لا تزال المقاصف المدرسية بوضعها الحالي، تشكل تناقضاً صارخاً بين التنظير والتطبيق، بل أصبحت دليلاً على قصور وعجز نظامنا التربوي والتعليمي بمفهومه الشامل؛ الذي من بديهيات واجباته العناية بصحة العقول والأجساد، واقعاً ملموساً لا تنظيراً «منكوساً»؛ يهتم بصياغة القرارات، والتوقيع على التعميمات، أكثر من اهتمامه بالتطبيقات والمخرجات..! ومع أنّ المقررات الدراسية تزخر بالتنظير حول الأغذية الصحية، وتحث الطلاب على اتباع الأنظمة الغذائية الجيدة، وتلقنهم أسماء مجموعاتها وأنواعها، وتحذرهم من مخاطر الضار منها، إلا أن سماع جرس إعلان نهاية «حصة الكلام» وبداية «فسحة الطعام»، هو الفاصل بين الأحلام والحقيقة، حيث لا يجد الطالب في مقصف مدرسته سوى ما يتعارض مع محتوى كتاب وزارته؛ فمعظم ما يقدم في تلك المقاصف يصنف ضمن الأغذية غير الصحية، التي تشكل خطراً على صحة الإنسان بشكلٍ عام، وعلى أطفال المدارس الصغار بشكلٍ خاص في سنوات نموهم الأولى، وطوال فترة التحاقهم بالتعليم في كل مختلف المراحل، مما يصنع ثقافةً غذائية سلبية، ويزيد من احتمالات تعرضهم لمشكلات صحية آنيةٍ ومستقبلية..! أغرب ما في قضية المقاصف؛ استمرار حالها السيئ على ما هو عليه، بل وتفاقم وضعها البائس رغم طول تجربة التطبيق التي مرت بها، ويبدو أنها أصبحت عبئاً على وزارة التربية والتعليم المثقلة بالمهام والأعباء، حتى أنها لم تستطع تجاوز مرحلة إصدار «لائحة المقاصف المدرسية»، والتعاميم المتعلقة بها التي تضج بعبارات التهديد والوعيد لمن يخالفها، بينما الواقع مخجلٌ جداً ويكاد يوحي بوجود حالة من الصمت وغض الطرف عن بيئة المقاصف الرديئة تنظيماً وإدارةً وتنفيذاً، وكأن الأهم أن تصل نسبة الـ (10%) من المدارس إلى إدارات التعليم، ولتذهب صحة الأطفال الأبرياء إلى الجحيم..! ختاماً، أيها المسؤولون في وزارة التعليم؛ إلى متى والمقاصف المدرسية، بلا أغذيةٍ صحية..؟!
مشاركة :