اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس، قوات الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة ضد متظاهرين فلسطينيين، لم يهددوا حياة الآخرين. في حين أكدت الرئاسة الفلسطينية أن أي أفكار أميركية ستعرض قريباً تستثني ملفي القدس واللاجئين الفلسطينيين «لن تكون مدخلاً لأي عملية سياسية ناجحة». وحذّرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» من أن استخدام القوات الإسرائيلية المتكرر لـ«القوة القاتلة» في قطاع غزة، منذ نهاية مارس الماضي، ضد متظاهرين فلسطينيين لم يهددوا حياة الآخرين «قد يرقى إلى مستوى جرائم حرب». وحثت المنظمة الجمعية العامة للأمم المتحدة على تبني قرار يدعو إلى إيجاد إجراءات لضمان حماية الفلسطينيين في غزة، كما طالبت بأن «تقوم لجنة أممية بالتحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات، وتحديد المسؤولين الإسرائيليين عن إصدار أوامر إطلاق النار غير القانونية». ولفتت إلى أن عمليات القتل «تُبرز ضرورة قيام المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق رسمي حول الوضع في فلسطين». وأكدت مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، سارة ليا ويتسن، أن «استخدام إسرائيل القوة القاتلة، من دون وجود تهديد وشيك للحياة، ألحق خسائر فادحة بأرواح الفلسطينيين وإصابات بالغة بأطرافهم». وانتقدت منع الولايات المتحدة أي محاسبة دولية لإسرائيل باستخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن. ويشارك الفلسطينيون، نهاية كل أسبوع، منذ نهاية مارس الماضي، في مسيرات احتجاجية قرب السياج الفاصل بين غزة وإسرائيل، وشهدت الاحتجاجات مقتل ما لا يقل عن 127 فلسطينياً. وذكرت ويتسن أنه «يبدو أن المسؤولين الإسرائيليين، بمن فيهم القادة العسكريون، أعطوا الضوء الأخضر لاستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين»، وحمّلت رئيس الأركان، الجنرال غادي إيزنكوت، ووزير الحرب أفيغدور ليبرمان، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المسؤولية عن ذلك. من ناحية أخرى، اعتبر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبوردينة، أن «الطريق لتحقيق السلام العادل والدائم يمر عبر الشرعية العربية والدولية، والقرار الوطني الفلسطيني المتمسك بالقدس والثوابت الوطنية، وأية محاولات أو أفكار للالتفاف على هذه الأسس ستولد ميتة». وقال «إذا استمرت الولايات المتحدة الأميركية بالعمل على تغيير قواعد العلاقة مع القيادة الفلسطينية وشعبنا الفلسطيني، فإن مرحلة الجمود والشلل السياسي ستدوم». وأضاف أن «أية جهود أو اتصالات عقيمة، ومع أية جهة كانت، تهدف للمس بالثوابت الوطنية المقدسة، ستؤدي إلى المزيد من زعزعة الاستقرار الهش أصلاً، وعلى مستوى المنطقة بأسرها». وأكد أن «القدس والموافقة الفلسطينية هما عنوان المرحلة الحالية، والطريق الصحيح لتحقيق السلام المنشود المتمثل بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية بمقدساتها». وكانت وسائل إعلام إسرائيلية تحدثت عن وصول مرتقب لوفد أميركي، يترأسه مستشار وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنير، إلى المنطقة، الأسبوع المقبل. ويقاطع الفلسطينيون الإدارة الأميركية منذ قرارها، في السادس من ديسمبر الماضي، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ويطالبون بآلية دولية متعددة الأطراف لرعاية عملية السلام. إلى ذلك، أصدر مكتب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بياناً، أمس، يمنع تنظيم مسيرات احتجاجية مع استمرار الدعوات من نشطاء للتظاهر للمطالبة بدفع رواتب موظفي قطاع غزة. وقال البيان «احتراماً منا لحق المواطنين في التعبير عن أنفسهم، واحتراماً للعمل بالقانون، ونظراً للظروف الحالية خلال فترة الأعياد، وللتسهيل على المواطنين في تسيير أمور حياتهم العادية في هذه الفترة، يُمنع منح تصاريح لتنظيم مسيرات أو لإقامة تجمعات من شأنها تعطيل حركة المواطنين وإرباكها، والتأثير في سير الحياة الطبيعية خلال فترة الأعياد». وأضاف البيان أنه «حال انتهاء هذه الفترة، يعاد العمل وفقاً للقانون والأنظمة المتبعة». ورفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثاني أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، القرار، وقالت إنه «يشكل مساساً بالقانون الأساسي الذي يضمن حرية التعبير عن الرأي، والحق في التجمع السلمي، وبالتالي فإن القرار للشارع». وخرجت في رام الله تظاهرة، يوم الأحد الماضي، شارك فيها المئات، للمطالبة بدفع رواتب الموظفين، وشهدت عراكاً محدوداً بالأيدي بين المشاركين وعناصر من الأجهزة الأمنية بلباس مدني. وشارك العشرات، أول من أمس، في وقفة احتجاجية وسط مدينة رام الله، للمطالبة بدفع رواتب موظفي قطاع غزة. وقالت الحكومة الفلسطينية، أول من أمس، إن خصم 50% من رواتب موظفي قطاع غزة مسألة مؤقتة، في أول رد فعل لها على التظاهرات التي خرجت في رام الله للمطالبة بدفع رواتب موظفي القطاع بالكامل. وأضافت الحكومة في بيان، بعد اجتماعها الأسبوعي في رام الله برئاسة رامي الحمد الله «عدد الموظفين الذين يتقاضون 50% من الراتب يبلغ 15 ألف موظف مدني، و20 ألف موظف عسكري. إجمالي ما يتم إنفاقه في قطاع غزة شهرياً يبلغ 300 مليون شيقل، ودون تحويل أي إيرادات من قطاع غزة للخزينة العامة». واتخذت السلطة الفلسطينية مجموعة من الإجراءات، شملت إحالة آلاف الموظفين في القطاعين المدني والعسكري في غزة إلى التقاعد الإجباري، ولم تدفع سوى 50% من رواتب الموظفين للشهر الثاني على التوالي. واتخذت السلطة هذه الإجراءات بعد تعثر إتمام المصالحة التي رعتها مصر العام الماضي بين حركتي «فتح» و«حماس» التي تسيطر على قطاع غزة منذ أكثر من 10 سنوات.
مشاركة :