قمة التعايش في البحرين حين تشارك جميع أطياف المجتمع وتلاوينه في المناسبات الدينية لأحد المكونات المجتمعية، مظهرة له كل الحب والتقدير، منسجمة معه في مشاعره وأحاسيسه دون تنازل عن مبادئ أو اختلال في قيم، ولعل أبرز المناسبات التي يعيشها هذا المجتمع وبشكل سنوي هي شهر رمضان الذي تتمثل فيه القيم الانسانية حين يعطف الغني على الفقير، ويحترم القوي الضعيف، ويشارك الجار جاره في مناسباته واحتفالاته. إن شهر رمضان له مكانة كبيرة لدى المسلمين وغير المسلمين، فقد فرض صيام هذا الشهر على الأمم السابقة كما فرض على المسلمين، فقد جاء في محكم التنزل: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) «البقرة: 183»، فهذا الشهر لم يقتصر على المسلمين بل يشارك فيه اتباع الاديان والثقافات فتنالهم بركات شهر الله، من هنا جاءت مبادرة جمعية (هذه هي البحرين) لتفعيل قيمة التعايش، وذلك بمباركة ورعاية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لإقامة غبقة رمضانية لاتباع الديانات والثقافات في العشر الأواخر المباركة تحت شعار (غبقة المحبة). إن الغبقة الرمضانية قد تم تنظيمها في كنيسة القلب المقدس الكاثوليكية بالعاصمة (المنامة) بحضور وزير العمل والتنمية الاجتماعية جميل حميدان وكذلك سمو الشيخ فيصل بن راشد بن عيسى آل خليفة، وحضرها جمع كبير من المسلمين والمسيحيين واليهود والبهائيين والبهرة والبوذي والهندوس والسيخ وغيرهم من اتباع الثقافات، وبعض ممثلي المجتمع المدني، بل وشاهد هذه الصورة التعايشية بالمجتمع البحرين السلك الدبلوماسي من سفراء الدول الأجنبية مثل الولايات المتحدة وروسيا وبريطانية وفرنسا وإندونيسيا والفلبين وغيرهم. لقد جاءت تلك الغبقة للتأكيد على الصورة التعايشية التي يشهدها هذا المجتمع في العهد الاصلاحي لجلالة الملك المفدى، فقد امتلأت قاعة كنيسة القلب المقدس بالحضور والمشاركة الفعالة في هذا الشهر الكريم، وتم تبادل الأفكار والحوارات المباشرة، فالجميع يعمل من أجل الوطن الذي احتضن أتباع الديانات والثقافات، وأفسح المجال للجميع لممارسة شعائره الدينية بكل حرية رغم ما تشهده المنطقة من أفكار متطرفة ومتشددة دفعت لظهور الجماعات الارهابية والعنفية. هذه الفعاليات التعايشية تسير وفق رؤية جلالة الملك لمجتمع متحضر والتي ذكرها جلالته حين استقبال مجلس أمناء الملك حمد العالمي للتعايش السلمي في هذا الشهر الكريم، فقد وجههم لتعزيز هذه القيمة الانسانية الراقية التي تدعم الأمن والاستقرار، لذا جاءت (غبقة المحبة) للتأكيد على هذه القيمة الانسانية. إن الإنجازات التي تحققها (هذه هي البحرين) أصبحت مشهودة للجميع، فأبناء المجتمع الواحد يتقاسمون فرحتهم في مثل تلك المناسبات، ويتشاركون في معيشتهم، وأصبح لهُم لقاء سنوي في أفضل الشهور (شهر رمضان) وفي وطن يمتع فيه الجميع بحريته الدينية، حقاً أصبحت البحرين انموذج للتعايش السلمي، وهي حالة حاضرة بكل هدوء ودون افتعال، فهناك الكثير من الدول تسعى لاستزراع هذه القيمة (التعايش) في ارضها بعد أن عانت من سموم وادواء الاحادية والأنا والاستفراد. لقد أكد السيد جميل حميدان وزير العمل والتنمية الاجتماعية في كلمته على أن البحرين هي وطن الجميع، وأن هذا التجمع (يعكس الوجه الحضاري المشرق والمشرف لبلدنا العزيز، ويتسم بقيم تسامح وتكاتف ثقافي واجتماعي..، وأن هذا النوع من الفعاليات يأتي ترجمة لمسيرة الإصلاح الشامل والإنجازات المتعددة في العهد الزاهر لجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه). إن المتأمل في فعاليات هذا العام (شهر رمضان المبارك) يجد أن الجميع قد تمتع بالأجواء الرمضانية، فالجوامع والمساجد استقبلت القرّاء خاصة في العشر الأخير من الشهر، والمجالس الأهلية فتحت ابوابها للزوار للتأكيد على اللحمة الاجتماعية، وجاءت الكنائس والمعابد لتشارك المسلمين فرحتهم بهذه المناسبة الجميلة، حفظ الله البحرين بمليكها المفدى وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد وشعب البحرين بكل اطيافه وألوانه، انه سميع مجيب الدعاء.
مشاركة :