في مقال تحليلي، شككت صحيفة "واشنطن بوست" في حسم فوز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات المرتقبة، مشيرةً إلى أنه في وقت يعتبر فيه الخارج أن مسألة فوز أردوغان بفترة رئاسة جديدة لا تقبل التأويل، لا سيما أنه اعتلى مقعد الرئاسة لسنوات طويلة، ويعرف جيدًا كيفية الحفاظ عليه من خلال مؤسساته؛ إلا أن أردوغان نفسه يؤمن بأن التعويل على قبضته الحديدية لن يمنحه المقعد على طبق من ذهب. وبنت الصحيفة الأمريكية تقديراتها على إصرار أردوغان على إعلان إجراء الانتخابات قبل موعدها بـ18 شهرًا، حتى يحصل على فرصة مناسبة تمكنه من إقناع الناخبين بصلاحية بقائه على المقعد؛ فالإحصائيات واستطلاعات الرأي تؤكد أنه فقد أسهمًا في قاعدة مؤيديه، خاصةً بين ناخبي مدينته إسطنبول، بالإضافة إلى خسارة مؤيدين آخرين ينتمون إلى الطبقة المتوسطة وشريحة الشباب، وهو الأمر الذي اضطره خلال الآونة الأخيرة إلى إبرام تحالف مع كيانات حزبية صغيرة في محاولة للحصول على النصاب المطلوب من مقاعد البرلمان؛ لضمان الاحتفاظ بمنصب الرئيس، أو بعبارة أخرى نسبة الـ51%. ويشير مقال الصحيفة الأمريكية إلى أن أردوغان نفسه يعلم جيدًا أن الظروف الاقتصادية التي آلت إليها بلاده جعلت مهمته في غاية الصعوبة، وأن تركيا ليست روسيا، وأنه إذا كان يسيطر بمنطق القوة والقمع على الهيئات والمؤسسات القضائية والإعلامية والصحفية، فلن يتمكن من اقتياد الناخبين إلى صناديق الاقتراع والتصويت لصالحه. وصحيح أن الأجهزة الأمنية تسيطر على لجان الاقتراع -بحسب "واشنطن بوست"- وتمتلك بمفردها نقل الصناديق الانتخابية من مكان إلى آخر؛ ما يلقي باحتمالية تزوير الانتخابات قبل إجرائها، لكن أردوغان يسعى إلى تفويت هذه الحالة عبر المؤتمرات الانتخابية، التي يعقدها بشكل شبه يومي في مختلف المدن التركية لدغدغة مشاعر الناخبين، وإقناعهم بأنه لا يزال الأفضل. وخلص المقال الذي كتبه المحلل السياسي "أصلي آيدنتاسباس" إلى أن الحكومة التركية تحتكر تقريبًا الشبكات التلفزيونية، وتلاحق عناصر وقيادات المعارضة خصوم أردوغان، وهو ما يجبر المعارض والمرشح الرئاسي الكردي العنيد صلاح الدين ديمرتس على إدارة حملته الانتخابية من خلال رسائل ينقلها عنه محاموه، إلا أنه رغم العراقيل التي يضعها أردوغان في طريق المعارضة، فواقع الحال في البلاد يشي بواقع يونيو 2015، حينما خسر حزب العدالة والتنمية (حزب أردوغان) أغلبيته البرلمانية في الانتخابات العامة. وفي نهاية المقال، قال الكاتب "أصلي آيدنتاسباس": "يبدو بوضوح مدى انكسار سحر أردوغان في التأثير على جمهور الناخبين كالسابق، وهو ما يؤكد أن نتائج الانتخابات المرتقبة في 24 يونيو لا ترتبط بما سيفعله أردوغان، بل بقدرته على إقناع المعارضة إزاء تردي الأوضاع الاقتصادية للدولة التركية".
مشاركة :