأس العالم؟ سؤال يتردد كثيرا حاليا بين أنصار الفرق العربية الأربعة التي تشارك في مونديال روسيا. ومع اقتراب ضربة البداية يترقب عشاق كرة القدم العربية في كل مكان ما ستقدمه منتخبات السعودية ومصر وتونس والمغرب في هذا المونديال. وكانت التصفيات المؤهلة في كل من القارتين الآسيوية والأفريقية منحت الكرة العربية أربعة مقاعد في المونديال للمرة الأولى في التاريخ ولكن فرص كل من المنتخبات الأربعة تبدو متفاوتة في الصراع العالمي طبقا لاستعدادات وإمكانيات كل فريق وخبرته والأهم من هذا كله هو المجموعة التي يستهل بها الفريق مسيرته في البطولة. وعلى مدار العقدين الأخيرين، شهدت البطولات الكبيرة ظهور أكثر من حصان أسود إضافة للكثير من المفاجآت الكبيرة لمنتخبات لم تكن مرشحة. وفي مونديال 2002 بكوريا الجنوبية واليابان، فاجأ المنتخب السنغالي الجميع ببلوغه دور الثمانية. وبعدها بعامين فقط، فجر المنتخب اليوناني واحدة من كبرى المفاجآت في تاريخ كرة القدم وأحرز لقب كأس الأمم الأوروبية (يورو 2004) بالبرتغال بعدما تغلب على أصحاب الأرض في المباراة النهائية للبطولة. وتعددت المفاجآت في البطولات الأخرى في كل من البطولات العالمية والقارية على مستوى العالم وكان أحدثها هو بلوغ منتخب كوستاريكا لدور الثمانية في مونديال 2014 بالبرازيل ومنتخب آيسلندا لنفس الدور في يورو 2016 بفرنسا. والآن، ينتظر كثيرون من المنتخبات العربية مفاجآت مماثلة في المونديال الروسي رغم صعوبة المهمة التي تنتظرهم. وتبدو فرص نجاح كل من المنتخبين السعودي والمصري متشابهة إلى حد كبير ولكن قدرة أحدهما على تفجير المفاجأة يرجح أن يكون على حساب الآخر. وأوقعت قرعة البطولة المنتخبين السعودي (الأخضر) والمصري (أحفاد الفراعنة) في المجموعة الأولى بالدور الأول للمونديال والتي تضم معهما منتخبي روسيا والأوروغواي. ويحظى منتخب الأوروغواي بترشيحات قوية لصدارة المجموعة ما يعني أن تأهل أي من المنتخبين العربيين للدور الثاني (دور الستة عشر) سيكون من خلال مفاجأة على المنتخب الروسي صاحب الأرض إضافة للتأهل على حساب المنتخب الآخر. ويواجه المنتخب المغربي الاختبار الأصعب على الإطلاق من بين جميع المنتخبات العربية الأربعة في الدور الأول حيث يخوض فعاليات البطولة ضمن المجموعة الثانية (مجموعة الموت) التي تضم معه منتخبات إسبانيا والبرتغال وإيران. ويستهل المنتخب المغربي (أسود الأطلسي) مسيرته في البطولة بلقاء نظيره الإيراني يوم الجمعة ولكنه لن يكون بحاجة إلى الفوز فقط في هذه المباراة وإنما إلى تحقيق مفاجأة كبيرة أمام أي من المنتخبين الإسباني والبرتغالي. وأكد أحمد رضا التكناواتي نجم المنتخب المغربي بعد وصول الفريق إلى روسيا، أن فريقه لن يتنازل عن حلم العبور للدور الثاني وقال: «هدفنا هو العبور إلى الدور الثاني ومباراتنا أمام إيران مهمة مثل البرتغال وإسبانيا لأن جميع المواجهات مهمة في كأس العالم». وأضاف: «كل شيء يمر عبر مباراة إيران. الفوز بالمباراة الأولى سيساعد الفريق كثيرا وإلا ستكون العواقب وخيمة». ويواجه المنتخب التونسي (نسور قرطاج) اختبارا صعبا أيضا في الدور الأول ضمن المجموعة السابعة التي تضم منتخبات إنجلترا وبلجيكا وبنما. ويحتاج المنتخب التونسي أولا إلى تحقيق نتيجة جيدة في مباراته الأولى بالبطولة أمام المنتخب الإنجليزي إضافة لضرورة الفوز على فريق بنما الطموح الذي يشارك في البطولة للمرة الأولى، فيما تبدو المواجهة أمام المنتخب البلجيكي هي الأصعب لنسور قرطاج. وأشاد الإسباني روبرتو مارتينيز المدير الفني للمنتخب البلجيكي بالمنتخب التونسي والإمكانيات التي يمتلكها اللاعبون، مشيرا إلى أن نسور قرطاج فريق قوي والتغلب عليه لن يكون سهلا. وأكد مارتينيز: «شاهدت مباراة تونس وإسبانيا، وتأكدت أنهم يملكون إمكانيات كبيرة وكانوا يستحقون الفوز، وتسجيلهم ثنائية أمام البرتغال خير دليل على قوتهم. لديهم لاعبون متميزون من الناحية الفنية ويتحركون كثيرا وقد يكونون من مفاجآت كأس العالم». (الاستعداد للافتتاح) مع اكتمال كافة الاستعدادات ووصول معظم المنتخبات المشاركة في البطولة، أصبحت روسيا مهيأة لتقديم مهرجان كروي رائع على مدار الأسابيع الأربعة المقبلة. ويخوض منتخبا السعودية وروسيا اليوم التدريب الأخير استعدادا للمباراة الافتتاحية غدا على استاد «لوجنيكي» الشهير بالعاصمة موسكو. وأكد نجم خط وسط المنتخب السعودي يحيى الشهري أنهم درسوا الفريق الروسي بشكل جيد استعدادا لمواجهة الافتتاح، لكنه حذر من أن المباريات الودية تختلف عن الرسمية. ولم تحقق روسيا أي فوز منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي واختتمت استعداداتها للبطولة بالتعادل 1 - 1 مع تركيا التي لم تتأهل للنهائيات. وتحتل روسيا المركز 70 في تصنيف الفيفا للمنتخبات ولم تبلغ أدوار خروج المغلوب في كأس العالم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. وقال الشهري: «تابعنا المنتخب الروسي من خلال المباريات الودية لكنها لا تعتبر مقياسا بالنسبة لنا». وأضاف: «الظهور في المباريات الرسمية يختلف تماما عن الودية كما أن اللعب أمام البلد المضيف صعب دوما لكننا نتمسك بطموحنا في هذا المحفل العالمي... وصلنا إلى درجة كبيرة من الجاهزية والاستعداد وسنسعى لتحقيق النقاط الثلاث». وتابع: «نحن سعداء بوجودنا ضمن أفضل منتخبات العالم. قضينا وقتا طويلا في المعسكرات ونتمنى أن يصب هذا في مصلحة منتخبنا». وظهرت السعودية بأداء جيد في آخر مباراة ودية لها رغم الخسارة 2 - 1 أمام مضيفتها ألمانيا حاملة اللقب. وانشغل العمال في الأيام الماضية بتهيئة استاد «لوجنيكي» من أجل المباراة الافتتاحية، كما أصبحت كل الاستادات الـ12 المضيفة على أهبة الاستعداد علما بأن بعضها شيد حديثا من أجل البطولة فيما خضع البعض الآخر لعمليات تحديث وتطوير. ولا تعاني أي من هذه الاستادات من مشاكل تنظيمية أو تشغيلية تثير القلق أو الصداع للمسؤولين في روسيا أو الفيفا على عكس ما كان عليه الحال في المونديال البرازيلي عام 2014. ويرى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أن المونديال في روسيا بأيد أمينة مع اقتراب ضربة البداية. وقال السويسري جياني إنفانتينو رئيس الفيفا: «روسيا جاهزة 100 في المائة، والعالم كله سيشاهد هذا عندما تنطلق فعاليات البطولة بمباراة المنتخبين الروسي والسعودي». ويشهد حفل افتتاح البطولة مشاركة نجم البوب الشهير روبي ويليامز والسوبرانو الروسية عايدة غاريفولينا. ويعتقد إنفانتينو أن نظرة العالم إلى روسيا ستتغير أيضا بقوله: «سيرى الناس روسيا كبلد مختلف: كبلد يستقبل ويرحب بالعالم. كبلد بهيج ومهرجاني يرغب في الاحتفال ويرغب في الانفتاح». وهذه هي النسخة الأولى من بطولات كأس العالم في عهد إنفانتينو الذي تولى رئاسة الفيفا في 2016 بعد رحيل مواطنه جوزيف بلاتر عن هذا المنصب في ديسمبر (كانون الأول) 2015 إثر فضائح فساد واتهامات برشاوى بحق استضافة بطولتي كأس العالم 2018 و2022. كما واجهت روسيا على مدار السنوات الأربع الماضية اتهامات بتعاطي رياضييها للمنشطات وفق برنامج ممنهج تستخدمه البلاد. ويأمل إنفانتينو والمنظمون في روسيا ألا تفسد هذه الأمور البطولة التي يتردد أن تنظيمها كلف روسيا أكثر من عشرة مليارات يورو (8.11 مليار دولار). وعن مخاطر تعرض البطولة لأعمال شغب، بعد تورط المشجعين الروس في أعمال عنف خلال بطولة كأس الأمم الأوروبية الماضية في فرنسا قال إنفانتينو: «كل مشجع سيأتي إلى روسيا، سيتم استقباله في بيئة آمنة للاحتفال. إذا اعتقد أي شخص أنه سيأتي من أجل إثارة المشكلات، من الأفضل له أن يظل في بلده». وستكون الإجراءات الأمنية على أعلى مستوى في المدن الـ11 المضيفة للبطولة علما بأن المنظمين يضعون صوب أعينهم دائما احتمالات التعرض لهجوم إرهابي. وعلى أرض الملعب، ينتظر أن تكون بداية استخدام نظام حكم الفيديو المساعد للمرة الأولى في بطولات كأس العالم بمثابة نقطة مثيرة للجدل بعد الجدل والارتباك الذي صاحب هذه التجربة في الكثير من البطولات الأخيرة. وقال إنفانتينو: «ما أتطلع إليه بشكل هائل هو المباريات وأن أرى الكرة تتحرك وتدور وأرى المشجعين يحتفلون وأن أرى أروع شيء في العالم».
مشاركة :