القدس ـــ أحمد عبدالفتاح | يلوح في أفق الأراضي الفلسطينية نذر صدام بين السلطة وأجهزتها الأمنية من جهة، والحراك الشعبي الذي نجح أخيراً في لملمة شتات صفوفه، ودخل للمرة الأولى، على خط أزمة الانقسام بين حركتي فتح وحماس، والذي ينضوي تحت لوائه نشطاء من الفصائل الفلسطينية، لا سيما اليسارية منها، ومستقلين، ومنظمات المجتمع المدني من مختلف الفئات الشبابية والطلابية والنسوية وغيرها، توحدت خلف شعار مطالبة السلطة برفع العقوبات، التي فرضتها على قطاع غزة، بعد فشل مساعي المصالحة مع حركة حماس. وفي خطوة لا تخلو من تحدٍّ للسلطة الفلسطينية، نظم الحراك الشعبي خلال اليومين الماضيين تظاهرات مسائية جرت بعد صلاة العشاء، في ساحة المنارة وسط مدينة رام الله، التي تعتبر بمنزلة العاصمة السياسية للسلطة، وضمت المئات بمشاركة بعض قادة الفصائل وأعضاء من المجلسين الوطني والتشريعي، وقادة رأي وصحافيين وأكاديميين وفنانين، حيث رفعت شعارات منددة باستمرار العقوبات على قطاع غزة وبخاصة قطع رواتب الموظفين، وهو ما أثار على ما يبدو مخاوف أجهزة أمن السلطة من اتساع رقعة الاحتجاجات، وامتداها إلى مدن أخرى، وبالتالي فقد صدر فجر أمس بيان، باسم مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس لشؤون المحافظات، حظر فيه التظاهرات والمسيرات. وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ القبس إن اجتماعاً عقد الليلة قبل الماضية، وتواصل حتى فجر أمس في مكتب الرئيس عباس، وضم عدداً من مسشتاريه، إضافة إلى مسؤولي الأجهزة المنية والمحافظين، بحث موضوع التظاهرات الاحتجاجية، وخلص إلى قرار الحظر المذكور. ورداً على ذلك، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بسيل من الدعوات، وتأكيد استمرار الاحتجاجات السلمية، وهو ما ينذر بوقوع صدامات بين الطرفين. لا تحرك مصرياً إلى ذلك، وبخلاف ما أشيع خلال الأيام القليلة الماضية عن قرب استئناف القاهرة مساعيها لتنفيذ اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس، قالت مصادر مواكبة لـ القبس أنه لا يوجد حتى الآن أي إشارة بهذا الاتجاه، مضيفة أن الجانب المصري أبلغ بعض الوسطاء الفلسطينيين، الذي اقترحوا تدخله لوقف تدهور الوضع الفلسطيني أنه سيدرس الظروف ومواقف الطرفين، ومن ثم سيقرر الخطوة التالية، وما إذا كان تدخله سيسفر عن نتائج إيجابية لحملهما على تنفيذ اتفاق المصالحة، الذي وقع بينهما أواسط شهر أكتوبر الماضي أم أنهما ما زالا متمسكين بشروطهما التعجيزية كل على الآخر. ووفق المصادر ذاتها، فإن الوضع الفلسطيني مرشح للمزيد من التدهور، في ظل استقواء حركة حماس، بما أسفرت عنه «مسيرة العودة» من نتائج، التي أعادت أزمة قطاع غزة على جدول أعمال العالم، بما في ذلك أميركا وإسرائيل، بالإضافة إلى أن الحراك الشعبي السالف الذكر يضغط على السلطة في رام الله، ويحملها وحدها مسؤولية العقوبات، ولا يشير إلى مسؤولية حماس في أزمة القطاع. في المقابل، فإن حركة فتح والسلطة قد تلجأ في اجتماع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، المقرر عقده بعد عطلة عيد الفطر، إلى اتخاذ قرار بحل المجلس التشريعي للسلطة، ووضعها تحت مسؤولية المنظمة، وهو ما يعني فعلاً تحول الانقسام إلى انفصال. صفقة القرن وسط هذه الظروف، من المقرر أن يجري غاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والمبعوث الأميركي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، الأسبوع المقبل، جولة بالمنطقة، تشمل إسرائيل ومصر والسعودية ودولاً أخرى. وقالت القناة الإسرائيلية العاشرة: إن كوشنر وغرينبلات سيناقشان، خلال الجولة، ما يعرف بـ«صفقة القرن»، إضافة إلى الوضع الإنساني في قطاع غزة. ونقلت القناة عن مسؤول أميركي، وصفته بأنه رفيع المستوى، قوله: «إنه لا يتوقع أن يجتمع كوشنر وغرينبلات بمسؤولين فلسطينيين خلال زيارتهما للمنطقة، كما لم يحدد بقية الدول التي تشملها الجولة.
مشاركة :