جهود مكافحة الإرهاب تهيمن على جلسات منتدى حوار المنامة

  • 12/7/2014
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في جلسات اليومين الأول والثاني من أعمال منتدى «حوار المنامة» في نسخته العاشرة، ركز المشاركون على جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط وتقديم الدعم الكامل من دول المنطقة للحد من هذه الظاهرة وانعكاساتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما تناول المشاركون القضايا التي تواجه المنطقة ومن أبرزها المفاوضات حول ملف إيران النووي وأمن الخليج. وكان ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة دعا المجتمع الدولي لدى افتتاحه الدورة العاشرة من «حوار المنامة» - الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن وتستضيفه البحرين - إلى التخلي عن عبارة «الحرب على الإرهاب» وتعويضها بمحاربة «ثيوقراطية الشر» في إشارة إلى تنظيم داعش. من جانبه، أكد وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري أن مواجهة الإرهاب المتمثل حاليا بتنظيم داعش تتطلب وقوف المجتمع الدولي بشكل حازم من خلال اتحاد دولي، ودعم العراق الذي يتعرض إلى انتهاك إنساني فاضح. وقال الجعفري، الذي ألقى كلمته كمتحدث رئيسي في الجلسة الثانية والتي كانت بعنوان «العراق وسوريا والأمن الإقليمي»، إن مواجهة الإرهاب هي بمثابة حرب عالمية ثالثة فعلية حتى وإن لم يطلق عليها هذا الاسم، موضحا أن عنصر الخطر الذي تمثله الجماعات الإرهابية يتمثل بانتشار أفكارها إلى مختلف دول العالم ووصولها إلى الشباب والتغرير بهم، موضحا أن مقاتلي «داعش» يأتون من مختلف دول العالم ومن الدول الأوروبية. وأضاف أن عنصر الخطر الثاني لـ«داعش» يتمثل في الوحشية المفرطة التي تقوم بها في المناطق التي تخضع لسيطرتها، وقتل كل من تختلف عنه دون تمييز، مؤكدا أن هذا التنظيم «ليست له علاقة بالدين أو الإسلام الذي يدعو إلى التسامح». وبين وزير الخارجية العراقي أن ما يوقف «داعش» هو احترام حقوق الإنسان وشجب أفعالهم بشكل حقيقي وحازم، مشددا على ضرورة وقوف المجتمع الدولي ضد هذا التنظيم مثلما وقف ضد النازية في الحرب العالمية الثانية. وعن الوضع العراقي أوضح الجعفري أن العراق عمل على تشكيل حكومة وبرلمان يمثل مختلف أطياف الشعب العراقي، كما أن الحكومة العراقية «تدير عجلة الحرب ضد (داعش) دون الاستغناء عن الدعم الدولي»، مشيرا إلى وجود الكثير من اللاجئين الذين يحتاجون إلى مساعدات في المناطق التي قام بتخريبها الإرهاب. من ناحيته، قال جان إيف لودريان، وزير الدفاع الفرنسي، الذي تشارك الجلسة الثانية مع وزير خارجية العراق، إن محاربة الإرهاب تتم من خلال دعم السلطات العراقية وتوفير السلاح لها، موضحا أن «هذا الدعم أدى إلى تراجع (داعش) لكنه غير كافٍ إلا من خلال تجفيف منابع الإرهاب سياسيا وماليا»، مؤكدا أن «ما يحدث في العراق وسوريا يمثل خطرا كبيرا وأزمة قاسية شهدت تطورا مخيفا من خطر إرهابي عالمي. وعن الحركات الإرهابية أوضح لودريان أن هناك ثلاث كتل شكلت الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، أولاها تتمثل في تنظيم «القاعدة» الذي يمثل المصدر التاريخي للإرهاب والذي لديه أذرع في مختلف دول العالم. والكتلة الثانية تتمثل في تنظيم داعش الذي يبحث عن موطئ قدم في العراق وسوريا لينطلق إلى دول أخرى، والثالث والجماعات الراديكالية في دول شمال أفريقيا. وأضاف أن تنظيم داعش لديه ما يقارب 30 ألف مقاتل يأتون من مختلف دول العالم عربية وآسيوية وأوروبية، مضيفا أن عدد المقاتلين من فرنسا بلغوا 370 مقاتلا في سوريا. وعن الوضع في سوريا أوضح لودريان «إننا ندعم الجماعات المعارضة غير الجهادية التي تعمل على وحدة سوريا»، مؤكدا أن النجاح في مواجهة الإرهاب لن يكون إلا جماعيا. من ناحيته، انتقد وزير الخارجية المصري سامح شكري مواقف المجتمع الدولي تجاه ما يحدث في المنطقة، مؤكدا أن عدم وجود رؤية واضحة ومتكاملة لدى القوى الخارجية حول كيفية التعامل مع تلك القضايا ومع دول وشعوب المنطقة، التي أضحت بدورها أكثر وعيا وإدراكا في تفاعلاتها مع القوى الخارجية، يُضفي قدرا لا يُستهان به من الريبة والشكوك المتبادلة، ويضاعف من صعوبة استخلاص تصور عام حول المخرجات النهائية للتحولات الجارية في المنطقة والتحديات التي تفرضها والأولويات التي يتعين تبنيها في مواجهتها. وقال شكري في مداخلته بأعمال المنتدى إن مراجعة عناصر البيئة الخارجية والتحدياتِ السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة تشير إلى عدد من مصادر التهديد وربما الفرص في آنٍ واحد، وهى مراجعة يمكن إيجازُ أهمها في النقاط التالية: - انخفاضُ معدلات التنمية، لا سيما بمفهومها الشامل، في غالبية دول العالم العربي، وفى الوقت ذاته ارتفاع نسب نمو سكانها الذين يتكون غالبيتهم من الشباب المتطلع إلى الحصول على مستويات أفضل من التعليم والخدمات الصحية والوظائف. - تعاظم الضغوط التي تواجهها فكرة الدولة القومية والهوية الوطنية الجامعة في بعض الحالات نتيجة محاولات الإيحاء بأن قصور الحكومات لا يتعلق بعوامل سياسية أو اقتصادية وإنما بفشل فكرة الدولة القومية ذاتها. - استغلال مرحلة التحول الاجتماعي التي تمر بها المنطقة من جانب الجماعات التي تدعو إلى الفكر المتطرف والتكفيري في أرجاء المنطقة بل والعالم، وارتباط ذلك بانتشار تنظيمات إرهابية في المنطقة وتخومها. - بروز الصراعات المذهبية والعرقية التي تفشت وباتت تهدد الاستقرار الداخلي لعدد من دول المنطقة، والتي أسهمت في إذكائها تدخلات بعض القوى الدولية والإقليمية. - ارتباط ما تقدم بصعود واضح لدور فاعلين غير حكوميين يسعون لإضعاف بل وتفتيت الدولة القومية لصالح روابط عابرة للحدود تستند للدين أو المذهب أو العرق، مع تنامي التدخلات الخارجية المباشرة في الشؤون الداخلية لدول المنطقة على نحو يؤثر على أمنها ومصالحها. - غموضُ مستقبل عملية السلام من حيث فرص نجاحها أو تكرار الإحباط والفشل مع استمرار تقويض الأساس الجغرافي للتسوية وفقا لصيغة الدولتين ومن ثم مستقبل فكرة المفاوضات ككل في غياب عوائد السلام التي من شأنِها تأكيد شرعيته كخيار استراتيجي. - التهديدُ الذي يمثله استمرار الخلاف حول برنامج إيران النووي والمعضلة التي يطرحها ما بين مخاوف الانتشار وحق الدول أعضاء معاهدة منع الانتشار في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، مع تعثر جهود إخلاء منطقة الشرق الأوسط من كل أسلحة الدمار الشامل. وحدد شكري الأولويات التي يجب أن ينطلق منها التحرك لمعالجة كل الملفات الساخنة في المنطقة في النقاط التالية: - دعم دور الدولة المدنية الحديثة وتعظيم استخدام الموارد الاقتصادية لزيادة القدرات في مواجهة التهديدات وبناء هياكل عصرية للتكامل الاقتصادي بين الدول العربية، وللتعاون بينها وبين باقي دول الإقليم على أسس أهمها تبادل المصالح وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. - تحقيق التنمية المستدامة في المنطقة استنادا إلى مفهوم الأمن الشامل وليس فقط لبعديه الأمني والعسكري، مع معالجة الاختلالات الاقتصادية الاجتماعية والتنموية لأن استمرارها سيكون هو التحدي الأكبر للأمن في المنطقة، بيد أن معالجة هذه الاختلالات البنيوية لا تعني الترويج لنظرية تقاسم الثروة، وإنما لمعادلة تحقيق المصالح المشتركة من خلال تعزيز الاستثمار المتبادل، وتوظيف الفوائض الرأسمالية في شراكات تعود بالنفع على الدول المصدرة والمستقبلة لهذا الاستثمار. - ارتباطا بما تقدم، فإنه رغم الأهمية القصوى لمواجهة تنظيم داعش في المهد، فإن ذلك ينبغي أن يتم ضمن إطار استراتيجية شاملة لمحاربة جميعِ التنظيمات متشابهة الفكر في المنطقة، مع استهداف القضاء على ذلك التنظيم عسكريا وفكريا وحرمانه من التعاطف والتمويل، وإلا فإنه حتى وإن توارى في العراق فسوف يعاود الظهور في أماكن أخرى من العالم، فالجميعُ بلا استثناء ليسوا بمأمن من هذا الخطر. - إسباغ أولوية متقدمة على جهود استئناف مسار المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين وصولا إلى تسوية سلمية وإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة وذات سيادة حقيقية، فلا يوجدُ بديل استراتيجي لاستئنافِ المفاوضاتِ في ظل تكلفة الفراغِ الناشئ عن جمودها وتراجع الأمل في تحقيقها لنتائج ملموسة. ومن المهم هنا توظيف المبادرة العربية للسلام، واستعادة الدعم الدولي لأسس المفاوضات ودفعها من خلال مجلس الأمن لتأكيد أنه لا سبيل للالتفاف حول هذه الأسس من خلال فرض حلول أحادية أو مواجهات غير مجدية. - تعزيز الحوار بين الدول العربية وبين كل القوى الدولية الفاعلة سواء التقليدية أو البازغة، والنظر في كيفية توظيف ذلك الحوار في دعم استقلالية القرار العربي وتنويع خياراته الاستراتيجية. - العمل تدريجيا على إرساء علاقات جوار صحية تتسم بالتكافؤ والندية بين دول منطقة الشرق الأوسط من خلال إجراءات تُسهم في ضمان الحفاظ على أمن واستقرار الإقليم، على أساس المبادئ والاتفاقيات الحاكمة للعلاقات الدولية، وبعيدا عن محاولات التمدد أو بسط النفوذِ. - إن تشجيعَ الحوارات القائمة على الاحترام المتبادلِ بين الأديان والمذاهب والطوائف وتعزيز قيم العيش السلمي المشترك بات ضرورة ملحة في مواجهة أفكار الإقصاء والاغتراب داخل المجتمعات.

مشاركة :