فجّر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر صدمة في الشارع العراقي ليل الثلاثاء، بإعلانه عن تحالف يضم كتلة «سائرون»، التي يدعمها، وتضم الحزب الشيوعي والمجتمع المدني العراقي من جهة، وكتلة «الفتح» المشكلة من الحشد الشعبي من جهة أخرى، ويرأسها هادي العامري المقرب من إيران، وذلك لتشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان. وفي السياق، أكد عضو ب#x200d;الحزب الشيوعي العراقي، أن هناك «صدمة» في التيار المدني بعد إعلان تحالف «سائرون» و«الفتح»، وأن «الشيوعي» يحاول معرفة ما جرى. وأضاف: «نعرف أن هناك ضغوطاً إيرانية، لكن هذا التحالف كان متسرعاً»، وفقاً لقوله. وكان زعيما القائمتين الانتخابيتين أعلنا بصورة مفاجئة تحالفهما في ائتلاف حكومي لقيادة البلاد خلال السنوات الأربع المقبلة، وخلطا الأوراق السياسية، في مسعى على ما يبدو للقضاء على آمال رئيس الوزراء حيدر العبادي بالاستمرار في الحكم، بعدما حلت قائمته الانتخابية في المرتبة الثالثة. وقال الصدر، في مؤتمر صحافي مشترك مع العامري في مدينة النجف، إنه «تم عقد اجتماع مهم جداً بين «سائرون» و«الفتح»، ونعلن للجميع أنه تحالف حقيقي بين الكتلتين من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة الوطنية، وضمن الأطر الوطنية، والكل مدعوون إلى الفضاء الوطني بعيداً عن المحاصصة الطائفية». من جهته، قال العامري إن «هذه دعوة للجميع إلى الفضاء الوطني (..) وإن شاء الله سنشكل اللجان للبحث مع الجميع ضمن الفضاء الوطني للإسراع في كتابة برنامج الحكم ويتم الاتفاق عليه لاحقاً». كيف تغيّر الموقف؟ وشكل هذا الإعلان مفاجأة صدمت الطبقة السياسية، ذلك أن الصدر ألمح في السابق إلى رفضه التحالف مع العامري. وكان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، زار بغداد غداة صدور نتائج الانتخابات، وحضّ سائر القوى الشيعية، بما فيها ائتلاف الفتح، على عدم التحالف مع الصدر، الذي ما انفكت سياسته تتباين مع سياسة طهران. وقبل أقل من أسبوع وقّع الصدر اتفاقاً لتشكيل تحالف باسم «الوطنية الأبوية» يجمع «سائرون» وقائمة «الوطنية»، التي يتزعمها نائب رئيس الجمهورية اياد علاوي، ويشارك فيها عدد كبير من النواب السنة وقائمة «الحكمة» بزعامة عمار الحكيم. ووصل مجموع مقاعد تحالف «الوطنية الأبوية» إلى نحو مئة نائب، مما يعني أنه ما زال بعيداً عن نصف مجموع مقاعد البرلمان، البالغ 329 مقعدا، للتمكن من تسمية الحكومة. أما التحالف المعلن مع العامري فهو أول خطوة جادة باتجاه تشكيل الحكومة، وقال الصدر والعامري إن الباب مفتوح أمام أي كتل أخرى فائزة للانضمام إليهما. ويأتي إعلان التحالف، الذي حصد 101 مقعد بالبرلمان ويحتاج إلى 64 مقعدا للحصول على الأغلبية وتشكيل الحكومة، بعد ساعات من دعوة رئيس الوزراء حيدر العبادي السياسيين إلى مواصلة التشاور بشأن تشكيل الحكومة، رغم الإعادة الوشيكة لفرز الأصوات يدوياً على مستوى البلاد. وقال العبادي إنه يعارض إعادة الانتخابات، وحذر من أن أي طرف سيسعى الى تخريب العملية السياسية سيُعاقب، وذلك بعدما أثارت مزاعم عن حدوث تزوير حالة من الاحتقان السياسي. وقال العبادي إن المحكمة العليا هي صاحبة القول الفصل بشأن ما إذا كان يتعين إعادة الانتخابات. وفي هذا السياق، أكد رئيس تحالف الفتح، هادي العامري، عدم وجود مشكلة من إعادة العد والفرز اليدوي لنتائج الانتخابات على أن يكون بنسبة %5 أو %10. باب المجهول إلى ذلك، حذر القيادي في تحالف «سائرون»، رائد فهمي، من أن طرح فكرة إلغاء الانتخابات «سيفتح الباب إلى المجهول»، ويلحق الضرر بالعملية السياسية، ويهدد الديموقراطية، مشيراً إلى أن التعامل مع أي شبهات تزوير يكون من خلال الآليات القانونية، وأن «إلغاء الانتخابات هو أمر تختص به المحكمة الاتحادية». وأشار إلى أن «الأطراف الرافضة لقانون الانتخابات هي من وضعته، وهي من اختارت مفوضية الانتخابات وفق محاصصتها، وقامت بعد خسارتها بتعديل القانون، وانتدبت قضاة، ورغم هذا تنادي بإلغاء الانتخابات من دون انتظار لنتائج العد والفرز اليدوي الذي طالبت هي به»، متابعاً أن «هذا هو نوع من التخبط والعشوائية». ردود على التحالف وفي سياق الردود على تحالف العامري والصدر، اعتبر الحزبان الكرديان الرئيسيان (الديموقراطي والاتحاد الوطني) أنه خطوة إيجابية وبداية لخريطة طريق سياسية، وأكدا أنهما سيعلنان عن موقفهما المشترك بأسرع وقت ممكن، وسيشكلان وفدا مشتركا لبدء المباحثات. وقال الحزبان في بيان إنه «من أجل تجاوز الأزمة السياسية، وبهمة المخلصين أعلن عن تحالف سائرون والفتح»، معتبرين انه «تحالف جيد في هذه الظرف السياسي المتأزم». إلى ذلك، رفضت المحكمة الاتحادية العليا العراقية طلباً تقدمت به المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، للطعن على تعديلات أجراها البرلمان على قانون الانتخابات، ألغى بموجبها العد والفرز الإلكتروني واعتمد اليدوي. وقال المتحدث باسم المحكمة، اياس الساموك، إن «المحكمة الاتحادية العليا (أعلى سلطة قضائية) عقدت جلستها أمس، ونظرت خمسة طلبات بإصدار قرار ولائي بوقف تنفيذ أحكام قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات و«قررت بالإجماع رد الطلب». (ا.ف.ب، رويترز، الأناضول)
مشاركة :