صدر حديثا كتاب "نحو منهجية علمية إسلامية، توطين العلم في ثقافتنا" للدكتورة يمنى طريف الخولي، والذي تدافع فيه عن إمكان التأسيس لمنهجية علمية منطلقة من البيئة الثقافية العربية والإسلامية، وتحاول نسف فكرة قيام العلم على المادية والقطع مع العقائديات. ويتوزع الكتاب الذي يقع في 260 صفحة على 4 فصول تتناول "ما قبل المنهج وما حوله"، "مقدمات راسمة"، و"العلم والمنهج"، و"التأصيل المنهجي، علم أصول الفقه معاصرا"، و"النموذج الإرشادي الإسلامي نحو المستقبل". وتدافع المؤلفة من خلال الفصول الأربعة عن أن العلم لا ينفصل عن إطار حضاري هو الذي ينجبه ويطبقه ويفعله البحث العلمي المنتج المبدع، مؤكدة أنه لا توطين للحركة العلمية، ولا تأصيل لها في ثقافتنا، إلا إذا كان لدينا أصول للمنهجية العلمية كامنة في خصوصيتنا الثقافية، لنطورها في طريقنا لاستيعاب الآليات المنهجية المعاصرة، في إطار نموذج علمي إرشادي إسلامي متجه صوب المستقبل. والمفهوم الأساسي في الكتاب هو "المنهجية" التي ترى الكاتبة أنها السبيل لتوطين الظاهرة العلمية وتأطيرها ومأسستها في أي حضارة. وتقوم المنهجية الإسلامية في عمومها على ثلاثة أبعاد هي: منهجية التعامل مع الأصول (القرآن والسنة)، ومنهجية التعامل مع التراث (التراث الإسلامي والعالمي)، وأخيرا منهجية التعامل مع الواقع. وتشير الخولي إلى أن "بقاء الأمة الإسلامية مرهون بحفظها لهويتها، وتفعيل هذه الهوية في التطبيق وهو ما يدخل فيه الدور، الذي يقوم به الوعي المنهجي ومؤسسة الفكر، والبحث عن طريق منهجية إسلامية معاصرة هي تطوير للثقافة الإسلامية وتمكين للمعرفة العلمية. ذلك أن المنهجية الإسلامية نموذج معرفي شامل عاكس للإطار الحضاري ومتضمن للنموذج العلمي الإرشادي". وترجع المؤلفة إلى البيئة العلمية الأولى في الحضارة العربية والإسلامية، التي حملت لواء البحث العلمي في مرحلة العصور الوسطى، حيث قدم العلماء المسلمون نماذج ناضجة للمنهج العلمي وأساليب البحث العلمي الإجرائية، وهو ما شكل تمهيدا للعلم الحديث وكان مفضيا إليه. وتتوقف في هذا الصدد عند علم أصول الفقه، الذي ترى أنه شكل ميثودولوجيا (منهجية بحثية) إسلامية، ويحتل موقعا استراتيجيا في مشروع توطين منهجية الروح العلمية وتأسيس نموذج إرشادي إسلامي، باعتباره ظل أقرب إلى التأصيل العقلي ووضع قواعد الاستدلال لاستنباط الأحكام.
مشاركة :