قالت ميا سوارت، الزميلة الزائرة في مركز بروكنجز الدوحة ومديرة البحوث في برنامج الديمقراطية والحكم التابع لمجلس أبحاث العلوم الإنسانية في جنوب إفريقيا: إن قطر أظهرت مهارة هائلة في التغلب على الحصار المفروض عليها من قِبل جيرانها الخليجيين. مشيرة إلى أن قطر دولة غنية ومؤهلة جيداً لكي تنجو من الحصار وتنقذ نفسها من أسوأ عواقب الأزمة، بل وتصبح أكثر قوة.في مقال بصحيفة «هافينجتون بوست»، تضرب الكاتبة مثلاً على نجاح قطر في مجابهة الحصار وتقول: «إن السير في قسم الخضراوات والفواكه في أحد محلات السوبرماركت في الدوحة يشبه السير في «الأمم المتحدة للخضار»؛ فالبرتقال من جنوب إفريقيا، والكيوي من أستراليا، والتفاح من إيطاليا. ولم يكن توافر هذه الأصناف المتنوعة والملونة متوقعاً قبل عام حين فرضت الإمارات والسعودية ومصر والبحرين حصاراً على دولة قطر. وأضافت سوارت: «من خلال رفض إغلاق شبكة الجزيرة، تؤكد قطر سيادتها، وتواصل أيضاً تعزيز حرية التعبير في منطقة يتم فيها تحييد وسائل الإعلام بشكل أساسي من قِبل الدولة وإسكات الناقدة بشكل روتيني. ويمكن القول بأن مطالبة دول الحصار بإغلاق الجزيرة عزّز سمعتها باعتبارها صحافة لا تعرف الخوف». وتابعت بالقول: «عند سماع الحصار للمرة الأولى، سارع الناس إلى المتاجر الكبرى في خوف من نفاد الإمدادات في قطر، لكن بعد مرور عام يزدهر القطريون.. كيف حدث هذا؟». وقالت الكاتبة إن اختيار الفاكهة والخضراوات ليس سوى مثال واحد على الحيلة الهائلة التي أظهرتها قطر في التغلب على أزمة محتملة، قطر هي أغنى بلد في العالم من حيث نصيب الفرد، وتستمد معظم هذه الثروة من بيع الغاز الطبيعي المسال؛ لكن حتى وقت قريب جداً كانت قطر تعتمد بالكامل تقريباً على جيرانها وشركائها التجاريين في توريد السلع الأساسية، وعندما اندلعت أخبار الحصار أدركت قطر أنها بحاجة إلى أصدقاء جدد. وبوصفها دولة غنية على نحو مدهش، فإن قطر مؤهلة جيداً لكي تنجو من الحصار وتنقذ نفسها من أسوأ عواقب الأزمة، بل وربما تصبح أكثر قوة. وأشارت إلى أن قطر بدأت خطتها للاكتفاء الذاتي الاقتصادي عن طريق ضخ 38 مليار دولار في الاقتصاد، كما أصبحت البلاد نشطة في الحصول على شركاء تجاريين جدد، وعززت روابطها القائمة مع تركيا وإيران، وحققت تقدماً مبتكراً في قطاعها الزراعي، وتسعى إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في إنتاج الغذاء، معتمدة على التكنولوجيا والخبرة الأكثر تطوراً في جميع أنحاء العالم. ولفتت إلى أن أحد أعمق تأثيرات الحصار كان على حرية الحركة؛ فقد تم فصل العائلات القطرية عن أفرادها الذين يعيشون في أماكن أخرى في الخليج، وتراجعت السياحة، وعانت الخطوط الجوية القطرية من خسائر كبيرة؛ لكن في الوقت الحالي «قطر مستعدة للطيران بمفردها». وقالت الكاتبة: إن الحصار وصل إلى طريق مسدود مع عدم استعداد قطر ولا بلدان الحصار للاستسلام، ولا أحد يتوقع نتائج ملموسة قريباً، ومع استمرار الحصار، فإن دول الحصار القوية ستخسر أكثر من غيرها. وأشارت إلى أنه خلال الأسابيع الماضية، ذكر المعلقون أن الدرس المستفاد من الحصار المفروض على قطر هو أن عمليات الحصار في الشرق الأوسط لا تنجح ببساطة. واختتمت الكاتبة مقالها بالقول: إن الحصار المفروض على قطر يؤكد العبارة الشائعة «عندما تعطيك الحياة ليموناً، اصنع عصير ليمون»، وهي تُستخدم للتشجيع على التفاؤل، وعند تبنّي مواقف إيجابية في مواجهة الشدائد.;
مشاركة :