واشنطن تطمئن حلفاءها وتستبعد رفع العقوبات قبل نزع «النووي»

  • 6/15/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حذر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أمس، من أن جهود السلام مع كوريا الشمالية يمكن أن تواجه «مخاطر»، مؤكداً ضرورة إبقاء العقوبات على بيونغ يانغ إلى حين قيامها بإزالة ترسانتها النووية. وصدرت تصريحات بومبيو خلال جولة إقليمية لإطلاع المسؤولين الكوريين الجنوبيين واليابانيين والصينيين على تفاصيل قمة الرئيس الأميركي دونالد ترمب التاريخية مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في سنغافورة. وتسعى الولايات المتحدة إلى طمأنة حلفائها الآسيويين، وأكدت أن الزعيم الكوري الشمالي فهم أن نزع سلاحه النووي يجب أن يتم «بسرعة»، وأن العقوبات لن يتم رفعها إلا في نهاية العملية. وشدد في هذا الإطار وزير الخارجية الأميركي، خلال زيارة إلى سيول توجه بعدها إلى بكين، على أن هدف واشنطن لا يزال «نزع السلاح النووي بشكل تام، ويمكن التحقق منه، ولا رجوع فيه» في كوريا الشمالية. وهذه الصيغة الأساسية ليست مدرجة في الوثيقة المشتركة التي وقعها ترمب وكيم في أعقاب القمة التاريخية بينهما، وتعرضت لانتقادات من عدة خبراء، لأن الزعيم الكوري الشمالي لم يتعهد سوى بـ«إخلاء كامل لشبه الجزيرة الكورية من السلاح النووي»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وأثارت هذه الصيغة مخاوف عدة بين الحلفاء والمراقبين، لأنها تستعيد وعداً قطعه الشمال قبلاً، ولم يف به. وكان بومبيو قد شدد عشية القمة على أن الولايات المتحدة لن تقبل إلا أن يكون نزع السلاح النووي «يمكن التحقق منه، ولا رجوع فيه». ولدى سؤال بومبيو حول هذا الموضوع، من قبل صحافيين في سيول، اعتبر وزير الخارجية أن كلمة «كامل تشمل يمكن التحقق منه، ولا رجوع فيه». وأكد بومبيو، الذي لعب دوراً محورياً في إطلاق الحوار مع بيونغ يانغ، أن وقف المناورات العسكرية المشتركة مع سيول رهن بمواصلة مفاوضات «بناءة» وبـ«نية سليمة» مع كوريا الشمالية من أجل تطبيق اتفاق سنغافورة. وكان ترمب قد أثار مفاجأة عندما أعلن وقف المناورات التي وصفها بـ«الاستفزازية جداً». من جانبها، لم تتناول وزيرة خارجية كوريا الجنوبية كانغ كيونغ وا هذه المسألة المثيرة للجدل، التي بدت كأنها تنازل كبير من قبل واشنطن لبيونغ يانغ، واكتفت بالقول إن الموضوع يجب أن يتم التنسيق بشأنه بين السلطات العسكرية للبلدين الحليفين، مؤكدة أن «التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة هو اليوم أقوى من أي يوم مضى». ومع أن الوزيرة الكورية الجنوبية أشادت بحرارة بـ«نجاح» القمة التي تشكل بالنسبة إلى سيول «منعطفاً» من أجل إحلال السلام في شبه الجزيرة الكورية، فإنها شددت على أن مفاوضات المتابعة مع بيونغ يانغ ستكون حاسمة من أجل تحقيق «تقدم ملموس». وقالت في مؤتمر صحافي إلى جانب نظيرها الأميركي إن «قمة 12 يونيو (حزيران) ليست هدفاً بحد ذاتها، بل انطلاقة جديدة حول نزع السلاح النووي». وكرر وزير الخارجية الياباني، تارو آسو، الذي حضر المؤتمر الصحافي، الفكرة لكنه بدا أكثر تحفظاً، وقال: «أجرينا نقاشاً صريحاً حول طريقة حض كوريا الشمالية على اتخاذ إجراءات ملموسة»، ملمحاً إلى غياب تفاصيل وجدول زمني في اتفاق سنغافورة، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وفي ما يتعلق بـ«الضمانات الأمنية» التي تعهد بها ترمب لكيم، أوضح وزير الخارجية الياباني أن لديه تأكيداً بأنها «لم تُمنح بعد»، وأنها «لن تتم إلا في مقابل تحقيق تقدم على طريق نزع السلاح النووي». وانطبق الأمر نفسه على «تعليق» المناورات العسكرية الأميركية - الكورية الجنوبية. وأكد آسو: «نعتقد أن التحالف بين الولايات المتحدة واليابان والردع» الذي تساهم به هذه المناورات «يلعبان دوراً حاسماً على صعيد الأمن في شمال شرقي آسيا»، مذكراً بالقلق الذي عبرت عنه طوكيو في وقت سابق. وأراد بومبيو، الذي توجه إلى بكين الحليف الرئيسي لبيونغ يانغ، أن يطمئن الدول حول مخرجات القمة التاريخية. وأوضح بومبيو: «نعتقد أن كيم جونغ أون يتفهم أن المسألة ملحة (...)، وأن علينا التحرك بسرعة»، مضيفاً أن الولايات المتحدة لديها «أمل كبير» بأن يتم «القسم الأكبر من نزع السلاح» الكوري الشمالي «في غضون عامين ونصف العام»، أي بحلول نهاية ولاية ترمب. وفي الوقت الذي دعت فيه روسيا مجلس الأمن الدولي إلى بحث رفع تدريجي للعقوبات الاقتصادية المشددة التي تفرضها على الشمال حول برنامجه النووي والباليستي، استبعد بومبيو هذه الفرضية، وقال: «في الماضي، كانت ترفع الضغوط الاقتصادية والمالية قبل أي نزع تام للسلاح النووي، لكن الأمر لن يتم كذلك هذه المرة». وأشار بومبيو إلى أن الرئيس ترمب «قال ذلك بوضوح خلال لقائه مع كيم»، مشيراً إلى أن «رفع العقوبات لا يمكن أن يتم، ما لم نحصل على دليل بأن كوريا الشمالية نزعت سلاحها النووي بالكامل». وقال بومبيو: «نعتقد حقيقة أن أمامنا طريق إلى الإمام بعد سنوات عدة، يمكن أن يؤدي إلى السلام»، لكنه حذر من أنه «لا تزال هناك مخاطر إزاء عدم تمكننا من تحقيق ذلك» الهدف، ودعا إلى القيام بالمزيد من العمل. وترحب الصين بتراجع التوتر مع جارتها الكورية الشمالية التي تشكل التجارة معها نحو 90 في المائة من تجارة بيونغ يانغ. وأكد بومبيو أن الصين متمسكة بالعقوبات الدولية المفروضة على كوريا الشمالية حتى يقوم النظام بنزع كامل للأسلحة النووية. من جهته، أثنى الرئيس الأميركي على كيم، وقال إنه «شخص ذكي جداً» و«محاور بارع»، مضيفاً: «أعتقد أننا نفهم بعضنا بعضاً». كما قلل ترمب من أهمية الانتهاكات التي ارتكبها النظام الكوري الشمالي في السابق، وذلك في مقابلة قال فيها إن دولاً أخرى قامت أيضاً بـ«أعمال سيئة». وقال ترمب في المقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» الإخبارية إن «أشخاصاً كثيرين قاموا بأمور سيئة جداً، ويمكنني أن أعدد دولاً حصل فيها الكثير من الأمور» السيئة. وبحسب وزارة الخارجية الأميركية، فإن نظام كيم يعتقل ما بين 80 و120 ألف سجين سياسي في معسكرات أشغال شاقة، حيث يتعرضون للتعذيب والتجويع القسري. وإضافة إلى الانتهاكات في الداخل، يشتبه بأن كيم أعطى أوامر اغتيال أخيه غير الشقيق في مطار ماليزي، العام الماضي. بدوره، حظي الرئيس الصيني شي جينبينغ بعبارات الإطراء في مقابلة ترمب، الذي وصفه بأنه «شخص رائع»، وقال: «أساساً هو رئيس مدى الحياة، وهذا جيد». على صعيد آخر، عقدت الكوريتان الشمالية والجنوبية، أمس، أول محادثات عسكرية بينهما منذ أكثر من 10 سنوات، عندما التقى جنرالات من الجانبين بعد يومين فقط من إعلان ترمب عن خطته لوقف مناورات عسكرية مشتركة مع سيول. وتأتي المحادثات التي عقدت في قرية بانمونجوم، في المنطقة الحدودية منزوعة السلاح، في أعقاب القمة بين الكوريتين في أبريل (نيسان)، التي اتفق خلالها البلدان على تهدئة التوترات، ووقف «كل الأعمال العدائية». وكان من المقرر عقد المحادثات العسكرية في مايو (أيار)، لكنها تأجلت بعدما ألغت بيونغ يانغ اجتماعاً مقرراً آخر رفيع المستوى، اعتراضاً على تدريبات جوية قتالية بين الولايات المتحدة والجنوب. وعادت العملية إلى مسارها خلال قمة ثانية في وقت سابق هذا الشهر بين كيم والرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن، كما ذكرت وكالة «رويترز». وكانت آخر مرة عقدت فيها الكوريتان محادثات عسكرية في 2007. وقال آهن إيل - سان، رئيس وفد كوريا الشمالية، إن التأجيل كان بسبب «رياح معاكسة محددة»، دون الخوض في تفاصيل، وأضاف أنه يجب على الجانبين التغلب على العقبات المستقبلية بناء على التفاهم المشترك وروح القمة بين الكوريتين. وقال كيم دو - جيون، كبير مفاوضي كوريا الجنوبية، وهو المسؤول عن سياسات كوريا الشمالية في وزارة الدفاع، للصحافيين قبل السفر إلى المنطقة منزوعة السلاح إنه سيبحث مع آهن سبلاً لتهدئة التوترات العسكرية وموعد الاجتماع الوزاري. ويتوقع أيضاً أن يناقشا تأسيس خط ساخن بين الجيشين، وفق «رويترز». وفي إطار جهود التهدئة، تُعدّ اليابان للقاء بين رئيس الوزراء شينزو آبي والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بعد القمة الأميركية - الكورية الشمالية هذا الأسبوع، بحسب ما أوردته عدة وسائل إعلام يابانية. وتريد طوكيو، التي ظلت إلى حد كبير على هامش التحركات الدبلوماسية المكثفة في الأشهر الماضية، أن تتباحث بشكل مباشر مع بيونغ يانغ حول مسألة الرعايا اليابانيين المخطوفين من قبل عملاء كوريين شماليين في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، وهي مسألة ترتدي أهمية بالنسبة إليها، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وأوردت صحيفة «يوميوري شيمبون» أن المسؤولين اليابانيين يدرسون احتمالات عدة، بينها زيارة لآبي إلى بيونغ يانغ في أغسطس (آب)، مشيرة إلى احتمال لقاء على هامش منتدى اقتصادي مقرر في سبتمبر (أيلول) المقبل في أقصى شرق روسيا. وأفادت وسائل إعلام يابانية عدة، أمس، أن كيم أبدى استعداداً للقاء آبي خلال قمته التاريخية الثلاثاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في سنغافورة. وقالت صحيفة «سنكاي» إن «كيم قال خلال القمة: أريد لقاء رئيس الوزراء شينزو آبي». وخلال لقاء مع عائلات مخطوفين، أكد آبي مجدداً أنه يرغب في إجراء مناقشات مباشرة، وقال: «سأتوجه بشكل مباشر (إلى كوريا الشمالية)، وسأعمل على تسوية قضية المخطوفين». وقالت وسائل الإعلام اليابانية إن مسؤولين من وزارة الخارجية اليابانية يعتزمون إجراء محادثات مع مسؤولين من الشمال، خلال مؤتمر حول الأمن يعقد هذا الأسبوع في منغوليا. وكتبت صحيفة «يوميوري شيمبون» أنه يمكن أن يجري آبي محادثات مع كيم على هامش المنتدى الاقتصادي الشرقي، المقرر في فلاديفوستوك (روسيا) بين 11 و13 سبتمبر المقبل. ورفض المتحدث باسم الحكومة، يوشيهيدي سوغا، تأكيد المعلومات، وقال في لقائه المعتاد مع الصحافيين: «لم يتأكد شيء في الوقت الحاضر»، وأضاف: «إذا عقدت قمة يابانية - كورية شمالية، فمن المهم جداً أن تؤدي إلى حل قضايا البرنامج النووي والصواريخ، وقبل كل شيء عمليات الخطف». وصرح شيغيو إيزوكا، الذي خطفت شقيقته قبل نحو 40 عاماً: «إنها البداية الأولى»، وأضاف: «لا يمكنني أن أقول لأختي غير (سامحيني)... لكنني أريد أن أقول لها أيضاً: لا تفقدي الأمل، واصمدي قليلاً». وتلقي مسألة المخطوفين الذين تم خطفهم من اليابان في القرن الماضي، لتدريب جواسيس في كوريا الشمالية على اللهجة والثقافة اليابانية، بظلالها على العلاقات بين البلدين. وكان ترمب قد قال، الثلاثاء، إنه تباحث مع كيم في المسألة، لكنها وعلى غرار قضية الصواريخ التي يمكن أن تضرب اليابان لم ترد في الوثيقة المشتركة التي وقعها المسؤولان عقب القمة في سنغافورة، التي تعهدا بموجبها بالعمل من أجل «النزع التام للأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية».

مشاركة :