حان وقت حصاد الذهب يا فرنسا!

  • 6/13/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

محمد الفواز:حكايتي مع كرة القدم بدأت منذ عام 1998 عندما استضافت بلاد السحر والجمال «فرنسا» المونديال الكروي آنذاك، وتوج بالذهب حينها أبناء الرئيس جاك شيراك بفضل الرأس الذهبية للفرنسيين واللاعب الأفضل على مر التاريخ -بوجهة نظري الشخصية- زين الدين زيدان الذي قادهم بوقتها لسحق أفضل منتخب في العالم وهو البرازيل، بثلاثة أهداف دون رد في مباراة تاريخية لا يمكن أن ينساها الفرنسيون.هنا لن أخرج عن أي منطق كروي طبعا، لكن قد تظهر مقالتي هذه بشكل عاطفي ظاهر وجلي، وهذا الأمر طبيعي كوني سأتجرد من الرسمية بها؛ لأنني عاشق ومشجع أولا لديوك فرنسا، وأصبحت أتوق وأتشوق لرؤيته وهو يعتلي منصات التتويج من جديد.يعد المنتخب الفرنسي من أقوى وأفضل المنتخبات في العالم حاليا، وأصبح أبرز المنتخبات المرشحة لخلق شيء ما في بطولة كأس العالم 2018 التي ستنطلق منافساتها الخميس القادم، وهذا طبيعي كونه وصيف بطل أوروبا 2016، ويملك لاعبين هم من الأفضل على مستوى العالم ويلعبون مع أعرق الأندية وأكثرها شهرة في أوروبا، وقبل التكلم عن حظوظ الديوك بهذا المونديال سأستعرض بين طيات هذا الموضوع بعض أحداث الماضي، لعلكم تتذكرون معي وتستمتعون بقصتي مع فرنسا.عندما كنت صغيرا، ظهر البطل فجأة أمامي، ومنذ ذلك الحين وأنا المشجع المخلص والوفي لهم، حينها كنت على استعداد لأعلن الولاء لمن يحطم «غرور» البرازيليين بتلك البطولة، خصوصا بعد تسببهم بإخراج منتخب عربي من بطولة 1998 وهو المغرب فيما يعرف بـ«المؤامرة» -رغم عدم اعترافي بها-، وعندها لم يستطع أحد الوقوف في وجه السامبا إلا زيزو ورفاقه الذين حطموا جحافل الجيوش البرازيلية بثلاثية نظيفة كانت كافية لأن تزرع حبهم في قلبي الى الأبد، بعد أن اصبحوا أبطال العالم للمرة الأولى في تاريخهم لتبدأ حكايتهم مع الألقاب والمجد، وتبدأ حكايتي معهم مشجعا لهم.في عام 2000 كنت أتابع بشغف مباريات المنتخب الفرنسي، وحينها كانت البطولة تنقل على القنوات التي لديها حقوق الملكية، فاضطررت إلى أن أكون في المقاهي الشعبية بكل مباراة لهم من أجل عدم تفويت فرصة متابعة المنتخب الأكثر كمالا وجمالا ومهارية وقتها، وكنت متفائلا حينها بقدرة الديوك على تحقيق اللقب، وفعلا حصل ذلك وانتهت البطولة بلقب فرنسي مثير بعد أن قلبوا تأخرهم بهدف دون رد الى فوز ثمين، بالهدف الذهبي القاتل آنذاك، إذ أحرز سيلفان ويلتورد هدف التعادل لمنتخب بلاده في الدقيقة الأخيرة من عمر المباراة، لتمتد المنافسة بين الفريقين الى الأشواط الإضافية، وقضى حينها دافيد تزيريغيه المعروف بـ«تريزيغول» على حلم الطليان بتحقيق لقب البطولة بهدف ذهبي قد يكون الأغلى في تاريخ منتخب فرنسا.بطولة 2002 مرض البطل، عانى وما زاد الطين بلة هو غياب القائد والمايسترو زين الدين زيدان فكانت النتيجة الخروج من دور المجموعات في صدمة لم يتوقعها أحد، في عام 2004 كان البطل يبدو أفضل حالا، والأمور تسير على ما يرام في دور المجموعات لولا إصرار اليونانيين وعنادهم الذي أقصى الديوك من اليورو، وأقصى معهم أمل الحفاظ على اللقب بدور ربع النهائي، في 2006 كانت فرنسا المنتخب الأقوى بوجود أفضل تشكيلة له في التاريخ، تلاعب حينها زيدان ورفاقه بأقوى المنتخبات في العالم، هزموا اسبانيا والبرازيل والبرتغال، وقضوا على آمالهم جميعا وهم من المرشحين للقب البطولة، لكن الحظ حينها في النهائي كان اسمه «ايطاليا» وماتيراتزي الذين بددوا آمال الفرنسيين بالفوز بعد أن طرد الربان زيزو نتيجة استفزاز لا أخلاقي تعرض له من المدافع الايطالي، فكان الرد من زيزو نطحة شهيرة أشهرت في وجهه الكارت الأحمر بقرار شجاع من قبل حكم المباراة، بطولات ما بعد ذلك يورو 2008 و2012، كأس العالم 2010 كانت مرحلة الانتقال من جيل إلى آخر وبناء لمنتخب يجب أن يكون قادرا على المنافسة؛ لذلك لم يقدم الفرنسيون ما هو مأمول منهم، وكانت النتيجة دائما خروج من دور المجموعات في بطولة كأس العالم 2010 وكذلك بطولة أوروبا 2008.وفي بطولة أوروبا 2012 أقصى الإسبان الأبطال بتلك النسخة الديوك من الدور ربع النهائي.في كأس العالم 2014 دخل منتخب فرنسا بتشكيلة واسعة من الشباب النجوم، حينها لم يكن عامل الخبرة متوافرًا لديهم، رغم ذلك قدموا أجمل اداء، نافسوا أفضل المنتخبات، وظهر أنهم قادرون على خلق المفاجأة، لولا السقوط غير المستحق أمام البطل حينها منتخب المانيا بهدف ماتس هوملز في دور الثمانية، وفي 2016 ظهر الشباب حينها وهم رجال اليوم فكانوا أكثر خبرة، وكان الديوك قاب قوسين أو أدنى من تحقيق اللقب لولا إصرار البرتغاليين وعزمهم على تحقيق لقب اليورو وفي أرض الفرنسيين. بطولة كأس العالم 2018 حظوظ الفرنسيين تبدو أكبر مما هي عليه سابقا، منتخب تتوافر فيه كل العناصر اللازمة الممزوجة بالخبرة وحماس الشباب، ومدرب هو ديديه ديشامب مع أنه لا يصنف ضمن كبار المدربين في العالم إلا أنه يمكن أن يقود الديوك إلى أبعد مما هو متوقع منهم، وترتكز نقاط قوة المنتخب الفرنسي على خط هجومه المتسلح بالهداف أنطوان غريزمان، وكذلك الساحر الصغير كيليان مبابي، والمتخصص بالكرات الهوائية أوليفييه جيرو، مع وجود كانتي لاعب محور وهو من الأفضل في مركزه بالعالم، وحارس خبير مثل هوغو لوريس ودفاع صلب أبرز من فيه رافائيل فاران وصامويل أومتيتي نجما ريال مدريد وبرشلونة على التوالي، أما نقطة الضعف فهي عدم وجود القائد الحقيقي داخل الملعب القادر على إيجاد الحلول، وهذا ما يعيب بول بوغبا الذي قد تؤثر «مزاجيته» على المنتخب، مع أنه يتلقى الدعم اللازم والإشادة المتكررة بمستوياته من المدرب ديشامب.ختاما، منتخب فرنسا الحالي هو نسخة مطورة من جيل عام 1998، الفرنسيون الآن شباب الأمس رجال اليوم أصبحوا أكثر خبرة واحساسا بالمسؤولية، لذلك هم مطالبون بشيء ما، مطالبون أن يكرروا إنجاز 1998 وإسعاد الجماهير من جديد المتعطشة لرؤوية منتخب بلادهم يعتلي منصات التتويج مرة أخرى بعد نكسات السنين الماضية، فلا عذر لهم كونهم من أفضل الأسماء في العالم وأكثرها حسما داخل المستطيل الأخضر، فقد حان وقت حصاد الذهب يا فرنسا.

مشاركة :