العربية.نت: ذكرت صحيفة «نويه زورشر تسايتونغ» السويسرية في تقرير ميداني لها من العاصمة الإيرانية طهران ومدينة مشهد المهمة شمال شرق البلاد أن أوضاع إيران الملتهبة تنذر باندلاع ثورة وشيكة. وبدأ التقرير بالتذكير أن «الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرر جعل مشروع تغيير نظام العقوبات في إيران أمرًا لا مفر منه من خلال العقوبات القاسية». وأضاف: «الوقت مناسب، البلد كله ملتهب. ومع ذلك، هذه الظروف قد يستفيد منها الديماغوجيون المتطرفون». وحاول مراسل الصحيفة في التقرير الميداني الذي نُشر يوم الأحد 10 يونيو 2018 تقديم صورة متعددة الأبعاد لتصاعد عدم الرضا وازدياد الاستياء الشعبي في إيران اليوم. وذكر أن خيبات الأمل التي تسود في المجتمع يمكن أن تؤدي إلى ثورة مماثلة للثورة الإيرانية عام 1979. ولكن ليس من الواضح أنها ستجلب الديمقراطية والحرية، بحسب تعبيره. ولاحظ التقرير ازدياد الدعاية السياسية للنظام الإيراني في شوارع طهران بما فيها كثرة صور المرشد واللوحات اللانهائية لشعارات الثورة ذات الأعلام الكبيرة في كل مكان. وأضاف: لكن العقيدة السياسية الشمولية لم تعد تلامس قلوب الناس. تقول ياسمين (33 سنة): «لم يعد هناك أمل، بل إننا نحن الأسوأ». شهدت ياسمين وصديقتها غزل، وهي من نفس عمرها، انتفاضة الحركة الخضراء عام 2009، وقد شاركتا مع عشرات الآلاف من المحتجين، لكن الاحتجاجات لم تنتصر، وتقول: «الرئيس الحالي حسن روحاني على الرغم من أنه أكثر مرونة، فهو بنفس السوء.. لا نعرف هل هو معنا أم ضدنا». وتحدثت الفتاتان عن تحديد الحريات بما يتعلق بحجب مواقع التواصل والحجاب الإجباري والصعوبات التي تواجه الشباب للحيلولة دون تمكنهم من الزواج. ورغم أن الفتاتين تعملان براتب شهري حوالي 400 دولار، لكنهما تحلمان بالهجرة كسائر الشباب الإيرانيين. ولذا؛ باشرتا تعلم لغات أجنبية. وبحسب الصحيفة السويسرية فإن معظم الخريجين والطلاب في طهران يفكرون مثل غزل وياسمين. الشخص الذي يريد تغييرًا سريعًا سيغادر البلاد. على الأقل هذا يمكن أن يكون سببًا مهما لفهم أحد أسباب اندلاع لاحتجاجات الأخيرة مطلع هذا العام في طهران وقبلها بأيام في مشهد في أواخر ديسمبر الماضي. كما كان لشعار «الموت للدكتاتور» صدى كبير في جامعة طهران، وتصدرت الاحتجاجات الشعبية عناوين الصحف العالمية. وأشار التقرير إلى أن الاحتجاجات الأخيرة باتت تقلق النظام، وخاصة أنها تنطلق من قبل الفئات الفقيرة والشباب واندلعت بداية في 70 مدينة في مختلف المحافظات. وترى الصحيفة أنه ليس من الصعب تفسير هذا الغضب الشعبي حيث خفض روحاني ميزانيات الإنفاق الاجتماعي من خلال تقليص مستمر للمعونات من أجل مكافحة التضخم منذ تقلده الرئاسة في عام 2013، وقام في الوقت نفسه برفع أسعار الطاقة والكهرباء بسبب الانخفاض الحاد في عائدات تصدير النفط. أما الإيرادات التي وصلت إلى 95 مليار دولار في عام 2011 فانخفضت الآن إلى 48 مليار دولار. وعلى الرغم من أن إنتاج النفط عاد إلى مستوى ما قبل العقوبات بعد الاتفاق النووي فإن عائدات النفط لا تزال منخفضة بسبب الانخفاض الحاد في أسعار النفط. ووفقًا للتقرير، معظم الأسر الإيرانية في المناطق الريفية والبلدات الصغيرة باتت تعاني من الغلاء ورفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية، وعلى عكس طهران، انخفضت ميزانيتها بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. إضافة إلى كل هذه الظروف، هناك إرث أحمدي نجاد الثقيل، حيث كان قد سمح للأحزاب السياسية والمؤسسات الدينية المقربة منه والحرس الثوري والباسيج ببناء المؤسسات المالية خارج نطاق السيطرة، والتي وعدت زبائنها بأرباح كبيرة لكنها نهبت أموال المودعين بحجة الإفلاس، ما أدى إلى احتجاجات مستمرة للمنهوبة أموالهم. وكانت حصيلة الاحتجاجات التي قمعها بعنف دموي مقتل أكثر 20 شخصًا واعتقال 5000 في يناير وفبراير 2018. وبحسب الصحيفة، ليس من قبيل الصدفة أن راديكاليا معاديا للغرب مثل أحمدي نجاد يأمل الآن العودة إلى الساحة السياسية. وهو الذي قام بقمع الاحتجاجات ضد إعادة انتخابه في عام 2009 بواسطة الحرس الثوري الذي أخمد المظاهرات بقمع دموي. لكنه في وقت لاحق أصبح ضد المرشد الأعلى الذي لم يسمح له بالترشح في عام 2017. وفي فبراير الماضي، وجه رسالة مفتوحة بشأن الاحتجاجات إلى خامنئي، ودعا إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة. ونقلت الصحيفة عن مواطن في مشهد يدعى عدلان، والذي اتهم روحاني بـ«تدمير كل شي». أنشأ الرجل البالغ من العمر 44 عامًا ورشة لتصليح الدراجات النارية في مدينة مشهد قبل بضعة أشهر، لكن عليه الآن إغلاقها لأن ليس لديه عميل ولا يمكنه دفع رسوم الترخيص لسيارته. ويشكو عدلان قائلاً: «الإيرانيون يأكلون الأرز مرتين في اليوم. لكن أسعار الأرز تضاعفت أربع مرات خلال العامين الماضيين». ويضيف: «حقبة أحمدي نجاد كانت أفضل بكثير». وتطرقت الصحيفة إلى احتجاجات ليلة رأس السنة الميلادية، حيث شهدت الغضب الشعبي المتفاقم بسبب إنفاق النظام على المغامرات العسكرية، حيث كان المتظاهرون ضد خامنئي يرددون: «اترك سوريا وفكّر في أوضاعنا». ويختم التقرير بأن المتشددين من دعاة التدخل الخارجي، الذين يدعمون مليشيات «حزب الله» في لبنان والحوثيين في اليمن ونظام بشار الأسد في سوريا، بدأوا الآن يحشدون الرأي العام تحت شعار شبح الهجوم الأجنبي في ظل تهديدات ترامب، لكنهم من دون مناصرين الآن.
مشاركة :