كل الوطن- متابعات- غزة- الأناضول :يستقبل الفلسطينيون في قطاع غزة عيد الفطر، يوم غد الجمعة، في ظل ارتفاع نسب الفقر وتدهور غير مسبوق للأوضاع الاقتصادية والمعيشية. وتسود حالة من الإحباط العام الشارع الفلسطيني بالقطاع جرّاء انعدام القدرة الشرائية للمواطنين وعدم مقدرتهم على توفير مستلزمات العيد. ورغم عرض التجّار لكميات معقولة من البضائع داخل المحال التجارية بـ”أسعار العروض والتخفيضات”، إلا أن الزبائن لا يشترون إلا القليل منها. كما يمرّ غالبية المواطنين عن المحال التجارية دون شراء أي شيء لعدم توفر السيولة المالية لديهم. واتفق عدد من المواطنين، استطلعت وكالة “الأناضول” آرائهم، أن عيد الفطر سيخلو من الطقوس التي اعتاد الغزّيون على ممارستها كل عام. ** الأسواق بلا زبائن وفي سوق “الساحة”، أشهر أسواق مدينة غزة، تمسك العشرينية “سها أحمد” بيد طفلتها، وتمرّ عن محل يعرض مجموعة من الألعاب لتطلب الطفلة واحدة لنفسها، لكن والدتها أجابت طلبها بالرفض. لم تتقبل الطفلة رفض والدتها وبدأت بالبكاء الشديد لأنها كما قالت لوالدتها “أحبّت تلك الدُّمية”. وتقول “سها”: “خرجت اليوم إلى السوق لأشتري لطفلتي ثوباً جديداً للعيد، والمبلغ الذي أملكه يقدّر بـ50 شيكل (نحو 15 دولار) قدمته لي والدتي، ولا يوجد فائض لشراء الألعاب”. وأضافت: “زوجي موظف حكومي يتبع للسلطة الفلسطينية في رام الله، استلم جزءا من راتبه قبل نحو أسبوع وسدد به الديون التي تراكمت علينا طوال الشهر الماضي”. وتشعر الشابة الفلسطينية بالألم لأنها غير قادرة على تلبية احتياجات طفلتها للعيد؛ كما كانت تفعل ذلك كل عام وبالحد الأدنى. أما بائع الألعاب إبراهيم حبوش (28 عاما)، فقد شكا من قلة ارتياد الزبائن لمحلّه في موسم العيد الذي كان ينتظره طوال السنة. ويوضح أنه كان يبيع كميات كبيرة من الألعاب خلال الأعوام السابقة، لكنّه هذا العام لم يبع حتّى اللحظة سوى ما نسبته 20 % من البضائع التي يعرضها. ويذكر حبوش أن الزبائن الذين يرتادون محلّه يريدون شراء الألعاب لأطفالهم بأسعار أقل من تكلفة شرائها؛ ما يتسبب له بخسائر كبيرة في حال فعل ذلك. ويرجع ذلك إلى حالة الفقر التي تسود الشريحة الأكبر من سكان قطاع غزة. وأمام بسطة صغيرة يعرض عليها مجموعة من الملابس، ينادي الشاب سعيد الطباطيبي (26 عاماً) بصوت مرتفع على المارّة بأنه قرر بيع بضاعته بأسعار متدنية “تخفيضات”. وعلى الرغم من ذلك لم يدفع الفضول أي من المارة لمشاهدة بضاعته، ويرجع الطباطيبي ذلك إلى سوء أوضاعهم الاقتصادية في ظل انعدام مصادر الدخل لديهم. ويقول إن “وضع السوق قبل أيام من العيد، صفر، والإقبال من الزبائن ضعيف جداً”. ويضيف:” الناس تأتي إلى الأسواق لكنها لا تشتري شيء من البضائع، فقط تتفرج وتغادر دون شراء أي شيء”. وكبقية التجّار، يشكو الطباطيبي من توقف حركة السوق، مطالباً الحكومة الفلسطينية والفصائل بالتدخل من أجل انقاذ الوضع الاقتصادي من الموت المحقق. الشاب رامي أبو خاطر، وجد من بيع “الجرجير” مهنة له في ظل انعدام فرص العمل في قطاع غزة. ويقضي أبو خاطر ساعات النهار متجولاً على قدميه بين المارة في الأسواق سائلاً إياهم شراء “الجرجير”. لكنه ولسوء حظّه، لم يبع منذ ساعات النهار إلا بمبلغ يقدّر بـ(3 دولارات). ويشعر أبو خاطر بالكثير من الأسى لأنه لن يستطيع شراء ملابس العيد لأطفاله هذا العام. ويقول إنه في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرّ بها قطاع غزة، بالكاد يستطيع توفير لقمة العيش لعائلته. ويشير إلى أن خصم السلطة الفلسطينية من رواتب موظفيها في قطاع غزة أثّر بشكل كبير على الوضع العام للأسواق وتسبب بانهيار مستويات المعيشة. وفي 19 مارس/ آذار الماضي، هدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، باتخاذ “مجموعة من الإجراءات المالية والقانونية العقابية” (لم يعلن عن طبيعتها) ضد قطاع غزة. وتبع هذا التهديد تأخر صرف رواتب موظفي السلطة في غزة عن مارس/ آذار الماضي، لنحو شهر، قبل أن يتم صرفها، بداية مايو/أيار، بعد اقتطاع ما نسبته 50% منها. ويرصد فايق المصري، سائق مركبة عمومية، حركة السوق خلال فترة عمله قائلاً:” الناس تتراود على الأسواق لكنّها لا تشتري ولا تملك نقوداً لتشتري”. وتأثرت مهنة المصير أيضا بتدهور الأوضاع الاقتصادية للمواطنين حيث بات الكثير منهم يفضل المشي بدلاً من الصعود لمركبة عمومية. وفي منتصف السوق، يقف بائع الحلويات أحمد قاسم، أمام عربته التي زينها بأنواع مختلفة من حلوى وسكاكر العيد لتلفت انتباه المارّة ليشتروا منه، لكن دون جدوى. ويقول قاسم:” البضائع كثيرة منها ما هو جديد ومنها فائض من ضاعة العام الماضي بأسعار أقل، لكن لا يوجد حركة شرائية جيدة”. **كعك العيد وعلى غير العادة ستتوقف العشرات من العائلات الفلسطينية عن خبز كعك العيد لهذا العام بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية. وتقول الفلسطينية رانية، التي تكنّى بأم أحمد، إن “زوجي بائع على عربة صغيرة، وبسبب ضعف الحركة الشرائية وانخفاض دخله، لن نتمكن من شراء مستلزمات تجهيز كعك العيد لهذا العام”. وتوضح أن تدهور الوضع الاقتصادي بغزة أثّر على جميع العائلات الفلسطينية. وتسبب ذلك التدهور بتغيير طقوس استقبال عيد الفطر لدى العشرات منهم. كما أن أم أحمد، لن تشتري هذا العيد حلويات ذات الجودة العالية كما كانت تفعل كل عام، وستكتفي بما يتوفر لديها أو بما يُباع بأدنى الأسعار. وتوافقها بالرأي المسنة سعيدة عفانة حيث ستمتنع عن إعداد كعك العيد بأشكاله المتنوعة كما كل عام. وستكتفي بإعداد كمية قليلة جداً من الكعك المحشو بالعجوة زهيدة الثمن، من أجل زرع الفرحة في قلوب الأطفال الذين سيزورونها للتهنئة. وكانت سهير زقوت، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر بغزة، قد دوّنت على صفحتها في موقع “فيس بوك”، قائلة:” في وقت جاء العيد أثناء حرب عام 2014 الناس عملت كعك في أماكن النزوح في المدارس، لكن في هذا العام الناس ليس لديها نقود من أجل إعداد الكعك”. وتقول زقوت إن الكعك في قطاع غزة لهذا العام فقط “في صور تلتقط وتُنشر عبر موقع التواصل الاجتماعي”. وخلال حديثه لوكالة “الأناضول”، يقول ماهر الطباع، مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة:” غزة تستقبل عيد الفطر في أصعب أوضاع اقتصادية و معيشية يمر بها القطاع”. ويوضح الطباع أن نسبة البطالة في قطاع غزة، ارتفعت خلال الربع الأول من عام 2018 لتصل إلى 49.1%. ويضيف قائلاً: “ما يعني 255 ألف شخص عاطل عن العمل خلال الربع الأول من عام 2018”. ويذكر أن 64% من نسبة البطالة هي بين الخريجين الجامعيين. ويعتمد نحو مليون فلسطيني، بحسب الطباع، على ما يتلقوه من مساعدات من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، و المؤسسات الإغاثية الدولية والعربية العاملة في قطاع غزة. ووصل معدل الفقر في قطاع غزة، وفق الطباع، إلى 53%؛ حيث وصلت نسبة الفقر المدقع إلى 33%. ويشير المسؤول بالغرفة التجارية لغزة إلى أن حوالي 72% من الأسر الفلسطينية تعاني من انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة. وأما فيما يتعلق بالقدرة الشرائية للمواطنين، فقد انعدمت هذه القدرة الشرائية بالتزامن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية. وبحسب الطباع، فقد انخفض عدد شاحنات البضائع الواردة إلى قطاع غزة بالربع الأول من العام الجاري، بنسبة 50% ( أي من 750 شاحنة يومياً، إلى 350 شاحنة). ويقول الطباع إنه بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة، انخفض حجم المبيعات لدى التجّار لأكثر من 50% الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :