عكس الاحتفاء الكبير الذي حظي به سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز في روسيا؛ لحضور افتتاح الدورة الـ21 من مونديال كأس العالم لكرة القدم، والمباراة الافتتاحية التي جمعت المنتخبين السعودي ونظيره الروسي، حرص القيادة الروسية على تقوية علاقاتها مع المملكة العربية السعودية على جميع المستويات، بما يفيد الشعبين والمنطقة والعالم. وتجمع صداقة بين سمو ولي العهد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي حرص على تقديم الدعوة لسموه لحضور حفل افتتاح المونديال العالمي، وحضور المباراة الافتتاحية، فضلاً عن الاجتماع معًا لمناقشة الكثير من الموضوعات ذات الشأن المشترك بين البلدين. وقال الديوان الملكي في بيان، نشرته وكالة الأنباء السعودية: استجابة للدعوة المقدمة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لزيارة جمهورية روسيا الاتحادية، ولقاء فخامته، وحضور حفل افتتاح بطولة كأس العالم الحادية والعشرين، ومباراة المنتخب السعودي ونظيره الروسي، ولصدور توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بذلك، غادر سموه اليوم إلى جمهورية روسيا الاتحادية. ورغم حضور عدد وافر من زعماء وشخصيات سياسية عالمية كبرى في حفل افتتاح المونديال إلا أن الاهتمام الكبير من المسؤولين الروس بسمو ولي العهد تحديدًا منذ وصل إلى أرض المطار يؤكد المكانة الرفيعة للأمير محمد بن سلمان؛ باعتباره إحدى الشخصيات المؤثرة في القرار الدولي، وأحد صنَّاع القرارات المصيرية. وأظهرت شاشات التلفزيون، التي كانت تنقل أحداث مباراة المنتخبين السعودي والروسي، والتي تبث إلى الملايين عبر العالم، حرص الرئيس الروسي على الاحتفاء بسمو ولي العهد. وبث التلفزيون لقطات عدة، ظهر فيها الرئيس الروسي وهو يمد يده للسلام على سمو ولي العهد في المقصورة الرئيسية للاستاد، ولقطات أخرى لبوتين وهو يتحدث فيها باهتمام مع ولي العهد. وحرص التلفزيون على تكرار هذه اللقطات بصفة مستمرة على مدار شوطَي المباراة؛ وهو ما يؤكد عمق العلاقات بين البلدين من جانب، وحجم الترحاب والتقدير من الجانب الروسي لشخص الأمير محمد بن سلمان. وتدرك روسيا حجم الحب والإبهار الذي يحظى به سمو ولي العهد على مستوى الشأن المحلي والإقليمي والدولي، خاصة بعد أن قاد، بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، عمليات الإصلاح والتغيير الشامل في السعودية، إضافة إلىجهوده في إنعاش الاقتصاد السعودي، وإعادة صياغته من جديد على أسس قوية وثابتة، لا ترتكن إلى دخل النفط، فضلاً عن رؤية 2030 التي أعلنها سموه قبل أكثر من عام، وكان لها مفعول السحر في نهضة السعودية اقتصاديًّا واجتماعيًّا وسياسيًّا. وكان لسمو ولي العهد تأثيره المباشر والمهم في إقناع روسيا قبل نحو عامين، وهي ليست عضوًا في منظمة أوبك، بضرورة تخفيض الإنتاج العالمي من النفط؛ حتى ترتفع أسعاره مجددًا في الأسواق العالمية. وتواصل هذا التأثير في توثيق العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين، وتوقيع عقود ذات بنود خاصة لاستيراد الأسلحة الروسية، ومعها التقنية اللازمة لتوطين هذه الصناعات داخل السعودية. ومثل هذه العقود لم تكن لتتم بهذه البنود والآلية لولا قدرة سمو ولي العهد على إقناع الجانب الروسي بها. وتستثمر السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده، علاقتها بالجانب الروسي لدعم الاستقرار في منطقة الخليج العربي. ولعل الزيارة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان لروسيا، عندما كان وليًّا لولي العهد، قد اكتسبت أهمية بالغة من حيثالتوقيت والمضمون والنتائج، سواء بالنسبة إلى السعودية أو دول مجلس التعاون. وعلى صعيد التوقيت فقد جاءت الزيارة قبيل انتهاء المهلة المحددة لتوقيع الاتفاق النووي النهائي بين إيران ومجموعة دول الـ5+1. وبافتراض سلمية البرامج النووية الإيرانية فإن السعودية ومعها دول مجلس التعاون رأت أنه يتعين عليها أن يكون لديها البرامج ذاتها للأغراض السلمية، التي تعد روسيا إحدى وجهاتها الرئيسية في هذا الشأن. من ناحية ثانية، جاءت تلك الزيارة في وقت تحتدم فيه الأزمات الإقليمية، وتتشابك بشكل كبير في ظل ما تتسم به الرؤى الغربية لحل تلك الأزمات بالبطء وعدم الوضوح. وكانت الرؤية الاستراتيجية السعودية تقتضي تنويع خياراتها الدولية من أجل تحقيق التوازن الإقليمي. وضمن هذا السياق يعتبر استنهاض الدور الروسي تجاه أزمات الأمن الإقليمي مهمًّا بالنظر إلى تأثير روسيا على بعض أطرافالنزاع في دول الجوار، فضلاً عن الرؤية الروسية لأمن منطقة الخليج، التي تنهض على خمسة أسس، هي: أن يتركز ذلك الأمنعلى أحكام ومواثيق القانون الدولي، وأن يراعي مصالح الأطراف الإقليمية والدولية كافة، وحل النزاعات بالوسائل السلمية وعلى مراحل، وضرورة أن يرتبط تحقيق الأمن في الخليج بالأمن في منطقة الشرق الأوسط عمومًا، وأخيرًا أنه من أسس بناء ذلك الأمنإخلاء منطقة الخليج العربي من أسلحة الدمار الشامل.
مشاركة :