على باب الله.. رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير

  • 6/14/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

هناك بشر هنا فى القاهرة بكل حسابات العالم لا يمكن أن يعيشوا ليس هناك دخل ولا عافية ولا أى شىء، لكن الله فى قلوبهم فيعيشون، والأدهى أنهم يضحكون.. لو عايشتهم ربما يصيبك الجنون، فمن أين كل هذا وهم لا يملكون شيئا؟ هم يقولون إنها البركة وأنها جند من جنود الله.«أنا حزين.. لأنى أودع الشهر الكريم شهر الخير والبركات والرحمات.. وحزين لأن هذه آخر حلقة من حلقات «على باب الله» لهذا العام، لكن ما يبدد حزنى هو أننا بفضل الله كنا، أنا وزملائى، صوت الناس طيلة شهره الكريم، وسببا فى أن نفك كربهم.. كُثر هى الحالات التى عرضناها وكُثر هم أهل الخير، إلى الحد الذى يجعلك تفطن إلى سبب بقاء مصر صامدة على مر الزمن، هكذا قال لى ذات يوم صديقى العراقى: «مصر فيها الخير ربانى لا ينضب معينه»، وليس أدل وأعجب من ذلك ما رأيت وعايشت فهناك بشر هنا فى القاهرة بكل حسابات العالم لا يمكن أن يعيشوا ليس هناك دخل ولا عافية ولا أى شىء، لكن الله فى قلوبهم فيعيشون، والأدهى أنهم يضحكون.. لو عايشتهم ربما يصيبك الجنون، فمن أين كل هذا وهم لا يملكون شيئا؟ هم يقولون إنها البركة وإنها جند من جنود الله، لكن أتجعل هذه البركة أسرة من ٩ أفراد دخلها ٣٠٠ جنيه تعيش؟ أتجعل هذه البركة سيدة عمرها ٦٥ سنة تعمل فى مطعم لتصرف على ابنها المعاق؟ أتجعل هذه البركة رجلا معاقا يربى ابنتيه ويزوجهما من مسح الأحذية؟ أتجعل هذه البركة علبة مناديل صغيرة تفتح بيتا فيه ٥ أفراد؟ أى بركة هذه بل أى معجزة من الرب تلك التى تجعل الكثير من المصريين يتنفسون ويعيشون رغم تلال الهموم ونار الغلاء؟ وأى صبر هذا الذى يتحدثون عنه ليل نهار ويقضون يومهم بل عمرهم كله وهم متمسكون به ولديهم أمل أن الغد مختلف وأن فرج الله قريب؟ أى يقين هذا؟ وأى إيمان يملكه العوام منا؟ وأى غنى نفس هذا الذى يعيش داخل الفقراء؟ لا أنكر أن مشاعر كثيرة اختلطت بداخلى طيلة تجاربى بين الناس فى الشارع من سخط وغضب وبكاء وفرح وتهليل وتكبير.. إلا أن يقينا ما قد أصاب فؤادى وأزال غشاوة كانت على بصرى، فجعلنى أدعو لأن يصفح الله عمن ظلمنى وظلم هؤلاء الناس، لما رأيت أن عوض الله أفضل، وأن جزاءه للصابرين أمتع، فلمن يدرك تلك كانت أصدق المقولات «الله عند الفقراء» نعم فى قلوبهم ويسكن أحياءهم.. يطمئن عليهم ليلا.. يرى من يمد يد العون إليهم.. يسمع من يواسيهم.. يشد على أيدى من يربت على أكتافهم.. يفخر بمن يزيل أوجاعهم، وها أنا أخرج من شهره الكريم منفتح الروح والأسارير للحياة عازما على أن أعطى من القليل لدى لأن فى العطاء حياة.. لأن فى العطاء تواصلا.. لأنى رأيت الله فى ابتسامة المحرومين حين العطاء.. رأيت الله فى ضحكة اليتيم.. وفى راحة المريض حين يصله علاج.. وفى لهفة الجائع حينما يجد طعاما.. رأيت الله فى ردة روح الغارم حينما يُسد دينه ويعود لأهله.. فقررت أن أكون دائما حيث يحب أن يرانى الله.. كل عام وكلكم بخير.. كلكم حتى من أساء.

مشاركة :