بيروت- دخلت مرحلة تكليف سعد الحريري بتشكيل الحكومة أسبوعها الثالث دون ظهور بوادر تشي باتفاق قبل عيد الفطر، وفيما تكشف بعض التحليلات أن سعد الحريري يتصرف دون عجلة في هذا الصدد، تكثر دعوات حزب الله إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، ضمن سلسلة تصريحات لا تحيل فقط إلى رغبة حزب الله في حسم الملف الحكومي، بل تعكس أيضا قلقا إيرانيا من أي مستجدات يمكن ألا تكون في صالح حليفها. وكان لافتا تدخل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني على خط الحديث عن الوضع في لبنان، متحدثا عن “تتويج ميليشيا حزب الله التي تحوّلت من حزب مقاومة إلى حكومة مقاومة في لبنان”، وعن فوزه بـ74 مقعدا بالبرلمان من أصل 128، الأمر الذي أثار استياء لبنانيا كبيرا لا فقط بسبب تصريحات سليماني عن حزب الله ولكن أيضا بسبب المغالطة التي تقوم على احتساب فائزين على لائحة «تكتل لبنان القوي» في خانة حزب الله. وتروج طهران لأرقام مرتبطة بنتائج الانتخابات اللبنانية في محاولة لتصويرها أمام الرأي العام الداخلي بأنها انتصار لحزب الله. والحقيقة أن حصة الحزب ارتفعت مقعدا واحدا فبات عدد نوابه 14 نائبا، في حين أتاح قانون الانتخابات الجديد المعتمد على النسبية لمرشحين مقربين للحزب داخل الطوائف غير الشيعية تحقيق انتصار لم يكن يسمح به القانون الأكثري. وترى مراجع سياسية لبنانية أن الهجوم الذي شنه حزب الله، وإيران، على السعودية في خطابه الأخير مرده شعور حزب الله بأن التوازنات الإقليمية لن تتيح للحزب ترجمة ما اعتبره انتصارا له في الانتخابات التشريعية إلى الهيمنة على الحكومة المقبلة، ناهيك عن أن الضغوط الكبرى ضد النفوذ الإيراني في كل المنطقة تجعل الحزب في موقف دفاعي ولا تتيح له فرض أجندته كاملة. ويقرأ المتابعون للشؤون الإيرانية تبدلا في الخطاب الإيراني حيال ما تراه طهران وظيفة ودورا لحزب الله في المنطقة. ويكشف غياب رد الفعل العسكري الإيراني ضد الغارات الإسرائيلية شبه اليومية التي تستهدف مواقع إيرانية أو تابعة لحزب الله في سوريا، عن عجز طهران عن المخاطرة في توسيع ما هو صدام موضعي إلى حرب شاملة قد تنتقل إلى الداخل الإيراني. وتود طهران التعويل على حزب الله كقوة سياسية في لبنان في غياب دور عسكري له، وهي استراتيجية تنسحب على التيارات الموالية لطهران في العراق. ويعترف المحللون بأن المشهد الحليف لحزب الله تمدد داخل البرلمان الحالي، إلا أن حصة الحزب الحقيقية لم تتجاوز مع حركة أمل حدود حصتهما المعهودة داخل الطائفة الشيعية كونهما يمثلان سيطرة الأمر الواقع الذي لا يسمح بالحيوية السياسية المتوفرة لدى الطوائف الأخرى. إيران باتت تعول على دور سياسي لحزب الله في لبنان إيران باتت تعول على دور سياسي لحزب الله في لبنان ويرى مراقبون أن طهران محرجة وباتت تبحث عن أي إنجاز باعتباره انتصارا لمحورها في المنطقة. وأضافوا أن نتائج الانتخابات العراقية والتحولات العسكرية الجارية في اليمن والمداولات الدولية حول سوريا تأتي جميعها على حساب النفوذ الإيراني في المنطقة، وأن طهران، ومن خلال سليماني بالذات، باتت تعول على دور سياسي لحزب الله في لبنان يعوضها عن خسائرها المتراكمة. وتقول مصادر سياسية لبنانية مراقبة إن تصريحات سليماني تذكير بأن حزب الله هو تنظيم تابع طهران وهو جزء من “محور الممانعة والمقاومة”، وبالتالي هو أداة من أدوات النظام الإيراني الخارجية التي تستخدم عسكريا أو سياسيا وفق الظروف. وفيما يجمع الخبراء على أن السعودية لم تستخدم المال لنصرة أصدقائها في لبنان، وفيما يؤكد خصوم تيار المستقبل، بمن فيهم من ينطق بناء على هوى حزب الله، أن التيار خاض الانتخابات من خلال تمويل محلي لبناني وأن المال السعودي كان غائبا تماما عن حملة التيار الانتخابية، فإن إدعاء سليماني بأن الرياض أنفقت 200 مليون دولار في هذه الانتخابات وأن حزب الله فاز على الرغم من ذلك يعد صيدا مزعوما داخل مياه آسنة يعترف مقربون من حزب الله بزيفها. تعكس تصريحا قاسم سليماني وقادة حزب الله أن طهران قلقة من تنامي الدور السعودي داخل لبنان ومن عودة التآلف إلى القوى التي كانت منضوية داخل فريق 14 آذار. وترى طهران الرياض تدلي بدلو نشيط وحيوي داخل بلد يفترض أن حزب الله هو الذي انتصر في انتخاباته. ويجزم المراقبون في بيروت أن عقد تشكيل الحكومة تكمن في مسألة توزيع الحصص الوزارية لدى التيارات السياسية، لا سيما المسيحية والدرزية، وأن حزب الله يسعى من جهته للإدلاء بدلو يسهل ويسرّع مهمة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري. ويوضح المراقبون أن حزب الله يود الانخراط داخل الحكومة الجديدة بصفته حزبا سياسيا لبنانيا يحظى بشرعية برلمانية وحكومية تقيه الضغوط الراهنة وتلك المقبلة ضده من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. ويشي تركيز الحزب على مسألة التنمية ومكافحة الفساد أثناء حملة الانتخابات التشريعية الأخيرة كما مطالبة أمينه العام حسن نصرالله بإعادة العمل بوزارة التخطيط بأن الحزب يتحضر لدور داخلي من جهة وتهيئة الأرضية لانسحاب محتمل له من سوريا. ورغم تأكيد نصرالله في خطابه الأخير أن لا نية للحزب في الانسحاب من سوريا، غير أن المراقبين توقفوا عند اشتراطه للقيام بذلك بأن يطلب النظام السوري ذلك منه، واعتبروه مؤشرا لافتا على بداية تحضير بيئته إلى أن فرضية الانسحاب من الحرب باتت واردة وأنها ورقة من أوراق التفاوض الجارية حاليا في غرف القرار الكبرى حول الشأن السوري. وتقول المعلومات في بيروت إن الحصص التي كشفتها المسودة الأولى التي قدمها الحريري إلى رئيس الجمهورية ميشال عون منحت الثنائية الشيعية 6 وزراء مناصفة، بحيث يرتفع عدد وزراء حزب الله من 2 إلى 3 وزراء. وعلى الرغم من أن المسودة لم تتناول نوعية الحقائب التي سيتولاها الحزب، إلا أن الظاهر أن لا مشكلة في ذلك ولن يكون الأمر عائقا أمام تشكيل الحكومة.
مشاركة :