رام الله - قررت السلطة الفلسطينية الأربعاء، منع تنظيم مسيرات احتجاجية، وسط دعوات نشطاء للتظاهر مجددا للمطالبة بدفع رواتب موظفي قطاع غزة. وقال بيان أصدره مكتب الرئيس محمود عباس وبثته وكالة الأنباء الرسمية (وفا)، “احتراما منا لحق المواطنين في التعبير عن أنفسهم، واحتراما للعمل بالقانون، ونظرا للظروف الحالية خلال فترة الأعياد، وللتسهيل على المواطنين في تسيير أمور حياتهم العادية في هذه الفترة، يُمنع منح تصاريح لتنظيم مسيرات أو لإقامة تجمعات من شأنها تعطيل حركة المواطنين وإرباكها، والتأثير على سير الحياة الطبيعية خلال فترة الأعياد”. وأضاف البيان أنه “حال انتهاء هذه الفترة، يعاد العمل وفقا للقانون والأنظمة المتبعة”. ورفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثاني أكبر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، القرار وقالت إنه “يشكل مساسا بالقانون الأساسي الذي يضمن حرية التعبير عن الرأي والحق في التجمع السلمي وبالتالي فإن القرار للشارع”. وتشهد مناطق في الضفة الغربية في الأيام الأخيرة تحركات احتجاجية تطالب بوقف الحصار عن غزة ودفع رواتب الموظفين في القطاع بعد أن كانت السلطة الفلسطينية قد أقرت جملة من الإجراءات شملت إحالة الآلاف من الموظفين في القطاعين المدني والعسكري في قطاع غزة إلى التقاعد الإجباري فضلا عن خفض رواتب الموظفين إلى النصف للشهر الثاني على التوالي. وجاءت تلك الإجراءات العقابية على خلفية تعثر مسار المصالحة بين حركتي فتح وحماس برعاية مصرية. وشكلت المسيرات الاحتجاجية إحراجا كبيرا للسلطة الفلسطينية، التي باتت تخشى من توسع رقعتها في الضفة الغربية في ظل دعوات النشطاء لاستمرارها، وهو ما دفعها حسب مراقبين إلى قرار وقف الاحتجاجات. وطالب تجمع يضم منظمات المجتمع المدني ومجلس حقوق الإنسان في بيان مشترك في وقت لاحق بإلغاء القرار الصادر بمنع الاحتجاجات، داعيا حكومة الوفاق الوطني إلى “توفير الحماية للمشاركين وضمان ممارسة حقهم في حرية التعبير عن آرائهم والتجمع سلميا”. وقال البيان إن القرار “غير قانوني وغير دستوري ويشكل انتهاكا لحق المواطنين في التجمع السليم والتعبير عن آرائهم ويأتي ضمن نهج تكميم الأفواه”. وشارك الثلاثاء العشرات في وقفة احتجاجية وسط مدينة رام الله للمطالبة بدفع رواتب موظفي القطاع، وقبلها بيومين نظم نشطاء مسيرة كبيرة انخرط فيها المئات رافعين شعارات “مطالبنا واضحة.. عقوباتكم فاضحة.. أرفعوا العقوبات”. وشهدت تلك المسيرة عراكا محدودا بالأيدي بين المشاركين وعناصر من الأجهزة الأمنية بلباس مدني. وقالت الحكومة الفلسطينية الثلاثاء، إن خصم 50 بالمئة من رواتب موظفي قطاع غزة مسألة مؤقتة، وذلك في أول رد فعل لها على المظاهرات التي خرجت في رام الله للمطالبة بدفع رواتب موظفي القطاع بالكامل. الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت الأربعاء لصالح مشروع قرار يدين إسرائيل في موجة العنف الأخيرة في قطاع غزة وأوضحت خلال اجتماعها الأسبوعي في رام الله، أن “الخصومات التي يسميها البعض عقوبات مفروضة على قطاع غزة، هي خصومات مؤقتة”، مستهجنة ما أسمته “محاولات التضليل والافتراءات المزعومة لصرف الأنظار عن المسؤولية الحقيقية لمعاناة سكان قطاع غزة؛ بهدف إرباك الرأي العام واختزال كافة مشاكل القطاع بموضوع الرواتب”. وأضافت أن “عدد الموظفين الذين يتقاضون 50 بالمئة من الراتب، يبلغ 15 ألف موظف مدني، و20 ألف موظف عسكري، وأن إجمالي ما يتم إنفاقه في قطاع غزة شهريا يبلغ 300 مليون شيكل، ودون تحويل أي إيرادات من القطاع للخزينة العامة”. وأوضحت أن “حركة حماس فرضت الضرائب والرسوم تحت مسميات مختلفة لصالح خزينتها، وتاجرت بالوقود ومواد إعادة الإعمار، واستولت على الأراضي الحكومية ووزعتها على موظفيها، وسيطرت على شركة توزيع الكهرباء وسلطة الطاقة والموارد الطبيعية في القطاع، واستخدمت الكهرباء لأغراضها الخاصة، وأخذت عائدات الكهرباء لصالحها، وتحكمت في المعابر، وفي حركة البضائع والمواطنين”. ودعت الحكومة في نهاية جلستها “الشعب الفلسطيني إلى الوقوف صفا واحدا في مواجهة إصرار حركة حماس على وضع العراقيل والعقبات بهدف عدم تمكين الحكومة من أداء مهامها، والقيام بمسؤولياتها كاملة بشكل فعلي شامل في قطاع غزة”. ورفضت كل من حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، تصريحات الحكومة الفلسطينية مطالبة إياها بالاستقالة. وهناك مخاوف من أن يفضي انتقال الأزمة بين حماس والسلطة الفلسطينية للشارع إلى انفجار الوضع خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها القضية الفلسطينية. وتتزامن عملية ليّ الذراع بين السلطة وحماس التي باتت مؤلمة كثيرا بالنسبة لسكان غزة، مع معركة أخرى في الأمم المتحدة حول القطاع، انتهت لصالح الأخير. وصوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة الأربعاء، على مشروع قرار طرحته الدول العربية يدين إسرائيل في موجة العنف في قطاع غزة مؤخرا، فيما اعترضت عليه الولايات المتحدة بشدة واقترحت بالمقابل إدانة حماس. وطرحت الدول العربية النص على الجمعية العامة للأمم المتحدة بعدما استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) ضده في مجلس الأمن. ويدعو النص إلى اتخاذ تدابير لحماية المدنيين الفلسطينيين، وذلك بعد مقتل 129 فلسطينيا على الأقل في قطاع غزة بنيران إسرائيلية منذ أن بدأت في 30 مارس تظاهرات على طول السياج الحدودي. ولم تسفر المواجهات عن مقتل أي إسرائيلي. كما يدين النص الاستخدام “المسرف وغير المتناسب والعشوائي للقوة من قبل القوات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين” وينتقد كذلك في المقابل “إطلاق صواريخ من قطاع غزة على مناطق مدنية إسرائيلية”. ولم يتضح حتى الآن شكل الحماية الدولية التي يُطالب بها الفلسطينيون، وما إذا كان الأمر يتعلّق بمراقبين أو بقوّة لحفظ السلام.
مشاركة :